هل ندم العراقيون على صدام حسين

كان الظلم تلالا وأصبح اليوم جبالا.

هل ندم العراقيون على صدام حسين؟ يكثر الناس من تكرار هذا السؤال. حين تنفجر سيارة مفخخة. وحين تنقطع إمدادات المياه. وحين لا تصل الكهرباء بشكل منتظم. وحين يطالبك مشغل مولد الكهرباء بالمزيد من المال. وحين لا تجد عملا وتقتلك البطالة والملل. وحين ترى البعض يستقوي عليك بعنوان من العناوين الكبيرة التي تسيطر وتتمكن من كل مكان وحدث وزمان ورغبة وتأخذ منك الطمأنينة. وحين ترى آلاف الأشخاص يستحوذون على المناصب والأموال، ويتركونك نهبا للحزن والحاجة.وحين تستقر مياه الأمطار تحت سريرك. وحين تكتظ الشوارع بالأطيان، وتزدحم بالأزبال والعفن. وحين تسير على طريق ممتلئ بالحفر والمطبات، ويحلم بالإسفلت. وحين يتكدس الصغار في مدارسهم. ولا يجدون كتبا ولا معلمين. وحين تتوقف المشاريع والإستثمارات، ولا يحدث تغيير في حياتك، وحين تجتاح قريتك، أو حيك السكني السيول الجارفة. وحين تفتك بك وأهلك الأوبئة والأمراض، وحين تعم المشاكل وتستمر وتتصاعد ولا تنقطع وكأنها قدرك في هذا الوطن المبتلى.

هل ندم العراقيون على صدام.. وهل ندم المصريون على مبارك.. وهل ندم التوانسة على بن علي.. وهل ندم الليبيون على القذافي.. وهل ندم اليمانيون على صالح؟ هكذا أيضا يمكن أن يطرح السؤال، ولا يكون هناك إستثناء؟ فالمحن واحدة، والمشاكل متشابهة، والفتن متلاحقة، والبلاءات متراكمة، ولا سبيل للتخلص منها في ظل الفوضى والضياع والفساد، وسوء الإدارة والتخطيط والصراعات، وإنعدام الأمن، والخوف من المستقبل، والظلم والتخبط والحرمان.

لو عاد الناس الى ايام حكم هؤلاء الذين ذهبوا بحرب، أو بثورة، او بإنقلاب، قبل أن يروا ما حل بالأمة بعد ذهابهم لكان هناك مؤيدون ومعارضون، ولعدنا لذات الشكوى والقهر والتذمر، والرغبة في التغيير والتخلص من الدكتاتورية والسجون والغربة.

الفرق ياسادة.. إن الظلم وتوابعه، والطغيان ولواحقه، والعنف ونتائجه كانت تلالا متلتلة، لكنها صارت جبالا مجبجلة، ولهذا نشتكي من الجبال، ونتمنى النزول الى التلال والوديان. فنحن العرب بماض وبحاضر وبغد ثلاثتها مجاهيل... ولهذا نحن الى الماضي.