عدد جديد من 'المسرح العربي' يرى النور وسط كوكبة من النقاد والباحثين

الاصدار 34 من المجلة الصادرة الهيئة العربية للمسرح يضم مروحة واسعة من الموضوعات المتنوعة في إطار تفعيل الشعار الدائم والثابت 'نحومسرح عربي جديد ومتجدد'، عبر دراسات ومتابعات للنصوص والعروض والإصدارات والتجارب في مختلف البلدان العربية.

كان في مقدمة الأهداف التي تسعى الى تحقيقها الهيئة العربية للمسرح – ومازالت - المساهمة في النهوض بالعمل المسرحي العربي وترسيخ الثقافة المسرحية في المجتمعات العربية، والعمل على ابراز المنجزات المسرحية العربية المتميزة وتشجيع الابداع المسرحي الحر لصناع  الجمال، والمساهمة في نشر وتوثيق الثقافة المسرحية في الوطن العربي، عبر عديد الفعاليات والبرامج والأنشطة والمهرجانات، ومنها إصدار مجلة "المسرح العربي" الشهرية. حيث يشكل مجال النشر والتوثيق في الهيئة العربية للمسرح أهمية بل أولوية باعتبار توسيع رقعة الاهتمام بالفن المسرحي ومبدعيه، بل وبالحركة المسرحية في عموم الوطن العربي وانشغالها بالعمل العربي ومتابعة المسرحيين هنا وهناك من خلال سعي منتجهم الفني للتعبير عن الإنسان العربي بالوقوف معه في مواجهة الحياة العربية بكل إشراقاتها وانتكاساتها.

في هذا السياق، وبإشراف الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، صدر العدد الجديد من هذه المجلة الرصينة لشهر تشرين الثاني/نوفمبر 2023 ذي الرقم 34، الذي ضم مروحة واسعة من الموضوعات المتنوعة التي تصب في إطار تفعيل الشعار الدائم والثابت للهيئة العربية للمسرح " نحومسرح عربي جديد ومتجدد"، عبر دراسات ومتابعات للنصوص والعروض والإصدارات والتجارب المسرحية في مختلف البلدان العربية، بأقلام كوكبة من النقاد والباحثين المسرحيين العرب، بينهم خمسة عراقيين.

افتتاحية العدد جاءت تحت عنوان "المسرح ليس فعلاً حيادياً بل فعل منحاز" كتبها رئيس التحرير الأستاذ إسماعيل عبد الله،  الأمين العام ورئيس مجلس أمناء الهيئة العربية للمسرح، أكد فيها :" المسرح شأنه شأن كل الفنون الإبداعية، مكون من مكونات المشهد العام، الذي تصوغه مفردات صناعية وتجارية واجتماعية وثقافية وغيرها، لكن المسرح كفعل إبداعي، يقع في دائرة تركيز الضوء أكثر من غيره من مفردات تكوين المشهد العام، لذلك نجده كمؤسسات رسمية أو أهلية وكأفراد من صناعه والمشتغلين فيه، نجده ونجدهم مطالبين دوماً لإبراز موقف واضح ومتميز، خاصة حين يواجه المشهد العام أزمة ما من الأزمات الطبيعية مثل الكوارث والجوائح، أو غير الطبيعية كالحروب والانتكاسات، عندما يواجه ذلك النوع من الأزمات الذي يقتضي أنينهض الجميع للمواجهة من خلال الفعل الإيجابي المؤثر في التصدي للمعضلات التي تفرزها الحالة تلك".

مضيفاً " وعليه فإن اقتضى الأمر تصحيحاً لمسار أي من هذه المفردات المكونة للمشهد العام، فذلك يعني أن هذه المفردة لم تكن في تمام فعلها الإيجابي، والتصحيح أمر حيوي، أما في المسرح تحديداً وفي صنوف الإبداع عموماً، فإن ذلك إشارة إلى أن بوصلة الفعل كانت غير دقيقة، فالمسرح صنو الحياة ومؤشر صحتها، والمسرح لا يكون مسرحاً إن لم يكن منبراً للحق والجمال، إن لم يكن منبعاً للخير والعدالة وسداً في وجه الشرور من مغالاة وتطرف وامتهان لإنسانية الإنسان"، متابعاً "من هنا علينا كمسرحيين أن نكون دوماً في مسالك الحق والجمال والخير والعدل، أن نكون مبشرين بكرامة الإنسان دوماً، وأن نكون بناة لحصن الإنسانية بكل ما تقتضيه من انحياز لها، نعم المسرح منحاز للقيم العليا الإنسانية، المسرح ليس فعلاً حيادياً ولا يجوز أن يكون كذلك، لأنه قام ومنذ ظواهره الأولى على إعلاء المفاهيم والنماذج الإنسانية، وعلى فضح وكشف كل ما يمس الإنسان بسوء، وبلغ من التحدي في مسيرته البطولية ما بلغ".

ففي باب "دراسات" نقرأ ثلاث دراسات أولاها كانت بعنوان "تفعيل التربية الجمالية من خلال المحترف المسرحي" للدكتور عبد المجيد شكير من المغرب، الذي تناول العلاقة بين الفن والتربية إنطلاقا من إطار إشكالي يضع الفني والتربوي على قاعدة التساؤل والاستفسار، في أفق ترسيخ أسس "التربية الجمالية"، وتلمس دورها في التدريس والتكوين وأثرها وتأثيرها في الشخصية، ونتائجها على مستوى الذائقة وتربيتها وصقلها. لتأسيس ذوق/ حس مشترك. من خلال استحضار أنموذج المحترَف المسرحي بوصفه مثالاً للتطبيق. الدراسة الثانية كانت للدكتورة أسماء بسام من مصر التي بحثت،عبر دراسة سيميائية، في "نظريات الأداء المسرحي الجسدي الميلودرامي في المسرح المصري"، في حين تناول الباحث اللبناني الحسام محيي الدين في الدراسة الثالثة "المسرح الشعري في لبنان.. موت سريري أم أزمة عابرة". 

وفي باب "المسرح والثقافة" توقف الباحث المسرحي اليماني هايل علي المدابي عند "أتمتة فضاء العرض المسرحي"، والباحث المسرحي نور الدين الخديري من المغرب عند "هوية النص المسرحي في زمن التكنولوجيا"، والدكتور بشارعليوي من العراق عند "الوسائطية وحضورها في المسرح المغربي المعاصر"، وقدم الناقد الفني عبد العليم البناء عرضاً لكتاب  "رؤى جمالية في تناسج الثقافات المسرحية المعاصرة" لمجموعة من المؤلفين وتقديم أ.د.عبد الكريم عبود. وهوكتاب لا غنى عنه للدارسين والمتخصصين والمعنيين بالمسرح بما اكتنزه من رؤى جمالية في تناسج الثقافات المسرحية المعاصرة.

نقرأ في باب "متابعات النصوص المسرحية" قراءة نقدية بعنوان "جدلية الحياة والموت في مسرحية القبر للدكتور أكرم شلغين" لمصطفى سليمان من سوريا، مؤكداً فيها " كنت وأنا أقرأ أتوهم أنني أقرأ مسرحية وأحياناً أخرى أنني أقرأ قصة فتجولت متمتعاً بين قصة ممسرحة، ومسرحة قصة".في حين نقرأ  في باب "متابعات العروض المسرحية" قراءات نقدية لأربع تجارب لعروض مسرحية مهمة: "عندما تتحول الحياة إلى كوابيس فلا يأس للأمل ..قراءة في مسرحية أمل لجواد الأسدي" لمروة وهدان من مصر، و"إثنوغرافيا أداء الجسد في عرض طلقة الرحمة" ليوسف السياف من العراق، و"الفزاعة تشظي العنوان داخل النص ـ النص" للدكتورة أمينة حاج داود من الجزائر، و"جداريات محمد الحر المسرحية.. أبيض على أبيض عن مشروع محمد الحر المسرحي" لنجيب غلال من المغرب. ونقرأ أيضاً حواراً موسعاً مع المخرج التونسي حاتم دربال حول استخدام الصورة في عرض "شوق" الشاشة شخصية درامية أجرته الأردنية نجوى قندقجي. وفي باب "نصوص" على نصين مسرحيين أولهما نص "دكة غسل الموتى" للكاتب العراقي علي العبادي ونص "نبوءة" للكاتب المصري هاني قدري.

كما نقرأ تقريراً  شاملاً عن مهرجان بنغازي للفنون المسرحية من خلال تقرير لنور الدين عمران من ليبيا. وتم تخصيص باب "ذاكرة" لاستذكار الباحث والناقد والخبير في علوم المسرح يحيي الحاج في ذكراه الخامسة والحديث عن 3 محطات تشكلت منها تجربته المسرحية أنجزها الباحث والناقد والفنان العراقي أحمد الماجد.وأختتم العدد الرابع والثلاثون من مجلة "المسرح العربي" جولاته وسياحته في فضاءات الإبداع المسرحي وصناعه من شركاء الجمال عبر باب "تجارب مسرحية" بقراءة في مجموعة مسرحيات جون فوسيه قدمها المسرحي العراقي ضياء حجازي تحت عنوان "سلطة الضجروالعجز عن الحياة في أعمال فوسيه".

الجدير بالذكر أن الأستاذ اسماعيل عبدالله يرأس تحرير مجلة "المسرح العربي"، وفي التحرير الأستاذ يوسف عيدابي، والأستاذ غنام غنام، والإخراج الفني ماجد حبيب، ومسؤول الموقع الإليكتروني حسن التميمي.