معوقات ومعالجات 'تعليم العربية لأبنائها على طاولة مكتبة الإسكندرية

احتفالاً باليوم العالمي للغة العربية، المكتبة تنظم من خلال مركز المخطوطات بالتعاون مع قسم اللغة العربية بكلية التربية بجامعة الإسكندرية ندوة افتتحها الدكتور أحمد زايد؛ مدير المكتبة وحاضر فيها مجموعة من خبراء اللغة العربية وعلومها في مصر.

احتفالاً باليوم العالمي للغة العربية، نظمت مكتبة الإسكندرية من خلال مركز المخطوطات، بالتعاون مع قسم اللغة العربية بكلية التربية بجامعة الإسكندرية، ندوة تحت عنوان: "تعليم العربية لأبنائها: معوقات ومعالجات"، وذلك يوم الخميس 15 ديسمبر/كانون الاول 2022.

افتتح الندوة الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، وحاضر فيها مجموعة من خبراء اللغة العربية وعلومها في مصر. دارت الندوة حول ثلاث جلسات؛ تناولت الجلسة الأولى "محتوى مناهج اللغة العربية في الوطن العربي".

وتناولت الجلسة الثانية لغة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، أدار الجلسة الشاعر الكبير، أحمد سويلم مقرر لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، حيث أكد أن  معظم أسماء القنوات التلفزيونية باللغة الأجنبية، على سبيل المثال ام بي سي، ال بي سي، أون سبورت، إلى آخر هذه المصطلحات، والمذيعين داخل هذه القنوات والبرامج المختلفة يخلطوا العامية بالفصحى باللغة الأجنبية، ما عدا طبعا القناة الثقافية والبرنامج الثقافي في الاذاعة المصرية. ونشرات الأخبار طبعا باللغة العربية الفصحى.

 وتحدث في الجلسة الأولى كل من الأستاذ الدكتور صبحي الفقي، أستاذ العلوم اللغوية، كلية الآداب، جامعة طنطا، حيث أشار إلى أن استخدام اللغة الفصحى أسهل من استخدام اللغة العامية، وليس كما يدعى الكثير من الناس أن العامية أسهل؛ والدليل على ذلك أن المتحدث لغير العربية يفضل الفصحي، وأن النص القرآني يفهم في كل الدنيا بالفصحى.

ويستنكر أنه هناك إشكالية تقنية؛ وذلك لأن أغلب الهواتف والكمبيوترات مبرمجة باللغة الإنكليزية، وهذا يضطر إلى استعمال اللغة اللاتينية، وهذا ما يثير تعجبه، وضعف الآداء اللغوي يفسر اللجوء إلى تلك الظاهرة، ولأنها هي اللهجة التي تنشأ عليها فتكون الأسهل لأنها الأسهل ولأنه لا يوجد تنشئة على اللغة العربية الفصحى، بالإضافة إلى أن كل اللغات تحتاج إلى الممارسة لإتقانها، وإذا مارسناها في غير أهلها تعرضنا إلى السخرية، وبالتالي ينتج عن عدم الممارسة قلة المخزون اللغوي وصعوبة استدعاء الألفاظ الصحيحة.

كما أشار إلى أن طالب دكتوراة في اللغة العربية يوضح أن السبب هو التعود أيضا،فأغلب المنطوق على اللسان عامية فمنالطبيعي أن نتكلم عامية.

وفي ختام كلمته تقدم الأستاذ الدكتور صبحي الفقي بعدد من المقترحات ومنها:

  • تخصيص جوائز توزع على الطلبة الذين يثبت أنهم يستخدمون اللغة العربية في وسائل التواصل الحديثة.
  • تخصيص جوائز توزع على أولياء امور الطلبة الذين يشجعون أبنائهم اللغة العربية.
  • إقامة المسابقات والأولمبياد لإبراز مهارات السرعة في استخدام اللغة العربية في أساليب التواصل الحديثة بلغة صحيحة ومعبرة في موضوعات يتم اقتراحها لجميع المراحل العمرية والمستويات الدراسية ويمكن أن تخصص منحة دراسية للطلاب المتفوقين لتكملة دراستهم.

ثم عرض الإذاعي القدير زينهم البدوي، أمين عام اتحاد كتاب مصر لورقته "لغة الإعلام من رصد الظواهر والتحديات الى تشخيص الداء وتحديد سبل الإصلاح"

حيث أكد أنه إذا كانت الرسالة تلزم الإعلاميين، وأهل الدعوة لزوم المقاصد والغايات، فإن اللغة تلزمهم لزوم الوسائل والأدوات أيضا، فهي البساط السحري الذي يحمل الفكر والوجدان إلى الألباب والأفئدة، كما أن غاية الإعلامي الإقناع بمخاطبة العقل والتأثير بمخاطبة الوجدان.

كما أشار إلى ضرورة أن ندرك أن التحديات والأخطار المحدقة بلغتنا بفعل فاعل؛ ذلك أن لغتنا من أهم مقومات هويتنا. وطمس معالم الهوية من الأهداف العليا للغزو الفكري والثقافي، كما نبه أن الخطر الداهم لا يكمن في أعدائنا، بل في أبنائنا من بني جلدتنا.

مكتبة الاسكندرية
حرصعلى تقديم عدة محاضرات تثقيفية ومتخصصة للتعريف بأهمية اللغة العربية وخصائصها

أما الإعلامي والشاعر محمود شرففعنوان ورقته هو "تحديات اللغة العربية بين الإعلام القديم والجديد"، فقال في كلمته "لعلنا جميعا كمصريين نتابع التحول الجذري الذي يحدث علي الساحة الإعلامية المصرية حيث تنتهي مرحلة وتبدأ مرحلة جديدة، نحن بصدد الانتقال من ماسبيرو أو ما عرف باتحاد الابداع التلفزيوني لسنوات طويلة الى مرحلة أخرى. انتقل فيها مركز الهيمنة والاشعاع الى هيئة اخرى او جهة اخرى هي التي تقود حركة الاعلام في مصر الان، وهم افتتحوا قنوات اخرى ولديهم مسار مختلف. ما يعنينا في الأمر هنا هو التوجه، فحينما كان الإعلام خاضعا لسلطة وزارة الاعلام سابقا ثم الهيئة الوطنية للإعلام حاليا كان المحتوي المقدم يخضع لبعض المحددات والمعايير".

وأشار إلى أنه حينما ظهرت موجة جديدة من الاعلام متمثل في وسائل التواصل مواقع الالكترونية وغيرها. بالتأكيد أثر هذا سلبا على وسائل الإعلام التقليدية فنجد الضوابط شبه غائبة.

في حين تتناول الجلسة الثالثة لغة الأدب، أدار الجلسة الثالثة أ.د. سالم عبد الرازق؛ رئيس قسم اللغة العربية، ووكيل كلية التربية، جامعة الإسكندرية.

وتحدث أولا د. أحمد بلبولة عميد كلية دار العلوم جامعة القاهرة عن"مستويات اللغة في النص الأدبي"،

حيث طمأن الحضورأن اللغة العربية لن تموت، فهي حية حتى مع متغيرات العصر، وتكنولوجيا المعلومات التي نعيش فيها الآن، وتؤكد الإحصاءات القريبة جدا أن هناك خمسمائة مليون متحدث تقريبا باللغة العربية، وأن سبعة وعشرين دولة يتخذون اللغة العربية لغة تمييز.

أما الشاعر الكبير عبد المنعم سالم فقد تحدث عن أستاذه للغة العربية، وعن محبته للغة، وكيف دفعه من صغره لحبها، بلطفه وأسلوبه الجميل، وحكى عن قصة قصيدة كتبها من 35 عاما على لسان محبوبته (زوجته وأم أولاده الآن) وقام بإلقاء القصيدة، التي لاقت استحسان الحضور.

واختتم الجلسة الشاعر والروائي أحمد فضل شبلول بورقة بعنوان "اللغة في الإبداع الروائي"، تحدث خلالها عن استخدام اللغة عند الروائي الكبير نجيب محفوظ في الثلاثية (بين القصرين، قصر الشوق، السكرية)، هذا العمل الضخم الذي يعد حجر الزاوية في إنتاجه الروائي، فقد استغرق في كتابتها أكثر من أربع سنوات، بدقة، بهدوء، بتألم،أتعبته جدا وكانت تحدوه الرغبة أن ينهي شيئا جيدا، ولكنه كان في صراع مع اللغة كيف يذللها؟ كيف يطوعها؟ كيف يكون الحوار مقبولا؟ مع أنه فصيح. وكان عليه الجمع بين اللغة الفنية واللغة الواقعية على لسان الشخصيات. وعن هذا الصراع يقول نجيب محفوظ نفسه:"التزمت الفصحى لأني وجدتها لغة الكتابة.

كما تحدث عن تجربته الروائية من خلال رواية رئيس التحرير،حيث أكثر من مستوى لغوي، خاصة أن الرواية تعبر عن المجتمع الخليجي، وكانت هناك شخصيتين من الجنسية الهندية في الرواية فكيف سيتحدثان باللغة العربية، فهنا كان لابد من التصرف اللغوي فلجأت الى اللغة الواقعية التي كان يتحدث بها الهنود وكانت هذه اللغة غريبة على أذن بطل الرواية، وكان استخدام هذه اللغة هو المخرج للحوار بين العرب والهنود، ثم تساءل عما إذا كان وفق أم لا؟

لذلك فهو يرى أن اللغة تشكل هاجسا للكاتب، وتحديا حقيقيا أثناء عملية الإبداع،فما الإبداع الكتابي في النهاية سوى نشاط لغوي.

جدير بالذكر أن الأمم المتحدة حددت اليوم العالمي للغة العربية في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام. وتأتي الاحتفالية في إطار الاحتفال السنوي الذي يقيمه مركز المخطوطات باللغة العربية، والذي يحرص فيه على تقديم عدة محاضرات تثقيفية ومتخصصة من شأنها التعريف بأهمية اللغة العربية، وخصائصها، كما أنها تلقي الضوء على الإشكاليات والصعوبات التي تواجه تعلمها وتطويرها.