هكذا يريدونه وهكذا أراده الله: المساكنة كبديل للزواج

المساكنة موجودة بالفعل، ولكن لم يجرؤ أحد على طرحها على الإعلام خوفا من رد فعل المجتمع والمؤسسات الدينية.

المساكنة، كلمة ترددت على وسائل التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة، عارضها كثيرون ودافع عنها البعض. قد توحي الكلمة بمعنى جميل من حروفها وأصلها اللغوي "سكن" إلا أن حقيقتها على خلاف ذلك.

فإذا وصف الله الزواج بقوله "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها" الروم: 21، لتدل على السكن والسكينة، فإن المساكنة المطروحة كبديل للزواج ليس لها أي علاقة بالسكينة، ولا بالسكن إلى شريك تطمئن معه وإليه، وتواجه العالم بعلاقتكم التي ولدت في النور، ولا بأولادكم الذين ولدوا في مؤسسة تحظى بتأييد الشرع واحترام المجتمع، وحفظ الحقوق بالقانون، بل على العكس تماما.

المقصود بالمساكنة أن يسكن رجل وامرأة في بيت واحد دون زواج، وباتفاق الطرفين على عدم الإنجاب، فإذا رغبت المرأة في الإنجاب تركها، وإذا حدث حمل تبرأ منه ولم يقبل أن ينسب إليه، وكأن الهدف من المساكنة هو إعادة المرأة إلى عصر الجواري، وحتى هذا العصر الذي كانت تباع فيه النساء وتشترى وتورث أيضا، كان العربي في الجاهلية يعترف بابنه إذا ولدت ويحررها ويتزوجها.

فالمساكنة هي عودة ليس إلى الجاهلية فقط، ولكن عودة إلى ما قبل ذلك. فليس لهذه المرأة الحق في أي شيء لا ميراث ولا نسب أولادها، ولا أي شيء، مجرد علاقة جسدية محرمة خارج مؤسسة الزواج المستفيد منها الوحيد هو الرجل. وإذا سألنا عن حكم الشرع في ذلك فلن تسمع سوى كلمة واحدة مذكورة في كل الكتب السماوية وهي " زنا".

المساكنة موجودة بالفعل، ولكن لم يجرؤ أحد على طرحها على الإعلام خوفا من رد فعل المجتمع والمؤسسات الدينية، والمدافعين عن حقوق المرأة. ولكن لماذا تم طرحها الآن؟

إنه فن اختيار التوقيت، والأمر ليس إلا جس نبض لمدى استعداد المجتمع لتقبل ذلك، ومدى تمسكه بالقيم. لذا فالتمهيد حدث منذ سنوات من خلال حالات التجارب الفاشلة في الزواج سواء لمشاهير أو أشخاص محيطين بنا، وعدد القضايا الكبير في محكمة الأسرة، والهجوم على مؤسسة الزواج وقوانين الأحوال الشخصية والرؤية، وارتفاع سن الزواج وغيرها من المشاكل.

إلا أن الهجوم كان شديدا على المغني الذي طرح الفكرة وشجع عليها، مما يقول أن المجتمع ما زال بخير وأنه رافض لذلك، ولكن سيعود الأمر للظهور من جديد ولن تتوقف المحاولات لنشره ككل المحاولات لتقليل عدد السكان وتشيئ المرأة.

ولم يلق المطرب وائل كفوري نفس رد الفعل الذي لاقاه محمد عطية، ربما لأن الفيديو لم ينتشر بشكل كبير على السوشيال ميديا وربما لاختلاف الجنسية، إلا أنه قال جملة أراها كاشفة لحقيقة المساكنة حين سألته الإعلامية وفاء الكيلاني، في لقائها معها، هل يتم الزواج بعد المساكنة لسنة أو سنتين، وهل هي فترة كافية ليعرفوا بعض، فقال لا لأن الشخص لا تعرف حقيقته إلا بعد الزواج فلا داعي لذلك.

إذن فالفكرة التي يضحك بها المروجون للمساكنة على عقل البنات بأن المساكنة ستكون لوقت محدد نعرف فيه بعضنا جيدا ثم نتزوج مجرد ضحك على الذقون للوصول لمأرب معين، هذا المأرب فقط لصالح الرجل ونزواته، يساكن امرأة ثم يتركها ليساكن أخرى، دون أي حقوق لأي منهما.