من أجل مواجهة المشروع الطائفي لطهران

أحداث العراق ولبنان تذكير بأن مشاكل المنطقة أعمق من أن يتمكن مشروع طائفي ايراني من حلها.

ليس بإمكان أحد أن يدعي بأن المشاعر والاحاسيس الطائفية لم يكن لها من وجود في المنطقة، لكن وفي نفس الوقت أيضا ليس بإمكان أحد الادعاء بأن تلك الاحاسيس والمشاعر كانت عدائية دموية وكانت متقولبة بأطر سياسية مٶدلجة من أجل تحقيق أهداف وغايات معينة، فالاحاسيس والمشاعر الطائفية سواء عند الشيعة أم السنة كانت مجموعة أفكار غير مرتبة ولاتستند على أسس ومقومات وكانت تتبدد وتتلاشى مع إصطدامها بواقع الحياة الاجتماعية والتواصل مع الآخرين.

هذه المشاعر والاحاسيس كانت على هذه الحال حتى السبعينيات من القرن الماضي، لكن مع تأسيس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، والافكار والطروحات التي طرحتها في مشروع نظام ولاية الفقيه، فإن التغيير بدأ يطرأ على تلك الافكار والاحاسيس وصارت تنتقل من حالة البعثرة وعدم الترتيب وعدم الاستناد على أسس ومقومات الى حالة التأطر والترتيب والتنظيم وبدأت عدائيتها المفرطة مع طرح مفهوم "الاصح" و"الافضل" وهو ما يعني رفض وإلغاء الآخر. وبطبيعة الحال، فإن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ومع بدء إعلامه المسموم بالافكار الطائفية بطرح قضايا من قبل مظلومية الشيعة في بلدان المنطقة ومن إنهم تعرضوا ويتعرضون الى الظلم على يد الانظمة القائمة في بلدانهم، وتزامن ذلك مع التدخلات المريبة لهذا النظام في بلدان من المنطقة وشروعه بتأسيس أحزاب وميليشيات تدعو الى تلك الافكار والمفاهيم المتطرفة، فإن المشهد العام في المنطقة بدأ بالتغيير.

الامر المهم الذي نريد أن نٶكد عليه هنا ونلفت النظر إليه، هو تصريح مهم للسيد محمد محدثين، القيادي في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، حيث أشار الى أن "أفكار التطرف الديني والامواجهة الطائفية والانقسام والاختلاف لم تكن موجودة في المنطقة قبل تأسيس نظام الملالي في إيران". وهذه حقيقة لا مناص من الاذعان لها والاخذ بها، ذلك إنه لولا قيام هذا النظام بإذكاء النار البغيضة للفتنة الطائفية من خلال أفكاره وطروحاته المشبوهة، لما كان هناك في مقابل ذلك تحرك بنفس الاتجاه، فلكل فعل رد فعل، وإن التحرك بإتجاه إذكاء الفتنة الطائفية في المنطقة كان من جانب هذا النظام، والانكى من ذلك إنه يواظب على أن تكون هنالك إتصالات وتنسيقات وحتى تعاون بينه وبين التنظيمات السنية المتطرفة طائفيا، وهذا ما يثبت حقيقة بالغة الاهمية وهي إن لهذا النظام ثمة مشروع كبير يشكل المشروع الطائفي جانبا أساسيا منه من أجل تحقيق هدفه الكبير بإقامة إمبراطورية دينية مبنية على أسس طائفية بغيضة.

اليوم، ونحن نشهد الاحداث والتطورات الجارية في العراق ولبنان والتي لا يبدو إطلاقا النظام الايراني يشعر بالراحة ازاءها، فإن قضية دور وتدخلات النظام الايراني يفرض نفسه أكثر فأكثر على المشهد العام بالمنطقة كخطر وكتهديد محدق به ولابد من مواجهته وإن هكذا تحركات شعبية بإمكانها أن تقلب السحر على الساحر وتغير من مسار الامور بصورة غير عادية شريطة أن تكون هناك ضمانة لإستمرارها وتواصلها حتى النهاية الإيجابية المرسومة لها والتي ترتبط بجعل السيادة الوطنية وإستقلال البلدين أمرا واقعا بوجه الدور والنفوذ الايراني.

مواجهة هذا المشروع والتصدي له مهمة تقع على عاتق الخيرين والشرفاء الوطنيين من الشيعة والسنة على حد سواء من أجل كشف وفضح هذا المشروع وضمان هزيمته ولابد من أن تكون هناك من أرضية مناسبة من أجل تحقيق هذا الهدف النبيل إذ من الضروري أن يتم وضع خارطة طريق للعمل بالاتجاه المعاكس لمشروع النظام الايراني والمناسب بل وحتى من الافضل إشراك المقاومة الايرانية بهذا السياق لكي تكتمل جبهة مواجهة هذا المشروع من كل الجوانب والتأكد من إنه يسير بالاتجاه الصحيح لإلحاق الهزيمة بالمشروع الطائفي البغيض للنظام الايراني.