مخاطر المشروع الايراني لإزاحة الحلبوسي ونواب الأنبار

دعوة لقيادة جماعية للمكون السني تضع استراتيجية التحرك المستقبلي لإعادة الاعتبار لمكونهم.
إيران أدركت ان فوز الحلبوسي سيكون عاملا يقف بوجه تطلعاتها للإيغال في تحجيم المكون السني
على الحلبوسي ان يعلم ان الخنجر يراوغ معه وان اي حديث عن ورقة سنية موحدة هو ضحك على الذقون

هناك جملة تحركات سياسية خطيرة، يرسم معالمها المشروع الإيراني في العراق، وهو يهدف في المقام الأول إلى إزاحة نواب الانبار وسياسييهم ودورهم المستقبلي الفاعل في المشهد السياسي عموما والمشهد السني على وجه الخصوص. وأدرج هنا مخاطر هذا المشروع والطرق الكفيلة بمواجهته على الشكل التالي:

1. بعد اكتساح رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي في الانتخابات الاخيرة وحصده لـ 37 مقعدا لحزبه، أهلته كل تلك الأصوات الذهبية، لأن يكون رئيسا مرتقبا لمجلس النواب العراقي. ما يعني فقدان التأثير الايراني المستقبلي على المكون السني، مع إشارات إلى دعم خليجي (إماراتي سعودي) وتركي مرتقب، لأن يكون الحلبوسي الرئيس المرتقب لرئاسة البرلمان.

2. لقد أدركت إيران ان فوز الحلبوسي بالموقع المتقدم وترؤسه لمجلس النواب في دورته الجديدة، سيكون عاملا يقف بوجه تطلعاتها للإيغال باستهداف وتحجيم المكون السني، في وقت أدرك الحلبوسي نفسه ان قيادته لمجلس النواب السابقة لم تكن موفقة، وشابها بعض حالات الضعف فعلا، وينبغي ان تكون قيادته لها هذه المرة أكثر قوة وان يتحمل مسؤولية رد الاعتبار لمكونه.

3. هناك توجه مؤكد لدى بعض من نواب نينوى وصلاح الدين لإزاحة نواب الانبار من على واجهة زعامة المكون، أو العمل على تخليهم عن تحمل مسؤوليته، كونهم حصلوا على أعلى درجات القبول الجماهيري بين محافظاتهم، وبخاصة الحلبوسي الذي راح تأثيره يتسع في محافظات نينوى والانبار وحتى صلاح الدين، وهو ما أغاض بعض نواب نينوى وصلاح الدين على وجه التحديد للدفع باتجاه إزاحة الحلبوسي، وهو مشروع يتوافق مع المشروع الايراني الذي يقوده الشيخ خميس الخنجر (رئيس عزم) ويعمل بتوافق مع هذا الاتجاه قبل الانتخابات، دون أن يدرك حجم مخاطره، وربما ان نياته حسنة، لكن اصراره على ان يكون زعيما بارزا دونما سند سياسي داعم لمكونه فإن هذا سيعود عليه وعلي مكونه بأضرار خطيرة، وهو بإمكانه ان يكون له نفوذ سياسي دون ان يمضي بالتوافق مع المشروع الايراني.

4. لقد وجدت ايران وبعض القوي الشيعية ان رئيس عزم خميس الخنجر برغم انه لم يحصل سوى على 14 مقعدا في البداية، فإن بمقدوره أن يلتف على نواب اخرين وكسبهم اليه، على طريقة تحرك الاطار التنسيقي (الشيعي)، الذي يتولى قيادة معالمه المالكي والعامري، ويمكن ان يكون المشروع الايراني المقبل الذي ينبغي دعمه من خلال تحريض نواب نينوى وصلاح الدين ودفعهم باتجاهه لينضووا تحت مشروعه، وبخاصة ان الخنجر حسب اصلا على المشروع الايراني منذ سنوات، وجماعته أصبحوا هم المؤهلون لان تكون رئاسة البرلمان لهم وبخاصة النائب ثابت العباسي من نواب محسوبين على نينوى، حيث يؤكد متابعون انه مقرب لايران، والاكثر حظوة لتولي المنصب نكاية بالحلبوسي، الذي يرونه قد ابتعد عن المشروع الايراني، وضربهم (بوري) بعد أن ادرك مخاطر توجهاتهم على مستقبل محافظته وعلى مستقبل مكونه بشكل عام، والشخصية الثانية قد تكون محمود المشهداني ومحمد عبد ربه أو آخرين، حيث قيل ان اربعة مرشحين من عزم لهذا المنصب.

5. وهم أي جماعة المشروع الايراني عزم والذي يرأسه الخنجر يهدف من وراء ذلك ان يكون أحد نوابه رئيسا للبرلمان ويسحب بقية نواب تقدم اليه، لكي يحصلوا على مناصب وزارية ومناصب أخرى مهمة، وهو ما يجري العمل على تنفيذه في الخطوة اللاحقة، بعد ارغام القوى الاخرى الشيعية والكردية لعدم تجديد الولاية للحلبوسي.

6. ينبغي على نواب الانبار وبعض الوطنيين من نواب محافظات أخرى ان يفشلوا المشروع الايراني وان يلتفوا حول الحلبوسي أو مشروع تقدم، كونه سيكون خط الصد الأول بوجه المشروع الايراني، وان يبذل مع القوى السياسية الاخرى ومع القوى الاقليمية الداعمة له وهي الخليج وتركيا ان عدم التجديد للحلبوسي يعني مؤامرة خطيرة تستهدف ليس أهل الانبار وزعامتهم، ولكن تستهدف المكون السني كاملا لوجود اطماع من الخنجر ومن نواب نينوى وصلاح الدين في الاشتراك بمؤامرة لازاحة الحلبوسي، كون الانبار تحولت إلى قلعة صمود للمكون السني، وهم يريدون اعادة نينوى لتكون هي الواجهة ولكن من خلال الدعم الايراني لنواب نينوى وصلاح الدين.

7. ينبغي إدراك حقيقة أن أحد أسباب إخفاق السيد أسامة النجيفي في الانتخابات الاخيرة هي رفضه الكامل لأية توجهات ايرانية لاستهداف المكون السني ورفض هيمنتها على مقدراته، لكنهم وجدوا الان نوابا من نينوى وصلاح الدين لديهم استعداد للتعاون مع ايران وتنفيذ أجنداتها في المنطقة، وهم لديهم أن المناصب هي أهم لديهم من مستقبل العراق ومستقبل مكونهم، وراحوا يوالون المشروع الايراني مادام يمنحهم فرصة الحصول على مناصب مهمة في الحكومة المقبلة، بالاضافة إلى منحهم رئاسة مجلس النواب وحرمان الحلبوسي من ان يتقلد هذا المنصب مرة أخرى، بعد ان حقق مكاسب كثيرة للمكون السني أهمها انه يريد الابتعاد بهم عن المشروع الايراني.

8. واذا جرى استبعاد الحلبوسي من رئاسة مجلس النواب فعليه المطالبة أما ان يكون نائبا اول لرئيس مجلس الوزراء، برغم الغاء المنصب في فترة تولي العبادي، ويمكن اعادته، كشرط لقبول تخليه عن منصب رئاسة البرلمان، أو وزيرا للمالية المنصب السيادي الأول، وهو ما يجعله في موقع القرار المتقدم، أو كحد أدنى نائبا لرئيس الجمهورية وهو المنصب الاقل مكانة، وان يحصل نوابه على وزارات سيادية واخرى وزارات ومناصب مهمة كوكلاء وزارات أو في رئاسة أحد أجهزة الأمن القومي وبخاصة المخابرات.

9. يكون من المفيد كسب الزعامات السنية القوية لاقامة تجمع سياسي لهم، يكونوا في هم أهل الحل والعقد، ويشمل السيد أسامة النجيفي المحسوب على نينوى والسيد صالح المطلك المحسوب على الانبار والشيخ شعلان الكريم عن صلاح الدين والسيد سليم الجبوري عن ديالى أو حتى السيد محمود المشهداني عن بغداد، وان كان نائبا في البرلمان، الا انه يشكل زعامة سياسية خارج البرلمان تنأى بنفسها عن المشروع الايراني، وشخصية أخرى عن كركوك كأرشد الصالحي، ويتولى مجلس القيادة الجديد رد الاعتبار للمكون السني ورسم استراتيجية قيادة التجمع السني مستقبليا، ويمكن ان يتوافق السيد أسامة النجيفي مع هذا المشروع بعد خسارته الاخيرة في الانتخابات كونه رفض بشدة المشروع الايراني ووقف بصلابة ضد توجهاته وحذر من مخاطره على العراق والمنطقة، وينبغي ان يدرك الحلبوسي ان اعادة الاعتبار للسيد النجيفي سيكون مهمة وطنية وفيها مكاسب سياسية له ان حصل على دعمه له.

10.ينبغي التحرك سريعا على نواب الانبار وشيوخهم ورجالات اعمالهم وتحذيرهم مما يحاك لهم من مخاطر مرسومة تستهدف محافظتهم، واذا لم يضغطوا كجماعة موحدة متماسكة فان ريحهم ستذهب ولن تقوم لهم قائمة بعد اليوم.

10.ينبغي ان يدرك الحلبوسي ان الخنجر يراوغ معه، وان يدرك أن أية مفاوضات أو ورقة سنية موحدة لطرحها على المكون الشيعي هي مجرد ضحك على الذقون ليخلي له الجو ويبيع ربما كل التعهدات لمجرد حصول عزم على رئاسة مجلس النواب، وهو سوف لن يحقق أيا مما اتفق عليه أو تعهد به، وهي ستصبح ورقة محروقة لن تجدي نفعا ولن يطبقها أحد عن مكاسب مزعومة للمكون السني.

10.ويبقى العامل الاقليمي والدولي إن أحسن التحرك والضغط عليه، باتجاه تجديد الولاية للحلبوسي فيمكن التجديد له، والتأكيد لدول الخليج انه مشروعهم العربي الجديد، بمواجهة المشروع الايراني، وعلى تلك الدول ان تكف دعم الشخصيات الشيعية الموالية لايران، كونها تسهم في خراب مستقبل المكون السني، وتمعن في تقويض سلطته إلى الابد، وبهذا يمكن افشال المشروع الايراني بهذه التحركات والضغوط المطلوبة، إن تم التحرك بفاعلية وضغوط كبيرة في هذا الاتجاه وبدعم أميركي.

11. وان جرى الاصرار من قبل ساسة الشيعة وايران على عدم التجديد للرئاسات الثلاث، وفشل أي جهد لاعادة الحلبوسي، فيمكن ترشيح شخصية قوية من تقدم، لها مكانة خاصة وليس عليها فيتو من الكرد والشيعة، ولا يشترط ان تكون من تلي الحلبوسي مباشرة في زعامة تقدم، بل من شخصية محورية قادرة على تحقيق مكاسب فعلية للمكون السني وللعراق عموما، وفي حالة اخفاق التوصل إلى هذه الاحتمالات فيكون اختيار شخصية كفوءة من عزم شرط ان لا ترتبط بأي شكل من الاشكال مع المشروع الايراني، وربما تكون شخصية النائب القوي التوجهات محمد عبد ربه، تسير في هذا الاتجاه.

هذه أهم النقاط التي سلطنا عليها الضوء لمواجهة مخاطر المشروع الايراني والوقوف بوجهه لكي لا يبلغ أهدافه مجددا، ليحتوي المكون السني ويلتف عليه من خلال شخصيات طامعة بمناصب، ولديها الاستعداد لبيع بلدها في المزاد العلني، وابلاغ تلك القوى إن مخططاتها هذه ستنعكس سلبا عليها، وهي ستجلب كوارث لا تحمد عقباها إن مضت مع المشروع الايراني وفقا لتوجهاته.

وأملنا وامل كل أخيار العراق في كل محافظاتهم، أن يعي قادة المكون السني انهم بعد ان حصلوا على كل تلك المقاعد والمناصب فإن عليهم مسؤولية أن يدركوا حجم المخاطر التي تنتظرهم إن لم يوحدوا صفوفهم هذه المرة، لكي يعاد الاعتبار لمكونهم هذه المرة من خلال تشكيل قيادة سنية سياسية عليا، تتولى التخطيط لاستراتيجية عملهم وتحركهم، ونسأل الله تعالى ان يتوافق الخنجر مع المشروع العربي الذي أعلن عنه لا مع المشروع الايراني الذي أوضحنا مخاطره ليكون أحد رموز المكون السني، إن سار وتوافق مع رغبات ساسة هذا المكون ومع أمنيات وطموحات جمهوره الذي يبحث عن معالم حقيقية للوجود المستقبلي بعد إن تم إزاحة مكانته من الواجهة السياسية.