من صوتك لقلبي
من منا لم يشغف ببرامج الإذاعة يومآ وتعلق قلبه بتلك الذبذبات التي تنبعث عبر الآثير حاملة معها الكثير من المشاعر التي تمتزج بالخيال، فتخلق عالمآ مليئآ بالبهجة وتترك للخيال تكوين الصورة الذهنية المناسبة؟
هل فكرت يوما في أهمية صوت الأشخاص من حولك؟ هناك من يقع في غرام شخص عبر أثـير الهاتف، إلا أنه على الرغم من ذلك فإن الصوت مضلل أيضًا، لأنه يرتبط بمخيلة المستمع، وبمجرد سماع أي صوت نتخيل شخصية صاحبه عندما تكون الصورة غائبة.
وهناك أصوات محببة وأخرى منفرة، ولهذا السبب نجد أشخاصا حباهم الله سبحانه وتعالى صوتًا جميلًا، عذبا، رقيقًا ... يكون قريبًا من القلب والأذن.
لذلك نجد الكثير من القنوات والمؤسسات الكبرى تسعى إلى استعمال صوت معين لمنتج معين فيألفه الناس ويعتادون على سماعه.
كثير منا لا يعرف اسم أو شكل أشهر صوت إعلاني فى مصر "نيفين محمود" لكننا نألف صوتها واعتدتنا عليه من خلال أشهر إعلانات اللبن والزبادي، وشركات المحمول. كثير منا كان ينتابه الغضب عندما يضغط على مفتاح الاتصال ويفاجئك الصوت "عفوآ لقد نفد رصيدكم"، فـتتـبايـن ردات الفعل المضحكة بأن يرد المتصل على الصوت الآلي المسجل، يسبه أو يعاتبه.
لا يمكننا أن نتستهين بالصوت؛ لأن من شأنه تقريب المسافات أو إبعادها. الصوت آسر، توقع ذبذباته الأذن في غرامه لتصبح رهن إشارة منه، وبالتالي ترشدنا إلى ما نسمعه وما نشاهده بهمسة، بنعومة صوت أنثوي، أو أوتار صوت ذكوري يلعب على طبلة الأذن ويدغدغ مشاعر القلب.
لو كنت في مقابلة عمل ما الذي يحدد إذا كان سيتم النظر إليك على أنك ذكي للوهلة الأولى أم لا؟! إذا توجهت بهذا السؤال فإن الغالبية العظمى ستجيبك، بأنه المظهر ومهارات التواصل والمحادثة باعتبارها العوامل الرئسية للذكاء، لكن على ما يبدو أن للعلم رأيا آخر ويظهر خلاف ذلك، وهو أن ما يهم هو .. صوتك.
في دراسة نشرت بمجلة العلوم النفسية، تم تصوير أشرطة فيديو لطلاب ماجستير إدارة أعمال جامعة شيكاجو حول لماذا يجب أن يتم تعيينهم، ثم قدم لأصحاب العمل المحتملين ومسئولي التوظيف ثلاثة اختيارات: 1-عرض فيديو. 2- الاستماع إلى الصوت. 3- قراءة نص.
ما توصلت إليه الدرسة كان أنهم صنفوا أكثر المرشحين كفاءة وذكاء عندما استمعوا للتسجيل الصوتي للكلام بدلا من قراءته، ونتيجة لذلك تكوّن لديهم انطباع أكثر إيجابية للمرشح وكانوا أكثر اهتماما ورغبة في تعيينه.
اختصارًا، عندما يتعلق الأمر بالانطباع الأولي عن الذكاء، فإنّ مظهرك لا يهم وما يهم حقًا هو صوتـك، ويرجع السبب وراء هذا إلى التطور البشري، إذ أنّ أصواتنا هي الأدوات المجهزة بعناية للتواصل، فالنص يفتقر إلى نبرة الصوت، وتلك هي التي توفر معلومات مهمة عن ذكاء المتكلم.
ولنتعرف سويآ على أهم المفاتيح التى تجعلك ذكيآ وتترك انطباعآ جيدآ:
تخفيض درجة الصوت أولا:
يربط الناس بين نبرة الصوت العالية والعصبية، كما أنّه يعطي انطباعا بالطفولية وعدم النضج، وأنت حتمًا لا ترغب بهذا. لذا، خفّض نبرة صوتك عمدًا إلى الحد الذي يجعله مسموعا بوضوح، وتأكد بأنّ ذلك كفيل بجعلك تبدو ناضجًا وواثقًا على السواء، كما ينبغي عليك أيضًا تجنب أسلوب رفع وتغيير نبرة الصوت في نهاية الجملة؛ ذلك لأنّ من يقومون بهذا عادًة ما يُنظر إليهم على أنّهم أقل دراية بغض النظر عن المحتوى الفعلي، فتلك الانعطافات صعودًا.. هبوطًا في مستوى أو درجة الصوت تُحدث صخبًا، غير أنّ الإسراف في ذلك قد يجعلك تبدو غير مهذب أو عنيف محب للمواجهة.
ثانيآ: تجنب كلمات الحشو
تجنب كثرة استخدام كلمات الحشو مثل “كما تعرفون، تمام، آه، أممم، مثل، لذلك … إلخ” فهذا النوع من العبارات بالرغم من أنّ الجميع يستعملها، إلّا أنّ الإفراط في ذلك يجعلك تبدو كما لو كنت تفتقر للثقة والكفاءة، ولتجنب استخدامها بشكل مبالغ فيه. كن على وعي بها ولا تلجأ إليها إلّا إذا احتجتها بحق. كما تخبرنا خبيرة التواصل ليزا مارشال بأنّه من الأفضل أن تستبدل هذه الكلمات بالصمت؛ ذلك أنّ الوقفات بين الكلام حتى وإن كثرت، فهي لا تـزيد إلّا من مصداقية المتكلم، وتقترح أن يقوم 3 من الأشخاص بإجراء محادثات فيما بينهم وتسجيلها، ومن ثم القيام بمعاودة الاستماع إليها لخمس دقائق يوميًا لمدة أسبوعين لاكتشاف الركائز اللغوية أو كلمات الحشو التي تستخدمها باستمرار وتتدرب على تجنبها.
ثالثا: تحدث أسرع
في الواقع يُنظر إلى من يتحدثون بشكل أسـرع (ومفهوم بالطبع) على أنّهم أكثر ثقة، ذلك وفقًا لدراسة أجريت بجامعة بريغهام يونغ. كما لاحظت ليزا أيضًا أنّ 150 كلمة في الدقيقة هو معدل التحدث المثالي، وهي نفس السرعة الموصى بها في الكتب المسموعة.
ويمكنك أن تقوم بتدريبات بهذا الشأن، غير أنّ تجنب استعمال كلمات الحشو من شأنه أيضًا أن يسرع خطابك بطبيعة الحال.
وأخيرا نحن بــحاجة لأن نــتحكم بأصــواتنا ونراقب الكــلام الذي يــخرج من أفــواهـنا حــتى نســتطيع أن نــعبر عن أنفسنا بشكل صحيح، وأن نضمن وصول رسالتنا للآخرين بشكل واضح فلا نقع ضــحية توتــرنا أو عصــبيتنا أو خــوفنا، فلا يكفي أن يفــهم الآخــرون ما نقول بل الأجمل أن يلامـس ذلك قلــوبهم ومشاعرهم.