عن التهديدات الاميركية لإيران

على نار هادئة جدا وبأعصاب باردة، تستمر الضغوطات الاميركية على إيران. وعلى الرغم من كل تلك التصريحات الساخنة جدا الصادرة من جانب القادة والمسؤولين الايرانيين وحلفائهم من الاحزاب والميليشيات التابعة لهم في دول المنطقة، والتي ليست إلا مجرد "تلاعب بالالفاظ والتعابير"، فإنها لا ولم تؤثر بشيء على الموقف الاميركي العام من إيران والتهديدات الجدية التي تمثلها بالنسبة لطهران.

الضغوطات الاميركية على إيران، تسير حاليا في إتجاه إقتصادي على الاغلب، ولم تتعداه الى إجراءات عسكرية أو أمنية أو حتى سياسية. ومع إن النظام في إيران يتخوف كثيرا من هذه الضغوط ولاسيما في هذا الوقت الذي تشتد الازمة الاقتصادية على طهران ويقف الشعب الايراني بالمرصاد ضد النظام بسبب سوء الاوضاع الاقتصادية، لكنه مع ذلك يتخوف كثيرا من تصعيدات سياسية وأمنية وعسكرية ضده. بيد إن الذي يجب أن لا نتغافل عنه أبدا هو إن للضغوطات الاميركية الاقتصادية تأثيرات ملموسة على الاوضاع في إيران.

إدارة ترامب كما يبدو لحد الان، ليست في عجلة من أمرها، وهي تمارس ما يمكن تسميته بحرب ناعمة وشفافة في ظاهرها ولكن قوية وعميقة في التأثيرات التي تتركها خلفها. ولعل ما يثير حفيظة القادة والمسؤولين الايرانيين كثيرا، هو تعمد الادارة الاميركية عموما والرئيس دونالد ترامب بشكل خاص على إطلاق تصريحات تميز فيها بشكل واضح بين النظام والشعب في إيران، وإن المواقف الاميركية من الانتفاضة الاخيرة كانت خير وأفضل مثال على ذلك.

هذه التهديدات الاميركية، أصبحت تأثيراتها أقوى وأمضى بعدما نفذ الرئيس الاميركي تهديداته بضرب سوريا، خصوصا وإن الاخيرة أهم حليف للنظام الايراني في المنطقة، وإن الضربة التي وجهت لسوريا جاءت غير مبالية بالموقف الروسي المدافع عن النظام السوري، وهو الامر الذي أثار مخاوف أوساط سياسية إيرانية ودعاها لرفع أصواتها عاليا بعدم المراهنة على الدور الروسي كثيرا لأنه ليس إلا وهم أمام العزم الاميركي على حد تعبير تلك الاوساط.

أكثر شيء يرعب القادة والمسؤولين الايرانيين هو إن هناك أهداف أميركية قريبة وبعيدة المدى في نفس الوقت من وراء تلك التهديدات، وهم كما رأينا يبادرون بين كل فترة وأخرى الى الاعلان عن إجراءات عملية ضد النظام في إيران. وكل هذه الاجراءات تسير كما أردفنا في اتجاه إقتصادي، والاقتصاد كما نعلم هو عماد الحياة في أي بلد، وإن الشد والضغط الاميركي عليه هو لكونه الاقوى تأثيرا في هذه المرحلة. وقطعا فإن في جعبة ترامب مفاجئات أخرى للنظام سيتم الافصاح عنها لاحقا، فالرجل ليس في عجلة من أمره كما إن أعصابه ليست مشدودة ومتوترة كما هو حال أعصاب القادة الايرانيين!