الكراهية لا معنى لها
دروس الكراهية تواصل عملها بجد في أنحاء العالم، ويثيرها السياسيون ورجال الدين والعامة على حد سواء، مستثمرة كل تواصل طبيعي وتكنولوجي يقرب الناس في ما بينهم.
عندما خرج من الموت بمعجزة بعد أيام من مهاجمة كنيس يهودي في شمال سان دييغو بكاليفورنيا الأسبوع الماضي، رفع الحاخام يسروئيل غولدشتاين صوته بجملة أن الكراهية القائمة على الدين لا معنى لها، بينما كان يروي لحظات مواجهة المهاجم وهو يطلق النار.
لدينا مثال آخر لرجل دين على الضفة الأخرى يجد نفسه معادلا للانتقام، أو على الأقل متساهلا معه! فقول الكاردينال مالكولم رانجيث، رئيس أساقفة كولومبو إن “الكنيسة قد لا تكون قادرة على منع الناس من أخذ حقهم بأيديهم ما لم تجر الحكومة السريلانكية تحقيقا أكثر شمولا في التفجيرات، وتعمل على منع وقوع هجمات جديدة”.
كم نبدو بحاجة إلى استعادة كلمات الشاب الفرنسي الذي فقد زوجته في الاعتداءات الإرهابية التي شهدتها باريس عام 2015 بقوله مخاطبا الإرهابيين “لن تحصلوا على كراهيتي”.
وكتب أنطوان ليريس بعد يومين من فقد زوجته هيلين مويال التي تركت له طفلا رضيعا، مقدما درسا عميقا في إحساس الإنسان بالحرية “يبدو رئيس أساقفة كولومبو بحاجة إلى تعلمه وهو يتحدث عن الانتقام”!! عندما رفض منح كراهيته للإرهابيين الذين قتلوا زوجته، لأنه يدرك ما معنى أن يعيش الإنسان بكرامة وليس مسكونا بالتاريخ الغامض في قرون من الظلام.
المؤسف أن دروس الكراهية تواصل عملها بجد في أنحاء العالم، ويثيرها السياسيون ورجال الدين والعامة على حد سواء، مستثمرة كل تواصل طبيعي وتكنولوجي يقرب الناس في ما بينهم، الكراهية تسير بنفس خط الإرهاب والانتقام، مع أن لا معنى لها وفق تعبير الحاخام يسروئيل.
ليس كارهو النساء هم الذين يثيرون وحدهم الضجيج، الإساءة على أساس العرق، والدين، والسياسة، والجنس، وأي نوع آخر من التمييز بين البشر مستمرة بطريقة مخيفة.
لقد اكتشفنا أنّ حجم الكراهية التي تغلّف العالم مذهل، هناك رسالة كراهية كل ثلاثين ثانية تطلق على النساء في العالم الغربي، ونبدو بحاجة إلى إحصائية عن رسائل الكراهية الطائفية المنتشرة في عالمنا العربي.
سبق وأن توصلت دراسة إلى أن التعرض للمحتوى المتطرف على الإنترنت يمكن أن يؤدي إلى زيادة خطر التطرف الحقيقي والعنف السياسي. وتأسيسا على ذلك فباولا شريف النائبة في حزب العمال البريطاني، لا تستطيع أن تتذكر آخر يوم مضى دون أن تتلقى فيه رسائل تفيد بأن من الأفضل أن تكون ميتة.
بالأمس ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بـ”موجة التعصب” التي تضرب العالم، داعياً إلى الوقوف بوجه الكراهية التي تحرّكها. ورأى أن “المعركة ضد الكراهية والتطرف” تمر حالياً “بلحظة مفصلية”، وأن “الكراهية تهديد لكل العالم، ولذا على كل العالم المشاركة” في مكافحتها معاً. وقبلها قال الأمير وليام، دوق كامبريدج مخاطبا ناجين من مجزرة المسجدين في نيوزيلندا إن “الكراهية ستفشل في تقسيمنا”.
فإذا كنا نشعر جميعا بوطأة الكراهية التي تهدد حياتنا، لماذا نقف عاجزين عن إيقافها!