ماذا بقي من المرشد الاعلى

عندما طالب رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني قبل وفاته المفاجئ والمشكوك في أمره بأشهر، بأن يتم جعل منصب المرشد الاعلى في إيران ضمن قيادة جماعية، فقد ثارت ثائرة التيار التابع لعلي خامنئي وإتهموا رفسنجاني بالخيانة. ولكن يبدو أن رفسنجاني وبعد أن رأى بأن خامنئي قد فقد هيبته بعد إنتفاضة 2009، أراد تدارك الوضع المتجه نحو الاسوأ وإنقاذ الموقف، خصوصا بعدما صار واضحا بأنه قد حدثت أخطاء شنيعة في عهده. ولكن وبدلا من أن يتم الاخذ بكلام رفسنجاني وتدارك الوضع، جاءت الوفاة المفاجئة لرفسنجاني لتنهي هذا المقترح من أساسه، خصوصا وإن أحدا لم يكن بوسعه طرح هكذا مقترح سوى رفسنجاني.

وصف الرئيس الايراني السابق، أحمدي نجاد لخامنئي قبل فترة قصيرة بالديكتاتور وإنه يمتلك ثروة هائلة، تشبيه القيادي في تيار الرئيس روحاني، لخامنئي بأنه كوزير إعلام هتلر، جوزيف غوبلز، أي كونه كذابا مثله، بل إنه قد ذهب بعيدا جدا عندما طالب خامنئي بأنه "لو كان صادقا في ادعاءاته فليطرح الاستفتاء حول منصبه أو يسمح بانتخابات حرة لاختيار أعضاء مجلس خبراء القيادة يعكس التنوع السياسي في البلاد"، بالاضافة الى الهجمات اللاذعة الاخرى التي تعرض لها من جانب روحاني وغيره، تدل بصورة ليس عليها غبار من إن منصب المرشد قد فقد هيبته ومكانته في عهد خامنئي، خصوصا إذا ماأعدنا للإذهان الشعار الذي هتف به الشعب الايراني في الانتفاضة الأخيرة "سيد علي أخجل وأترك الكرسي"!

هذه الهجمات التي تعتبر بحكم الهالة التي أحاطوا بها منصب المرشد، تطاولا كان يمكن أن يؤدي بمن لو كان قد ارتكبه في عهد الخميني لكان قد كلفه حياته، ولكن خامنئي وفي ظل الاوضاع الوخيمة التي يعاني منها النظام والشعب وإيران بصورة عامة بسبب من قيادته غير الحكيمة والمليئة بالاخطاء والتخبطات والقرارات الانفعالية، ليس بإمكانه أن يكون حازما وحاسما كالخميني ضد قادة ومسؤولي النظام ولاسيما بعد وفاة رفسنجاني المحاطة بالشكوك، إذ يبدو إن هناك معلومات عند البعض من قادة النظام لو تم الادلاء بها فإنها ستقلب الاوضاع كلها رأسا على عقب ويكون المتضرر الاكبر خامنئي نفسه.

خامنئي الذي هزته بقوة ضربة إنتفاضة 2009، وأفقدته الهالة التي كانت تحيط به، فإن الانتفاضة الاخيرة التي إعترف بنفسه بأنها كانت بقيادة الخصم اللدود للنظام منظمة مجاهدي خلق، قد هزت النظام برمته وجعلت منه شخصيا هدفا محتملا، بل وحتى يمكن أن يكون مرشحا ككبش فداء من أجل عبور النظام الى ضفة الامان التي على الاغلب لم يعد لها من وجود!