من ينتحر؟ نهاية للجنرالات
العالم يمر بمخاض عسير وأبواب الحرب مفتوحة على مصراعيها، بسبب الوعيد الروسي-والتهديدات الغربية المضادة بإستخدام الأسلحة النووية الفتاكة التي لا تنذر بوقوع كارثة بشرية فحسب بل تنذر بإنشطار خريطة العالم وتهالك الكوكب تماما. على ما يبدو فإن الصورة القادمة قد تكون أكثر قتامة وبشاعة ورعبا، في ظل تفاقم التوتر السياسي والتطورات الميدانية المتسارعة المتمثلة بالإنسحابات والتراجعات والإنتكاسات العسكرية للجيش الروسي. فمشاهد تدمير الآليات العسكرية والمدرعات والدبابات الروسية ورفع الأعلام الأوكرانية عليها قد أربكت الجنرالات والقادة العسكريين الروس وعلى رأسهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأنها أثارت غضب ومخاوف بل وسخط سيد الكرملين الذي يسعى طوال سنوات عجاف إيقاف التحرشات الجغرافية والإبتزازات السياسية للغرب.
بوتين في حالة إضطراب وإرباك شديدين. ومن المعلوم أنه لن يتوانى في إستخدام أي ورقة ضغط سياسيا وعسكريا بل لن يتردد في إستعمال أفتك وأخطر أسلحة لفرض أجندته وكلمته على أرض الواقع وذلك من أجل إستعادة مجد بلاده الغابر، حتى وإن تطلب الأمر إنخراطه شخصيا وحضوره في الخطوط الأمامية للمعارك سعيا منه لرفع الروح القتالية والمعنويات المحبطة لجنرالاته الذين باتوا مشتتين وشبه مهزومين في الكثير من ميادين الحرب. إنه مشروع بوتيني لوقف الزحف الدبلوماسي والقانوني والسياسي للدول الغربية التي تمارس إبتزازا سياسيا على روسيا منذ إنهيار الاتحاد السوفييتي وتفككه بدءا بتأجيج الصراعات الداخلية والفوضى وحث أصوات المعارضة لسياسات بوتين تارة وتسليح الدول الصغيرة المجاورة لروسيا تارة أخرى مرورا بتقارير استخباراتية وصحفية غربية عن تدهور حالات حقوق الإنسان وتكميم الأفواه للمناوئين والمعارضين وتضييق الحريات الصحفية والحريات العامة وصولا إلى المحاولات الرامية لضرب إقتصاده وعملته بل وتدمير مصالح الدول المتحالفة معه وأخيرا تقديم وإسال إمدادات عسكرية بالأسلحة المتطورة والفتاكة لدحر القوات الروسية الغازية. كما تشير تقارير غربية إلى أن التقدم الذي أحرزته أوكرانيا سيزيد من المخاطر على بوتين، الذي قالت إنه لا يتورع عن استخدام أي شيء واختبار تجارب متعددة منها قطع إمدادات الطاقة عن أوروبا وبالطبع أن ذلك يزيد الوضع سوءا أكثر مما هو عليه في الوقت الراهن، وقد يوسع رقعة الحرب والاشتباك مع قوات حلف الناتو، أو يتم استخدام الأسلحة النووية التكتيكية والكيميائية بدلا من الخسارة المذلة.
إذن إنه وحش نووي بل إنه نووي بوتيني قد يلجأ إليه لحسم دفة المعركة دون النظر إلى حجم خسائرها وأوزارها، وحش على أعتاب كارثة نووية يحبس العالم أنفاسه أثناء الحديث عن الترسانة النووية الروسية ومدى قدرتها التدميرية. وتوازيا مع ترسانته النووية هناك سلاح آخر لدى روسيا أكثر حدة ولا يقل عن خطورة السلاح النووي سياسيا وإقتصاديا ألا وهو سلاح الغاز الذي تستدعي فاعليته قدوم فصل الشتاء، وأن هذا السلاح قد يكون أكثر تأثيرا بحسب المراقبين لتغيير مسار الحرب وحسمها من قبل الرئيس بوتين الذي ربما يحلم بسرعة قدوم شتاء قارس وقد يدندن في قاعات مكتبه بالكرملين: مرحبا بالشتاء... يا شتاء متى تحل؟ عسى أن تكون أكثر قسوة وصقيعا.. فبردا ولا سلاما على أوروبا!، هل بوتين يدفئ أوروبا بأسلحة نووية أم بالغاز في الشتاء؟
ثمة سياق آخر أكثر عمقا وكثافة من التحليلات والتهكنات التي تتوالى على أعمدة الصحف والتقارير الإعلامية والإستخباراتية اليومية. عادة أجواء الحرب غامضة ومعتمة فلربما يحدث شيء ما في أي لحظة قد يقلب موازين القوة سياسيا وعسكريا رأسا على عقب، لاسيما وأن التقارير الميدانية والمخابراتية تشير بل وتؤكد تسليح القوات الأوكرانية بالأسلحة المتطورة والحديثة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها مما يرجح كفة الحرب لصالح القوات الأوكرانية وإستعادتها ساحات متعددة من المعركة بعد أن فقدتها في بدايات الحرب، كما توثق معلومات إلى إعطاب وتدمير آليات عسكرية وإحراق الدبابات والمدرعات للقوات الروسية لتسيطر القوات الأوكرانية بقيادة ممثلها الكوميدي فولوديمير زيلينسكي في أكثر من جبهة على أراض واسعة. حقا إنه لسخرية الحرب في هذا العصر، إنه من المضحك جدا أن يكون ممثل كوميدي بطلا ليخطف النصر من أبرز وأقوى شخصيات في العالم!
كما يؤكد الزعيم النازي أدولف هتلر فإن الحرب هي كفتح باب غرفة مظلمة لن تعرف أبدا ما الذي سيحصل عند فتح هذا الباب! هذه هي أجواء الحروب والمعارك وطقوسها وسيمفونياتها اللامألوفة برشقات القذائف والصواريخ ودوي الإنفجارات المرعبة والصاخبة. إذن كل الإحتمالات واردة في الحرب، النصر والهزيمة، الفوز والخسارة، وقد يقع المئات من ضباط وقادة الحرب في فك وأسر الطرف الآخر على غرار ما حصل إبان الحرب العالمية قديما والحرب الأميركية على العراق حديثا. فليس مستبعدا أن يستفيق العالم يوما على خبر إقدام جنرالات روسية على الإنتحار أو الإستلام، وعلى رأسهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حال خسارة روسيا الحرب. هذا هو حال الحروب لرجالاتها وجنرالاتها وزعمائها الذين يختارون المقاومة بل ويفضلون الموت على الهزيمة طوال التأريخ. هل نستيقظ يوما على مشاهد كهذه؟ هل يستفيق العالم على مشهد للرئيس الروسي معلقا إنتحارا أم أسيرا مشنوقا؟