صالون الخنساء للإبداع بصفاقس يكرم الأديبة فاطمة بن محمود

في نطاق تطوير أنشطته اختار الصالون تأثيث ندوات تحتفي بأبرز الأسماء الأدبية الفاعلة ضمن سلسلة 'اشراقات مبدع'.

تُمثل الصالونات الثقافية واحدة من أهم عناصر الحراك في المشهد الأدبي التونسي والتي تساهم بشكل كبير في تأثيث لقاءات ثقافية وندوات أدبية وحفلات توقيع الكتب الصادرة حديثا. ويعتبر صالون الخنساء للإبداع بصفاقس الذي أسّسته وتترأسه الشاعرة دنيا الزرلي أحد أكثر الصالونات إشعاعا في البلاد التونسية.

وفي نطاق تطوير أنشطته اختار صالون الخنساء استراتيجية جديدة هي تأثيث ندوات تحتفي بأبرز الأسماء الأدبية الفاعلة ضمن سلسلة "اشراقات مبدع" لذلك اختارت أن تفتتح موسمها الثقافي الجديد بتأثيث ندوة أدبية تحتفي بالتجربة الإبداعية للكاتبة فاطمة بن محمود، التأمت الندوة بالاشتراك مع مُركّب محمد الجموسي السيد وليد بن يحي ودعم من مؤسسة ألماس سكول.

من اهتمامات الندوة هي الاشتغال على جانب من المدونة الإبداعية للمحتفى بها ولذلك اختارت رئيسة الصالون أن يكون ذلك من خلال نماذج مما أصدرته الكاتبة فاطمة بن محمود وهي رواية "الملائكة لا تطير" في السرد، وكتاب "صديقتي قاتلة" في اليوميات، وديوان "ما لا تقدر عليه الريح" في الشعر. وتكفل الدكتور عبدالمجيد بن البحري بتقديم مقاربة نقدية بعنوان "كتابة الذات في أدب اليوميات، قراءة في "صديقتي قاتلة نموذجا"، أما الدكتور مصطفى بوقطف فقد اختار أن يتحدث عن "بلاغة السرد في رواية "الملائكة لا تطير"، في حين اشتغلت الناقدة والشاعرة سلوى بن رحومة عن مقالة بعنوان "من الرقي الإنساني إلى الانكسار الذاتي في شعر فاطمة بن محمود".

تمّ اللقاء في مسرح مركّب محمد الجموسي وحضره جمع غفير من دكاترة جامعة صفاقس وأساتذتها وأيضا من مبدعي الجهة ومثقفيها كما واكبه جمع من التلاميذ والأصدقاء وعشاق الأدب.

في حضرة التلاميذ:

لعل من أبرز فقرات الندوة لقاء أثثته الأستاذة أنيسة شرف الدين التي عرفت في الجهة بتأسيسها لنشاط ثقافي في الوسط المدرسي وذلك في المعهد النموذجي بساقية الزيت في صفاقس 2 وتشتغل فيه أساسا مع تلامذتها على المدونة السردية التونسية بحيث تقوم معهم بقراءة الروايات وتحليلها ومناقشتها وأيضا بمسرحة بعض فصولها من خلال تصوّر وإعداد ركحي تحت إشراف الأستاذة أنيسة شرف الدين.

في الندوة حضر عدد هام من تلامذتها الذين سبق لهم أن اشتغلوا على أحدث روايات المحتفى بها بن محمود وهي رواية  بعنوان "زمن الغبار" التي تناولت فيها بالنقد حضور الإسلام السياسي في تونس من خلال بعض المظاهر الاجتماعية الغريبة عن المجتمع التونسي وطرحوا أسئلتهم واستنتاجاتهم على الروائية فكان التفاعل لافتا بين التلاميذ وأستاذتهم حول الأديبة بن محمود.

حول كتاب اليوميات "صديقتي قاتلة":

في مداخلة الدكتور عبدالمجيد بن البحري اهتم خاصة بتجليات الذات في يوميات "صديقتي قاتلة" (يوميات زمن الكورونا) وقدم مجموعة من الاستنتاجات اللافتة أهمها أن هذا الكتاب "من منظور التحليل النصي لنسيجه الداخلي محكوما بمنطق الانتظام الهيكلي ومسيّرا بمبدأ الانسجام الخطابي في المستويات الموضوعاتية والتلفظية والاستعارية والتصورية البنيوية". وختم الدكتور بن البحري مقاربته باستنتاجه "أن هذا ما دعانا إلى اعتبار الاثر الأدبي هو ضربا من 'اليوميات الروائية' التي لا تخرج عن دائرة أدب الذات المرجعي ولا تنقض قواعد 'الميثاق الأجناسي اليومياتي' وإنما تنزع إلى نوع من التماسك والالتحام والانسجام النصّي الذي تأباه عادة طبيعة الكتابة في اليوميات".

حول رواية "الملائكة لا تطير":

الدكتور مصطفى بوقطف فقد اهتم بجوانب هامة في الكتابة السردية لرواية "الملائكة لا تطير" واستنتج أنها رواية تعبر عن موقف من الإسلام السياسي الذي مسك بزمام السلطة في فترة ما بعد "الثورة في تونس ودافعت الرواية عن أطروحة تنويرية نتبنيها ضمنيا وهو ما يجعل الرواية تتنزل ضمن رؤية إبداعية".


المفارقة في ديوان "ما لا تقدر عليه الريح":

الناقدة والشاعرة سلوى بن رحومة فقد سعت أن تبحث عن ذات الشاعرة في قصائدها من خلال مفارقة تجمع بين التوق إلى القيم الإنسانية المطلقة متمثلة في الحب والصداقة والخير مشاعر الخيبة والفجيعة والإحباط. وانتهت بقراءة شعرية لعدد من القصائد من الكاتبة المحتفي بها.

تخلل اللقاء قطع موسيقية وأغان جميلة بقيادة أستاذ الموسيقى الفنان عادل محمد المحجوبي كان بعضها رفقة طفليه.

واكب اللقاء مجموعة من وسائل الإعلام التونسية من بينها إذاعة تونس الثقافية من خلال استضافة قامت بها الإعلامية منى الدريدي، وإذاعة تونس أفريقيا للأنباء من خلال الإعلامية هادية بوصرصار، وإذاعة صفاقس الجهوية التي فضلا عن متابعتها اللقاء خصت الإعلامية هاجر القرقوري المحتفى بها الكاتبة فاطمة بن محمود بمساحة حوارية هامة امتدت على ما يقارب الساعة أثثتها رفقة الناقد التونسي الدكتور شفيع بالزين الذي قدم بدوره قراءة نقدية خاطفة لأهم إصدارات الكاتبة.

صالون الخنساء للإبداع بصفاقس يواصل نجاحه:

صرحت رئيسة صالون الخنساء للإبداع بصفاقس الشاعرة دنيا الزرلي أن نجاح مثل هذه الندوات التي يقع فيها الاحتفاء بأسماء إبداعية في تونس سيجعلها تواصل في سلسلة من الندوات التي ستحتفي فيها مستقبلا بمبدعين كبار من حقول شتى، وكشفت عن الشخصية القادمة التي ستكون موضوع احتفاء وتكريم من طرف الصالون وهو الفنان المسرحي الكبير عيسى الحرّاث.