نصر الغزي: القارئ هو أهم حلقة بين النجاح والفشل

الشاعر العراقي يرى أن قصيدة النثر تنافس بقوة في الساحة الشعرية الأدبية.
منذ الطفولة نسمع أمهاتنا وهن يرددن تراتيل الحزن في المهد التي تغذي الروح بها. مع الظروف القاسية التي مر بها البلد
ديوان "متى تشرق الشمس" هو رسائل أدبية، المعنى منه، متى تنتهي العتمة في داخل الإنسان، كلنا ننتظر شروق الشمس

بالرغم من طابع الحزن البارز في كتاباته بسبب المعاناة التي تعرض لها منذ الطفولة، إلا أنه لا يسمح لأمواج اليأس أن تجتاح شواطئ التفاؤل في داخله، نراه، يلقي الضوء في كتاباته على الجوانب المظلمة في أعماق الإنسان والبيئة التي تحيط به في محاولة منه لأسدال الستار والحجب عن الشمس المتوارية خلف سحب سوداء، السحب التي صنعتها الظروف والأقدار أحيانًا، وبعض البشر في أحايين أخرى. يضخ قلمه حبرًا، أملًا ليزهر شعرًا ويرسم الابتسامات عبر بقع الضوء على محيا النصوص وبالتالي الإنسان. 
ينافس في الساحة الأدبية من أجل الأبهى والأجمل فقط، والمرأة عنده مثل الحب ويقول: لا حياة بدون حب، ولا حب بدون المرأة. نصر الغزي يبقى ذلك الطفل الذي يداعب ضفاف النهر والقلم. كأنه نورس يحلق فوق قوارب الشوق. 
بدأ الكتابة من خلال الخواطر في المرحلة الابتدائية ثم الشعر، والآن يكتب قصيدة الهايكو بشغف وعشق.  
نصر الغزي من مواليد ١٩٧٤ يسكن في ناحية الراشدية بأطراف العاصمة العراقية بغداد ذات طبيعة ريفية جميلة جدًا وعلى ضفاف نهر دجلة. خريج المعهد التقني قسم الكهرباء. صدر له: ديوان "متى تشرق الشمس" رسائل أدبية وقصائد نثرية. ديوان "الضوء يتوهج في مكان ما" قصائد نثرية. ديوان مشترك "أقلام بلا حدود" مع ثلة من شعراء العرب. كتاب هايكو الإلكتروني "أزهار قلبي" الذي صدر عن منتدى الهايكو العربي. 
عن بداية مشواره في الكتابة، أشار نصر الغزي إلى صاحب الفضل عليه، وقال: الكتابة هي موهبة داخل النفس البشرية، يبقى هناك من يأخذ بيدك من أجل ظهور هذه الموهبة، وكان الفضل الكبير لأستاذ اللغة العربية الذي أخذ بيدي في المرحلة الابتدائية، كان يحثني على الكتابة وعدم الخوف مما أكتب، ويقول: سوف يكون لك شأن في المستقبل، أنت موهوب. أولى كتاباتي كانت الخاطرة في المرحلة الابتدائية. وكنت دائماً اعتلي منصة المدرسة في الاحتفالات والمناسبات. 
وأول كتاب قرأه، كان إهداء من أبيه، وكان للشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب. وكنت أقرأ كثيرا للشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش.
أما أول نّص نشره كان في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، في مجلة ألف باء التي كانت تصدر سابقًا في العراق، وكانت هناك مسابقة أصدرتها المجلة للمواهب والمبدعين في الشعر والخاطرة، وتم اختيار نصي من بين أفضل النصوص وقتذاك.
طابع الحزن بارز في كتاباته، لأنه ولد يتيم الأم، عندما تكون يتيمًا في مجتمع قاس وتناضل من أجل الوصول إلى هدفك فإن المعاناة ستكون كبيرة وصعبة جدًا. 
الحزن واقع حالنا نحن في العراق، منذ الطفولة نسمع أمهاتنا وهن يرددن تراتيل الحزن في المهد التي تغذي الروح بها. مع الظروف القاسية التي مر بها البلد.  
معاني عناوين مؤلفاته: 
ـ ديوان "متى تشرق الشمس" هو رسائل أدبية ... المعنى منه، متى تنتهي العتمة في داخل الإنسان... كلنا ننتظر شروق الشمس.
ـ ديوان "الضوء يتوهج في مكان ما" بمعنى كلنا نبحث عن الضوء عندما يحل الظلام، والضوء هو الأب والأم والأخ والصديق والحبيب.
ـ كتاب الهايكو "أزهار قلبي" كان العنوان من اختيار محمود الرجبي وهو عميد الهايكو العربي.
تأثر الشاعر نصر الغزي بعديد من الكُتّاب العرب ومنهم: الشاعر الكبير بدر شاكر السياب، الشاعر محمود درويش، الشاعر نزار قباني ... واقرأ لهم، وكما أقرأ كل شيء جميل يجعلني أتنفس الشعر والكتابة.
برأيه، الشاعر يعيش التفاصيل الدقيقة لقصيدته، والقارئ هو الفيصل، والناقد هو سلاح ذو حدين، والمدقق اللغوي هو حلقة مهمة. 
عندما يكتب الشاعر قصيدته سوف يعيش أحداثها بكل تفاصيلها الدقيقة ... القصيدة ليست سهلة هي شعور وأحاسيس تولد في مخيلة الكاتب ... صراع يدوم حتى ينتهي الكتابة منها.
القارئ: هو الفيصل، وأهم حلقة بين النجاح والفشل هو القارئ، نحن نكتب ما نشعر به ويلامس روح القارئ الجيد الذي يتفاعل مع ما يكتبه الشاعر أو الكاتب.
الناقد: هو سلاح ذو حدين، هناك النقد البناء من أجل وضع الكاتب على الطريق الصحيح والسليم، وهنالك النقد الهدام يراد منه التسقيط، هذا النقد السلبي يعمل على قتل المواهب التي تظهر هنا وهناك، وعلى الكاتب والشاعر ألا يتأثر به وعليه مواصلة الكتابة.
المدقق اللغوي: هو حلقة مهمة جداً، فالاعتماد على المدقق اللغوي هو من أجل تفادي الأخطاء التي يقع بها الكاتب والشاعر ولإظهار ما يكتبه بشكل سليم للقارئ.
يرى الغزي أن قصيدة النثر تنافس بقوة في الساحة الشعرية الأدبية ولها تأثيرها: رغم الإشكالية التي يتحدث عنها البعض بخصوص قصيدة النثر ومدى تأثيرها على المتلقي، نرى القصيدة النثرية أخذت حيزًا كبيرًا وبدأت بالانتشار بشكل واسع جدًا. وهي تنافس بقوة في الساحة الأدبية، ولها تأثير كبير في الوطن العربي.

تحدث نصر الغزي بإسهاب عن قصيدة الهايكو، قائلًا: المُغري في قصيدة الهايكو هو الإحساس المرهف الرائع الذي يأخذنا إلى عالم الخيال الواسع والمشهدية التصويرية في روح النص والذي يحتاج إلى كاتب متمكن في أدواته حتى يصل إلى المتلقي.
محاولات البعض في كتابة هذا النوع من القصائد التي تعتمد على إحساس ومخيلة واسعة للكاتب من أجل الوصول إلى مفردات وكلمات تمتزج فيما بينها من أجل ولادة قصيدة شعرية تعتمد على ما يدور في كل مفاصل الحياة، هذا النوع من الأدب العربي المترجم من اليابانية استطاع في فترة وجيزة وبسلاسة وبساطة في مفرداتها الوصول إلى قلب وعقل المتلقي. 
هايكو الطبيعة والخيال لا يعتمد على أحداث الماضي بل هو وليد اللحظة التي تجعل الكاتب والقارئ يسافر إلى عالم جميل من حيث الأحداث التي تمر عليه. 
ويردف قائلًا: لا ننسى بعض الأساتذة الذين كانوا لهم الفضل الكبير في وضع الأسس العلمية لدراسة وتطوير المهني للهايكو، وذلك من خلال افتتاح نواد خاصة بالهايكو العربي وأخص بالذكر محمود الرجبي عميد الهايكو العربي وحرصه المستمر على توجيه وتشجيع الكتاب الذين لديهم القدرة التنافسية والرغبة في كتابه هذا النوع من القصائد، رغم محاولات اليائسة من بعض في الطعن بكل ما يتعلق بهذا الأدب العربي الحديث. ودليل على فشل مزاعمهم هو انتشار الهايكو بشكل الواسع في الوطن العربي. 
يدافع بشدة عن قصيدة الهايكو، ويرى بأنه من المجحف ألا نطلق على الهايكست لقب الشاعر: 
الذي يكتب قصيدة الهايكو لو لم يكن شاعرًا لما استطاع كتابتها، وعندما نقول إن قصيدة الهايكو مأخوذة من التراث الياباني وأن شعراء اليابان هم من أوجدوا الهايكو مثل الشاعر الياباني ماتسوو باشو المعلم الأول لهذا الفن في القرن 17 م والرسام يوسا بوسون والشاعر ماساوكا شيكي الذين خلدهم التراث العالمي كونهم شعراء الهايكو.
ومن المجحف ألا نطلق على شعراء العرب الذين تميزوا في هذا الجنس الأدبي الحديث بـ لقب الشاعر. أو نحارب من يكتب الهايكو. وهو شاعر استطاع أن يكتب بإحساس ودقة تكثيفية عالية ومن أجل هذا يستحق الكاتب العربي الذي يبدع في هذا المجال لقب الشاعر.
وهذه نماذج من قصائد الهايكو للهايكست نصر الغزي: 
    أفي غيابك 
       أتعثر بظلك 
       كل الطرقات موحشة...
***
   على جسد البحيرة 
        بلا ضجيج 
        يسقط ظل القمر... 
***
   في مقبرة القلب 
        تقلبهم الذكرى 
       أموت على قيد الحياة... 
***
لا تزوره نوبات الإحباط واليأس، ولا عزلة إلا عزلة الكتابة:
لا يأس مع الحياة، العزلة والإحباط هما عدوا الكاتب، إلا إذا كان من أجل الكتابة لا ضير بالعزلة وإنما أن كان من أجل الابتعاد بسبب ظرف معين أو أحد حاول أن ينال من قلمك فلا نسمح به. نحن نكتب ما نشعر به، لا نريد أن نزاحم أحدا أو نأخذ مكان أحد، نحن نتنفس من خلال الكتابة. 
الحب والمرأة في حياة الشاعر نصر الغزي: الحب هو شيء عظيم يستقر في النفس البشرية ويكون دافع لنا من أجل الإبداع. والمرأة هي الحب وهي المجتمع وليست نصف المجتمع بل هي المجتمع هي الأم والأخت والزوجة والحبيبة.
الحب والمرأة كلاهما يكملان بعضهما البعض. لا حياة بدون حب، ولا حب بدون المرأة.