مؤسسة الجيش العراقي موضع تشكيك بالمكانة

من المعيب أن تصبح المؤسسة العسكرية العراقية لعبة بيد السياسيين.

مؤسسة الجيش العراقي مؤسسة عسكرية عراقية مرموقة. ولعقود من الزمن يشهد لها الأعداء والخصوم قبل الأصدقاء، إنها كانت المصنع والمدرسة التي خرجت عشرات الآلاف من الأبطال الميامين ذوي البأس، وممن شاركوا في التصدي لكل التحديات التي واجهت بلدهم، ومن كل صنوف القوات المسلحة. تجد هذه المؤسسة نفسها الآن أنها أمام اتهام خطير وحالات تشكيك بالولاء تمس سمعتها في الصميم.

يحفل تاريخ الضباط العراقيين، ومن ينضوون تحت لواء تلك المؤسسة العراقية وضباطها الاكفاء، التي تنتسب الى وزارة الدفاع، بأنها وما تزال، هي مصنع الرجال الأسود، ومن جربتهم سوح الوغى في كل المنازلات التي شهدها العراق، في أشرس مواجهات وحالات تآمر وإستهداف مختلفة، واجهها هذا البلد على مر تاريخه، وخرج منها مرفوع الرأس، وهو يذيق العدا مر الهوان.

ولم يجرؤ حتى الكيان الصهيوني وقادته العسكريين، ولا مؤسسات الغرب العسكرية العملاقة أن تنال من مؤسسة الجيش العراقي، أو أن تقلل من حجم قدراتها ومهارات أبطالها ورجالها الأشاوس، بل بقيت تلك المؤسسة محل احترام وتقدير لمكانتها ودورها على الدوام، وصفحاتها المشرقة في كل الحروب التي واجهتها، كانت محل ثناء الاعداء والخصوم قبل الأصدقاء، لا كما يجري الآن من محاولات من الداخل لثلم تاريخ تلك المؤسسة العسكرية العراقية، التي تعد سمعتها خطا أحمر لا يمكن أن تناله يد آثمة، مهما كان لونها او شكلها او مسمياتها، وهي التي "يحلف" برؤوس أبنائها العراقيين، على أنهم هم ألأمل المرتجى الذي يحفظ الديار ويحمي الكرامة، ويحافظ على شرف العراقيين والعراقيات من أن يتعرض للامتهان.

وترى كثير من قيادات هذا الجيش برتبها العامرة بالهيبة ورفعة الرأس، وكل منتسبيها بكل صنوفهم، أنها لم تعد تتحمل كل تلك الرشقات من حملات التشويه والافتراء التي تواجهها تلك المؤسسة النظيفة الشريفة الأصيلة في انتمائها لتربة بلدها ووطنها وتاريخه المشرف، من أن يأتي من لا أحد يعرف عن تاريخه شيئا، ليحاول ان يلطخ سمعتها، بافتراءات وتهم ما أنزل الله بها من سلطان.

والأخطر من هذا كله، هو أن هناك محاولات تجري على قدم وساق، لتفكيك تلك المؤسسة من جديد، بعد إن فككها الاميركان بعد احتلالهم للعراق، وابعدوها عن أي دور محوري في تاريخ العراق، وتحولت حتى بعد إعادة بعض هياكلها، الى مؤسسة ثانوية ولن تعطى لها الاعتبار والمنازل التي تستحق، وراحت جهات تمارس الهيمنة على مقدرات تلك المؤسسة للعمل على إنهاء دورها شيئا فشيئا، بل واتهامها بالتآمر على العراق وعلى تاريخه الوطني، برغم الانتصارات الكبيرة التي حققتها، وبخاصة في المواجهة مع داعش، في محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين وديالى وكركوك وكل المحافظات العراقية، التي وطأتها ارض الارهاب، وكأن القادة العظام لتلك المؤسسة أصبحوا حجر عثرة بوجه محاولات إعادة الهيبة للمؤسسة العسكرية العراقية التي عانت ما عانت من فقدان المكانة، وها هي، في مراحل أن تلفظ أنفاسها الاخيرة، بعد إن تم إنهاء دورها، وكأنها أصبحت وديعة في أحد متاحف الآثار، بل أنها أمست من ذكريات الماضي القريب.

ومن الكبائر أن يتم مصادرة أدوار تلك المؤسسة، حتى أن منصب وزير الدفاع نفسه بقي مجرد هيكل على شكل نصب إسمه وزير الدفاع وهو لا يهش ولا ينش، وليس بمقدوره أن ينقل جنديا واحدا او يعين آخر في أي مفصل من مفاصل تلك المؤسسة العريقة، وتحول منصب وزير الدفاع الى سوق للمزايدات بالرغم من أنه، ليس له أية علاقة برسم استراتيجيات تلك المؤسسة، أو خططها الحربية ولا تحركات قطعاتها، بل ربما ليس له أي حق حتى بزيارة قطعاته، إلا بموافقة من جهات خاصة من خارج تلك المؤسسة، والا سيكون مصيره في خبر كان.

ليس من اللائق ولا من الحكمة ولا من المعقول، أن يجري تشويه سمعة تلك المؤسسة العسكرية ولا النيل من دورها ومن مكانتها. وينبغي أن يدرك الجميع، بضمنهم ساسة البلد الحاليين، ان مرحلة الانقلابات العسكرية قد إنتهت الى غير رجعة وان هناك انتخابات ديمقراطية هي من ترسم بعض معالم تسلم السلطة وتوزيع كراسها برغم تشكيك العراقيين بتلك الممارسة التي تتخذ من الديمقراطية المزيفة واجهة لعملها.  العراقيون، ناقمون على ممارساتها وفساد رؤوس سلطتها وما يتحدثون به علنا من على وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وفي مجالسهم الخاصة والعامة شاهد على ما نقول، وعلينا أن ندرك كعراقيين كذلك حقيقة وان كانت مرة، وهي أن تقرير مستقبل العراق الآن ليس بيد أبنائه، بل هو مرهون بإرادات خارجية، يعرفها الجميع وهي المحيط الأقليمي والدولي. وإذا ما إستمر الحال في إبعاد رجالات المؤسسة العسكرية عن أدوارهم وتهميش مكانتهم، وتوجيه التهم لهم، وتركهم مجرد هياكل بشرية ليس لها دور في صنع القرار الوطني العراقي، فيعني هذا أننا سنقرأ على البلد السلام.