حرب الطواحين

ما الذي يمكن أن يعنيه عزل وزيري العمل والاقتصاد في حكومة روحاني من جانب البرلمان الايراني بالنسبة للشعب الايراني وهل يمكن أن ينفعه بشيء؟ ثم هل إن تدهور الاوضاع الاقتصادية في البلاد يعود الى سوء اداء الوزيرين فعلا؟ عزل الوزيرين لم يهم الشعب الايراني بشئ وحتى إنه لم يترك أي أثر عليه، هذا في وقت لا يرى فيه الشارع الايراني بأن سبب الازمة الحالية هما وزير العمل ووزير الاقتصاد، فهما يشكلان جزءا وجانبا محددا من مشكلة وأزمة مزمنة فيما إن الجوانب الكبرى منها ليس هناك من بإمكانه في البرلمان الايراني من الإشارة إليه والتطرق له.

هل بإمكان البرلمان الايراني إثارة موضوع الارصدة الضخمة بالعملة الصعبة للعديد من قادة النظام وأبنائهم؟ هل بإمكان هذا البرلمان مثلا أن يطالب بمنع الحرس الثوري الايراني من التدخل في الامور الاقتصادية وإنهاء سيطرته على أكثر من نصف الاقتصاد الايراني؟ هل هناك في هذا البرلمان من بإمكانه أن يطالب بفتح ملف التدخل الايراني في سوريا وما جناه على الاقتصاد والشعب الايراني؟ هل هناك في البرلمان الايراني من بإمكانه أن يدعو للتحقيق في مسلسل الفشل السياسي والاقتصادي الجاري في إيران والمسٶول الرئيسي عن الفشل كله؟

إعلان حرب "مزعومة" ضد الفساد في إيران وعزل وزراء والخطب الرنانة الطنانة الحماسية التي هي أشبه بالالعاب النارية والمفرقعات، كل هذا يذكرنا بدون كيشوت وهو يحارب طواحين الهواء، ذلك إن كل ما يفعله القادة والمسٶولون الايرانيون لحد الان لا يتعرض لجوهر وأساس المشكلة والانكى من ذلك إن البرلمان الايراني يعلم جيدا بأن كل الذي يجري لا يقدم أو يٶخر في المشكلة وإن المشكلة تكمن في جوانب أخرى ليس بإمكان لا هذا البرلمان ولا حكومة روحاني أن تتصدى لها وتعلنها على الملأ، ذلك إن الخلل والمشكلة والازمة في النظام القائم نفسه وفي ازدواجيته الغريبة في العمل وفي وجود حالات خلل تتربع في أماكن ومواقع فوق القوانين وخارج دائرة المسائلة.

سير الاوضاع في إيران بشكلها الحالي، يعني بأنها تسير وبخطى حثيثة نحو طريق اللاعودة، والذي سيفضي في النتيجة النهائية الى الهاوية، وبرأينا فإن النظام الحاكم في إيران وفي ضوء أفكاره ومنطلقاته وتكوينه وبنائه الغريب، لا يمكن أن يخرج من مشكلته إلا من خلال طريقين أولهما الاستسلام الكامل للشروط الاميركية وهو يعني دخول النفق الذي لاخروج منه، والثاني هو قرار المواجهة ضد الاميركيين والاستمرار فيه الى النهاية، وهو يعني التوقيع على نهاية النظام بأحرف كبيرة بحيث يمكن للجميع قراءتها بوضوح!