رواد معرض محمود عمامو يغوصون في 'أحاسيس بالألوان'
الفن بما هو فسحة للحلم حيث الدواخل تجترح سفرها من جهات وأمكنة وعواطف يمضي بالكائن إلى أعماق من النظر والتأويل وفق حالات شتى من العبارة التي تقول بما هو رمزي ودال يثير القلق والأسئلة خروجا عن المعهود في التعاطي الجمالي المتقصد.. والفن التشكيلي بوجه خاص من عوالم الفن التي تبحر بالذات إلى عوالم شتى كشفا واكتشافا وتشكيلا وفق المادة لمساحات وهيئات من المحامل نحتا للقيمة وعظمة السؤال... سؤال الفن والإبداع...
هكذا يبحر الفنان في هذه الأحوال ومعها وبها وضمنها مشيرا بشغف لا يضاهى إلى ممكنات التلوين حيث يقول حيزا من شواسعه وهو يحاور القماشة ويحاول عناصر فيها تبرز قابلة للقول بالرسم والتلوين مجالي خيال وابتكار في هذا البحر العاتية أمواجه من الفن الذي مر به منذ القدم محاولون ومبدعون ومحبون ومتمرسون وعشاق ديدنهم البوح بما في الأعماق رغبة في الإمساك بلحظات إمتاع ظلت بعض آثارها إلى الآن من العلامات والشواهد في تاريخ الفن وفق اتجاهات وتيارات ومدارس وبما في بعضها من عفوية التعاطي ودلالات ورموز هي عين العصارة للتجربة وثمارها الجمالية وإشراقاتها اليانعة..
ها هو الفن في زواياه المتعددة حيث الفنان يعي شيئا من هذه اللعبة الفنية التي تتلبس به فيمضي معها بالمهج والعواطف والعواصف والأحاسيس حوارا وسؤالا ونظرا مفتوحا قدام العناصر والأشياء.. وهنا وفي سياق التجربة نمضي مع تجربة الفنان التشكيلي محمود عمامو بمناسبة معرضه الفني التشكيلي الشخصي تحت عنوان "أحاسيس بالألوان émotions en couleurs "والمتواصل إلى غاية يوم 11 يونيو/حزيران 2024 بصالون "الرواق" بجوهرة بسوسة، حيث كان الافتتاح يوم الجمعة 24 مايو/أيار الماضي وبحضور جمع من الفنانين التشكيليين وأحباء الرسم وبإشراف مندوبة الشؤون الثقافية بسوسة الأستاذة جليلة العجبوني.
في لوحات الفنان عمامو حساسية فنية وشاعرية مبثوثة في العمل الفني وفق إيقاع داخلي يطغى مع تجريدية بينة فكأن الرسام يبث أحاسيسه يمنحها فضاء القماشة لتقول ذاتها ذاته بكثير من البراءة والحلم..
تخير الفنان التشكيلي محمود عمامو عالمه المشكل للوحاته وفق رؤيته لجمالية بها عفوية واعية تبرز مفردتها الفنية وكأنها في تصميم متقصد يحيل إلى ذلك العالم الساحر من احتشاد الذاكرة الحسية عبر فيض الأحاسيس لتبدو اللوحة في وحدة متكاملة عناصر القراءة حركة ولونا ومساحة قائلة بالوجد وما به من باطن الفنان من عواطف شتى.
في هذه الأعمال بهذا المعرض حالة من رغبات فنان يبدو أن به رغبات للارتجال تلاؤما مع ما يفضي إليه العمل الفني في سياق من الانسيابية تلوينا وموضوعا وهذا ضرب من الخروج عن مألوف الإيقاع الباطني لسياقات معيشة من قبل الفنان فكأنه يرجو اللامنتظر واللامتوقع فقط ما هو منسجم مع إحساسه العميق وبطريقته هو فقط.. إنه الانسياب للذات تفعل فعلها العميق بعيدا عن بهرج اليومي والآخرين.. إنه الإنصات لإيقاع مخصوص هو إيقاع الدواخل بأحاسيسها المتحركة والمتراكمة والعميقة وقد حفرت في ذات الفنان حكاياتها وسردياتها المختلفة وها هو الفنان محمود عمامو ينصت إليها ويحاورها ويحاولها قولا بلذتها وجمالها.. لذة الفن وجماله..
لوحات مختلفة في صالون الرواق بسوسة دالة على عوالم الفنان محمود عمامو فيها موسيقى بينة وهدوء ضاج وسردية ملونة هي عين بوحه وشجنه وبهجته وقوله الدفين وكل ما نسميه الأحاسيس التي عثر عليها في ذاته وبثها بدلال الفن واللون على مساحات القماشة..
معرض وتجربة وذهاب آخر من قبل الفنان محمود عمامو للتجريب تفاعلا مع دواخله وبنزعة فيها من الشاعرية الكثير.. تتمعن في اللوحات فترى شيئا منك يبادرك بالرغبة في النظر والتأمل لتلمس بعض المشترك البين في الذات.. للألوان أحاسيس جمة تبتكرها من متخيرها الفنان.. صاحبها.. صاحب الأحاسيس.. واللوحات.. والفكرة.. وهذا المعرض الأنيق الذي يتواصل بصالون "الرواق" بجوهرة بسوسة وذلك إلى غاية يوم الثلاثاء 11 يونيو/حزيران 2024...