هل من ضرورة للمخرج المسرحي؟

المخرج المالك أدواته الإخراجية من فهم عميق للنص وتفسير جيد للنص وقيادة ملهمة وواعيه تستطيع أن تقود الجميع إلى مقابلة مشرفة مع جمهور لا يرحم وقد يترك العمل، ويغادر كما يحدث كثيرا في بعض الاعمال.

بداية أنا لا أريد اختراع العجلة من جديد، ولا أريد أيضا أن أُعرف المعرف والمعروف. ولكن بحكم مشاهداتي الكثيرة لعروض مسرحية في المدارس بحكم عملي كرئيس لجنة التحكيم بوزارة التربية والتعليم سنوات عديدة، وكذلك كعضو في لجان التحكيم في معظم المسابقات المسرحية التي تقدم في الجامعات وهيئة قصور الثقافه من أقصى الصعيد إلى الإسكندرية. ومشاهداتي كمهتم بالحركة المسرحية وكذلك كوني مخرجًا قدمت العديد من الأعمال المسرحية في معظم فرق مسرح الدولة وقصور الثقافة والجامعات المصرية.

بحكم كل ما تقدم لاحظت غياب دور المخرج في كثير من الأعمال رغم وجوده اسما على الافيش، ولكن ليس له دور ملموس أو محسوس في العمل الذي نراه.

إذن هل للمخرج ضرورة؟

للإجابة عن هذا السؤال لا بد من الخوض في بعض المصطلحات التي تناسب الإجابه منها:
1- تعريف المخرج المسرحي.
2- وظيفه المخرج.
3 - أثر المخرج الفاهم المفسر الواعي. على إثراء العمل الفني المقدم.
وبعد ذلك علينا أن نحدد مدى أهميه وضرورة وجود المخرج في العمل الفني

تعريف المخرج: هو القائد أو ربان السفينه أو قائد الطائرة الذي يملك مفاتيح القيادة ويدير العملية بوعي وامتلاك للأدوات الإخراجيه وقيادة الطاقم الذي يعاونه من مهندس ديكور وملحن وقائد اوركسترا ومصمم الإضاءة ومصمم الملابس والممثلين وكل من يعمل في العمل من عمال وفنيين.

وظيفه المخرج:

أ-  قراءه النص وإعاده كتابته برؤيه إخراجية:

 ونحن هنا نتحدث عن المخرج المفسر والمظهر لخفايا أسرار النص المسرحي، فالنص حين يكتبه المؤلف يُعاد كتابته مرة أخرى عن طريق المخرج من خلال استخراج مكامن وأسرار النص المسرحي، وكيفية صناعة المعادلات الموضوعية للنص من ديكورات وملابس وموسيقى وهكذا.

ب - اختيار الطاقم من مهندسي الديكور والملابس والموسيقيين وكتَّاب الأشعار، وغيرهم ويتم طرح وجهات نظر المخرج في النص وما يريده وما يحلم به لإيصال النص بعد تفسيره الخاص له. وتتم عدة لقاءات بين المخرج وبينهم، ينتج عنها أن كل واحد منهم يعرض قراءته للنص من وجهة نظره التي في الغالب تتفق مع وجهه نظر المخرج، أو يعيدون كتابة النص بشكل مغاير كما تقول الكاتبه الفرنسيه اوديت أصلان: (إن النص المسرحي يكتب أكثر من مرة عن طريق المؤلف، ومرة أخرى عن طريق المخرج ثم مرو ثالثه عن طريق الجمهور). وتعدد هذه القراءات تصل بالنص إلى المرسى المراد.

ج - اختيار الممثلين:

وهي في رأيي من أصعب وأخطر المراحل، فقد كنت أعمل أثناء إخراجي لأي عمل جدولا اسكن في كل دور ممثلين بترتيب الأقرب ثم الأقل قربًا من وجهه نظري  لطبيعه الدور من حيث ـبعاده المختلفة.

ثم يأتي دور توزيع الأدوار وعمل بروفات الترابيزه أو المائدة والتي يستمع فيها المخرج لوجهات نظر الممثلين في أدوارهم ويطرح عليهم وجهة نظره في حضور المؤلف ان وجد.

ثم تأتي بعد ذلك بروفات الأداء وسكك الأداء المناسبة والتي تتفق مع وجهة نظر المخرج الإبداعية وهكذا.

ثم تأتي بروفات الحركة المسرحية ودائما ما تكون الحركة ترجمة لطبيعة الشخصيات وعلاقاتها فيما بينهم على خشبة المسرح. المسألة ليست وضع ممثلين على خشبة المسرح فقط. لا والف لا. هناك رسم حركه مفسرة ودافعة للعمل إلى الأمام ومحافظة على تعلق الجمهور طوال مدة المسرحية بالعمل كذلك المحافظة على إيقاع العمل المسرحي.

ثم تأتي البروفات النهائية (البروفات الجنرال) ويتم ذلك بتسجيل كل صغيرة وكبيرة من خلال مساعدي الإخراج. ويكتب أيضا المخرج ملاحظات ثم يناقش فيها الكاست حتى نصل إلى لقاء الجمهور.

أثر المخرج الفاهم المفسر

بلا شك أن المخرج المالك أدواته الإخراجية من فهم عميق للنص وتفسير جيد للنص وقيادة ملهمة وواعيه تستطيع أن تقود الجميع إلى مقابلة مشرفة مع جمهور لا يرحم وقد يترك العمل، ويغادر كما يحدث كثيرا في بعض الاعمال، نتاجًا لترهل إيقاع العمل أو السذاجة في التناول وغيرها من العيوب.

مما تقدم في هذه العجاله نستطيع أن نجاوب على السؤال المطروح هل للمخرج ضروره؟

نعم وألف نعم، ولكن بالمواصفات والأبعاد والوظائف التي طرحت، وهذه لا تأتي فجأة، بل نتاجا لدراسة وفهم وموهبة كبيرة.