نصير شمة رساماً تشكيلياً تسعفه اللوحة لتجسيد ما لم تستطعه الموسيقى

الموسيقار العراقي والعامي :أتحول الى اللوحة لكي أستعيد نفسي موسيقياً والعكس فهذا متنفس آخر وليس الغرض منه لا شهرة ولا مادة ومساحة أخرى من الجمال أعبر من خلالها عن أشياء كثيرة تشغلني.

يواصل الموسيقار العراقي والعامي نصير شمة حضوره في المشهد الإبداعي بكل تجلياته وتمظهراته الذاتية والموضوعية من دون كلل أو ملل أو توقف، فيعمل على مواصلة حفرياته في كل المجالات التي تمكنه من تقديم عطاءاته ومواهبة ومشاريعه الإبداعية والإنسانية والمجتمعية التي تؤكد حضوره كمثقف عضوي يمتاز بحيويته وشموليته وفاعليته التي جاوزت وطنه الأول العراق الى البلدان العربية ومن ثم الى أنحاء العالم، وما كان النغم عند المؤلف الموسيقي المقتدر والعازف البارع نصير شمّة تركيباً صوتياً وحسب، بل أحد أهم أشكال الوعي، وأخطر تجلياته وبالذات ما خصّ الموقف من قضايا وأزمات تحيق بالإنسان العربي المعاصر، فكان أكثر الفنانين العراقيين والعرب في الحصول على و"تقلد" المهام المميزة في المنظمات الأممية، وفي مقدمتها فنان اليونسكو للسلام التي قلدته إياها منظمة اليونسكو لدورتين متتاليتين للمرة الأولى في تأريخها، ناهيك عن تقلده مهمة سفير منظمة اللاعنف الدولية، والصليب الأحمر الدولي، والهلال الأحمر الدولي، واتحاد منظمات الهلال والصليب الأحمر الدولي، وغيرها مما لا يتسع المجال لذكرها بالتفصيل...

وفي لقاء سريع مع الموسيقار العالمي نصير شمة تحدث لنا عن آخر مبادراته ومشاريعه وحراكه الابداعي المتواصل فقال: " لدي أشياء كثيرة في هذه المدة لكن الظروف التي تمر بها غزة وفلسطين تجعلنا لا ننشر أي شي فني أو شخصي احتراماً للشهداء والجرحى، فالشعب الفلسطيني يدفع ثمناً باهظاً جداً، هناك وحشية كبيرة تقود العالم: كأننا عدنا عصوراً إلى الوراء ، إنقسم العالم وسقطت الإنسانية مع إبادة آخر ما تبقى من الإنسانية".

مضيفاً" لكنه تم – مؤخراً - افتتاح (بيت العود العربي) في الرياض مع هيئة الموسيقى التابعة لوزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية، وكانت مفاجأة بتقدم عدد كبير جداً أكثر من توقعاتنا بكثير، زاد عددهم على أكثر من ( 1500) طالب قدموا للدراسة في بيت العود لتلقّي الدروس التعليمية في العزف على العود أو صناعته، ولغاية الآن تمكنا من إختبار أربعمائة طالب وقبول نسبة منهم، وبدأت الدراسة فعلاً بأساتذة هم من خريجي بيوت العود الأخرى، من الدول العربية العراق، ومصر، وسوريا، وفي الدول العربية الأخرى. وأوضح "إن شاء الله تعالى سيكون (بيت العود العربي) في الرياض نافذة كبيرة بأهداف كثيرة ومنها اهتمامه بموسيقى البلد المضيف وتراثه الثقافي، ولقد أدخلنا المزيد من الآلات الموسيقية في هذا المشروع العربي إلى جانب تركيزه على آلة العود، لِيمنح الطالب حرية الاختيار لأحد الآلات التقليدية مثل العود، والقانون، والبزق والساز، والكمان، والناي، والإيقاعات، أو الآلات المبتكرة من قبل بيت العود مثل العودلين (الكمان الشرقي)، والعود لا (الفيولا الشرقية)، والعود لو (التشيلو الشرقي)، والعود باص (الكونترباص الشرقي)، إضافة إلى الدروس الصوتية المتنوعة، وتخريج أساتذة متخصصين في هذه المجالات."

وأشار شمة " نحن مشاركون في cop28 قمة البيئة والمناخ في دبي في الرابع من كانون الأول/ديسمبر المقبل، والذي سوف يكون حدثاً كبيراً يخص البيئة نطلقه من cop28 دبي، بحضور شخصيات عالمية وشخصيات عراقية وعربية."

بخصوص الأحداث الراهنة في غزة قال شمة" أنجزت عملاً عن القدس، ومؤلفات أخرى وأنا مستمر بالتأليف الموسيقي، دون توقف".

وكشف الموسيقار نصير شمة عن مفاجأة اقتحامه عالم الفنون التشكيلية وبالذات الرسم فأكد "الآن تعرض لي تسعة أعمال تشكيلية في كاليري الاتحاد، الذي يعد أقدم كالري في الخليج العربي كله."

معلناً عن تحضيره لمعرض شخصي مهم ويعكس تجربته مع الرسم التي يمتد عمرها – حسب تأكيده - إلى "أكثر من ثلاثين عاماً كنت لا أعلن عنها الى حين زارني بعض الفنانين الكبار من الرسامين والنقاد وأصحاب الكاليريهات، واطلعوا على الأعمال دون أن يعرفوا لمن وأبدوا الدهشة والاعجاب الشديد مشيرين بأن التجربة خاصة ولا تشبه أي تجربة بالفن التشكيلي، وتم تشجيعي على أن أخطو نحو خطوة العرض، وفعلاً تم عرض لوحات لي في "أبو ظبي آرت"، وهوتجمع عالمي للكاليريهات ولأكبر رسامي العالم، في العام الماضي كانت معروضة لي ثلاث لوحات، وسوف يكون هناك معرضي الشخصي الأول في النصف الثاني من الشهر المقبل وسيضم 45 لوحة."

وتابع شمة "إن شاء الله - حسب رأي النقاد والفنانين التشكيلين الكبار- أنها ستكون نقلة جديدة في مجال الفن التشكيلي بشكل مجرد عن الموسيقى، يعني لا يمكن أن يقال أن نصير شمة موسيقي ويحاول الرسم، بل إنها - كما يرون - تجربة حقيقية في الفن التشكيلي، وهذا له علاقة بتاريخ علاقتي بالفن التشكيلي منذ طفولتي وعلاقتي بالفنانين التشكيليين الكبار بالعراق والوطن العربي والعالم وقربي منهم ومن ستوديوهاتهم، والمشاهدات الكثيرة والقراءات والتجربة المباشرة على اللوحة، فكانت فرصة لي لكي أعبر عن أشياء هي كما في الموسيقى، فإذا كانت الموسيقى تخلق معنى من لا معنى، بمعنى أنها تخلق صوراً وأفكاراً من لاشيء، وفي الحقيقة من شيء غير مرئي وغير ملموس عبرالسمع تخلق صوراً، ففي الفن التشكيلي العمل على قتل المعنى تماماً والعمل بتجرد بتحويل كل نوته موسيقية الى درجة لونية حتى لو كانت من مشتقات لون واحد."

وبين شمة "إن هذا المشروع إستغرق ثلاثين عاماً، لكنه الآن بدأ يرى النور، وآمل أن يكون فعلاً متنفساً لي وحاجة حقيقة بالنسبة للرسم،إذ كنت عندما أشعر بالعجز وأني لست قادراً أن أعبر عن الأشياء التي تدور حولي على مستوى الموسيقى، أتحول الى اللوحة لكي أستعيد نفسي موسيقياً وبالعكس، فهذا متنفس آخر أعمل من خلاله وليس الغرض منه لا شهرة ولا مادة، والحمد لله حققنا المطلوب في مجال الموسيقى لكن هذا المشروع مساحة أخرى من الجمال أعبر من خلالها عن أشياء كثيرة تشغلني."