نازك ضمرة من بيت سيرا إلى أميركا

من بيت سيرا إلى أميركا إلى قهوة أم درويش ودمع نازك ضمرة مرورا بالمنافي، بالمواجع إلى الدمع الساخن والرحمة.
ضمرة ترك إرثا كبيرا في القصة والشعر والترجمة والنقد وأغنى المكتبة العربية بعديد الروايات والمجموعات القصصية والدراسات النقدية
المنية غيبته فكان الدمع مغيبا وهو يستذكر أمه وبيت سيرا بقضاء رام الله

للجَمَل بما حمل ألف معنى ودلالة، وللعير عشبها، لكن لدمع المآقي مراتعها. هذه الأصبوحة كعينة من ألف عينة كانت ذات يوم حياة على صهوة دنيا فانية وذات     سانحة أخوّة ببيتي بالبليدة، كان المرتع للدمع وللمواجع ولماء الوَضوء، ولكل الروافد.
حطت الإذاعة الثقافية الجزائرية، يقود نوقها، كما المهلهل عند وضعه لأول إيقاع ممشى ومشي النوق: الإعلامي مفتاح بخوش من الإذاعة الثقافية، كأوزان قبل الفراهيدي.
ليرسم معالم تسجيل حصة "دروب الكتابة" لصالح الإذاعة الثقافة الجزائرية، ويوقع أهازيج المآقي في حوار مطول، جريء وجسور، مفعم بماء "ورد البليدة، مدينة الورود وماء الدمع الذي تدفق من مآقي الأديب، الناقد والمترجم الأردني، الفلسطيني: نازك ضمرة، ليبلل كما مرق "المنسف" أو "المفتول" أو أكلة "المسخن" أو رقصة الدبكة والميجانا، وتلال "كفر قاسم" وكل القرى والتلال في فلسطيننا الحبيبة، المغتصبة.
كان الدمع منبعا ومرتعا وشفاعة الأديب: نازك ضمرة ينهمر مدرارا، ليسقي رحلة مفعمة بالمواجع في إفضاءات حملتها نوق المهلهل، ونوق صحاري تدمر، مرورا بالسعودية، الأردن، أميركا، لتبلل أديم بيتنا بالبليدة "ميمنة" وشفاعة وتبلل مآقينا  اليوم وهو  يرحل  عنا.
عندما سئل الناقد والروائي، القاص والمترجم نازك ضمرة، من ضمن عشرات الأسئلة، هذا السؤال "ماذا تعني لك أغاني أمك؟ أجهش بالبكاء، فبللت ثانية مدامعه جزءا من قميصه كما بلل أبويوسف عليه السلام مدمعه، حين أبيضت عيناه.
قبل أن تذاع الحصة "دروب الكتابة"، أسرب سخونة هذا الدمع الذي، كان معراجا وإسراء من هنا، وها هي تسري اليوم روحه إلى خالقنا ميمنة، بين بيتي ومن أميركا من بيتي بالبليدة، من أميركا إلى حائط المبكى، إلى الصخرة، إلى كنيسة القيامة، إلى القدس الشريف، فأجهشت كل هذه الربوع والمواقع المقدسة بـ "توق الأمل" وارتدادية السير على صهوة النوق، ولا أضيف شيئا أكثر من هذا، أترك للقدر ولقضاء الله ورأفة مالك الملك أن  يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح وشهية وشهد الدمع الذي كان رسولا ونبيا رياضا وأنهارا وتجليات في الجنة بإذنه تعالى وعسلا وشهدا.
فقط ها هنا في هذه الوريقة، وددتُ أن أشكر الأديب الصديق، الشاعر والإعلامي مفتاح بخوش على هذه الزيارة رفقة د. جمال بن عزيز، على تشريفهم لنا، وعلى هذه السانحة التي كانت معبرا للمجد وللآمل في مسار الرجل، ومناقبه وقد ترك إرثا كبيرا في القصة والشعر والترجمة والنقد وأغنى المكتبة العربية بعديد الروايات والمجموعات القصصية والدراسات النقدية، غيبته المنية، فكان الدمع مغيبا وهو يستذكر أمه وبيت سيرا بقضاء رام الله.

رحيل الأدباء
معالم تسجيل حصة "دروب الكتابة" لصالح الإذاعة الثقافة الجزائرية

إذا كان الشاعر الكبير محمود درويش قد اشتاق لقهوة أمه، فالراحل أجهش بالبكاء عندما سئل عن أمه، ولإفضاء ساعة تحط فيها القبّرة حنانها وجسدها الساكن لتحضن صغارها وتؤمنهم من كل إملاق وخوف وجوع، وهذا اعتبارا من الساعة العاشرة ليلا كما جاء في الأثر زمكانية إذاعة الحصة بالإذاعة الثقافية، وساعة دفء الميمنة والائتمان عند صغار "القبرّة" في أوان الارتداد وأوان كل المساءات والشتاءات، ورحلات الغربة من بزرخ الوجدان، إلى برزخ الائتمان.
مهما نقبنا عن مناقب  الروائي الكبير نازلك  ضمرة  الذي رحل عنا لا  نستوفيه حقه، وكأننا نغمس إبرة  بالمحيط. أردت ها هنا أن أرتشف دمعته التي بللت قميصه، أغمسها في فنجان  قهوة أم  محمود درويش للتحول بإذن المولى إلى شراب بالجنة، لبن من كل الأصناف وما على الله ذلك بعزيز. وكانت غالية مثل عسل وما لم تراه العين أو يخطر ببال أحد، هو ذا نشيدي كما  نشيد كل من عرفوه  وعاصروه  وعايشوه: أديبا وإنسانا.
وكانت خاتمته والحمد لله طيبة، وخاتمته الأدبية آخر كتاب عنه: "نازك  ضمرة:  الأديب الإنسان" من تأليف د. فوزي  الخطبا وقد صدر عن منشورات المثقف  بالجزائر وعن دار أخرى بالأردن  الشقيق وآخر مخطوط لرواية له عنوانها "عفان عفان بن نومان"، لم ير النور بعد وكانت الناقدة الأديبة الروئية الدكتورة الجزائرية فضيلة بهليل قد أعدت دراسة مستفضفة عن هذا المخطوط ليتصدر الرواية، لكن قضاء الله وقدره شاء أن تؤجل الرواي، وهي وصية من الأديب نازك ضمرة للأديبة فضيلة بهليل التي تستعمل وتحفظ الأمانة وتقوم بالعمل لاحقا حفظا للوديعة وللوصية.