حب الأم المفرط يفتح أبواب الطيش في فيلم 'حي وميت'
الرباط - فاز الفيلم القصير "حي وميت" للمخرج المغربي يوسف حسيك بجائزة الدورة السادسة لمهرجان النور السينمائي، الذي أقيم في مقاطعة عين السبع بالدار البيضاء، إذ يعالج الفيلم قصة شاب مستهتر لا يتحمل المسؤولية، يعيش حياة فارغة بعيدًا عن أي التزام، مستغلاً حب والدته المفرط وغياب والده، لكن الأحداث تنقلب عندما يرتكب الشاب خطأً فادحاً بحق فتاة كانت ضحية طيشه.
الفليم من سيناريو محمد عاقيل، وبطولة كل من صباح بن الصديق، نجاة غزلاني، أحمد شرقي، منير مومادي، خديجة معان، ياسين غلفان، عبدالله الطوس، ومحمد عاقيل.
وفي هذا السياق كان لـ "ميدل ايست اونلاين" حوار مع المخرج يوسف حسيك حول تجربته الفنية بين الأفلام الوتائقية والسينمائية، وفيمايلي نص الحوار:
كيف بدأت رحلتك في عالم الإخراج السينمائي؟
انطلقت من كاريان الحاج أحمد بمنطقة مولاي رشيد، عندما كنت أسمع دعابات تحمل طابع الفكاهة عن التمثيل منذ طفولتي، وفي عام 1989 تسللت عبر سور مؤسسة ابن باديس لمشاهدة عرض مسرحي لفرقة تضم الفنانة السعدية أزكور، وكانت تلك اللحظة التي أسرتني بجمالية المسرح، خاصة مسرح الطفل، ثم التحقت بدار الشباب مولاي رشيد بورنازيل عام 1993، حيث تعلمت المسرح على يد الأستاذ مؤدين، وشجعني الفنان هشام بركوشي على التقديم إلى المعهد المسرحي، حيث تتلمذت في سنتي الأولى على يد المرحوم محمد سعيد عفيفي، ثم على يد الأستاذين بوشعيب الصياد وبوشعيب الطالعي، كما تلقيت تكوينات مع الأستاذ فنيش والأستاذ عبد الكريم برشيد، وخلال دراستي في المعهد، كنت أرافق أصدقائي في تجارب الأداء للأفلام، وهذا أتاح لي فرصة المشاركة في إنتاجات مغربية ودولية، وكانت تلك البداية الفعلية لمساري الفني.
ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتها أثناء إخراج الأفلام الوثائقية؟
نعم، التحديات المالية التي أثرت على جودة الإنتاج وتحقيق الرؤية الفنية، إضافة إلى صعوبة البحث عن المعلومات والوصول إلى الشخصيات الرئيسية أو الشهود، كما شكل التنسيق مع الفرق المختلفة في مرحلة ما بعد الإنتاج، تحديا يتطلب تحقيق توازن بين الرؤية الإبداعية والمتطلبات التقنية، لكن اعتمدت على التخطيط المسبق وإعداد ميزانية واضحة تحدد أولويات المشاريع.
ما الرسالة التي تسعى إليها من خلال أفلامك؟
تقديم صورة صادقة تعكس تحديات الناس ونجاحاتهم اليومية، إذ أركز على موضوعات مثل الفقر، التعليم، الهجرة، والهوية الثقافية، لما تحمله من أبعاد إنسانية، وأسعى عبر سرد القصص الفردية إلى نقل معاناة الناس وآمالهم، وإثارة النقاش حول القضايا المهمة لخلق نوع من الوعي الاجتماعي.
كونك مديراً لجريدة "مع الحدث"، كيف تؤثر الصحافة على أسلوبك الإخراجي؟
نعم، يمنحني حقيقة فرصة متابعة الأحداث الجارية وفهم القضايا الاجتماعية والسياسية، ويساعدني في اختيار الموضوعات الأكثر تأثيرًا، إذ تصقل الصحافة مهاراتي في البحث، لأنني أعتمد في الأفلام الوثائقية على نفس الأساليب الصحفية، من جمع المعلومات والتحقق من الحقائق إلى تحليل الحكايات المختلفة، كما أكسبتني تجربتي الصحفية شبكة واسعة من العلاقات مع شخصيات مختلفة، وهذا يسهل علي الوصول إلى الشهود والخبراء لإثراء أعمالي وتقديم رؤى متعددة.
حدثنا عن تجربتك في إخراج الفيلم القصير "حي وميت"، وما الذي يميزه عن باقي أعمالك؟
سعى الفيلم إلى استكشاف التناقضات التي تسكن الحياة اليومية، من خلال طرح العلاقات الإنسانية المعقدة والتداخل بين الحياة والموت، وما يميزه عن باقي أعمالي هو الأسلوب السردي الذي يجمع بين الواقعية والرمزية،كما أن التعاون مع فريق العمل وخصوصا الممثلين، كان عنصرا حاسما في إبراز الجانب الإنساني للقصة.
ما هي المعايير التي تعتمدها في اختيار موضوعات أفلامك الوثائقية؟
استكشاف التراث الثقافي الغني للمغرب، بما في ذلك العادات والتقاليد والفنون الشعبية، بهدف تعزيز الفخر الوطني وتعريف الأجيال الجديدة بتراثها، وأركز على الأحداث التاريخية المهمة التي شكلت هوية المغرب، كالحركات الاجتماعية التي أثرت في مجرى التاريخ، بينما أسعى لتوثيق الحرف التقليدية والفنون المهددة بالانقراض، مقدما نماذج من الحرفيين والفنانين الذين يحافظون عليها، لتحفيز الجيل الجديد على تقدير هذا الإرث، وأحرص أيضا على إبراز التنوع الثقافي واللغوي للمغرب، موضحا كيفية تفاعل الثقافات المختلفة في تشكيل الهوية الوطنية.
كيف ترى مستقبل السينما الوثائقية في المغرب، وما الدور الذي يمكن أن تلعبه في توثيق الواقع؟
واعد ويتجه نحو المزيد من التطور والنمو، ففي السنوات الأخيرة بدأنا نشهد اهتماما متزايدا من الجمهور والمستثمرين، وهذا يفتح الأبواب أمام فرص أكبر لصناع الأفلام، بينما يمكن للسينما الوثائقية أن تلعب دورا حيويا في توثيق الواقع المغربي، فهي تساهم في رفع الوعي حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية من خلال تقديم قصص حقيقية تاريخية حية.
ما هو العمل الذي تعتبره الأهم في مسيرتك المهنية حتى الآن؟
أعتبر أن الفيلم الوثائقي "مولاي عبدالله أمغار" هو الأهم لأنه يشكل جزءا كبيرا من هويتي كصانع أفلام وهو احتفاء بالثقافة والتراث المغربي الغني، إذ يركز على فن التبوريدة، الذي يعتبر تقليدا شعبيا مغربيا يجسد قيم الشجاعة والكرم، ومن خلال تصوير العروض الاحتفالية، استطعت أن أظهر جمال هذا الفن والتراث الثقافي الذي يعكس قيم المجتمع المغربي، كما أن العمل ساهم في تسجيل فن التبوريدة كتراث لامادي من قبل منظمة الإسيسكو، وهذا يبرز أهمية الفيلم في توثيق وحماية التراث الثقافي المغربي.
وأظهر الفيلم أيضا كيف استطاعت عروض التبوريدة الشعبية جذب أكثر من 2 مليون زائر، وهذا ما يبرز قدرة الثقافة المغربية على جذب الانتباه والإلهام، ومن خلال "مولاي عبد الله أمغار"، آمل أن أكون قد ساهمت في تعزيز الفخر الوطني وتعريف الجمهور بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي.
ما المشاريع التي تعمل عليها حالياً؟
أعمل حاليًا على مشروع وثائقي جديد يركز على "التراث الشفوي للأضرحة والزوايا" من منظور ثقافي وتاريخي، إذ يهدف المشروع إلى توثيق كرامات الأضرحة والزوايا في المغرب، مع التركيز على نقل التراث الشفهي لكل منطقة دون التدخل في ما هو ديني، ويتضمن المشروع التركيز على القصص الشعبية المتعلقة بالأضرحة والزوايا، مثل الاعتقادات حول مياه معينة، مثل "ماء البار" الذي يعتقد أنه يشفي من الأمراض الجلدية، وسأجمع شهادات من الأفراد في مختلف المناطق لتقديم تنوع ثقافي حول التجارب والمعتقدات المحلية، والتعريف بها دوليا من أجل الاستثمار.