نبيل العطية يقدم 'تصحيحات لغوية وفوائد بلدانية'

كتاب الباحث العراقي يغني المكتبة العربية ويرفدها بما يحافظ على نطقها وسلامتها فكيف اذا ازدانت بمعلومات وفوائد بلدانية ربما غابت عن بال كثيرين، وقد صدق من قال إن قوة اللغة من قوة الأمة، وواقع الناس اليوم وكل يوم يشهد على ذلك، فالأمم القوية تشد من أزر لغتها وكلما قويت أمة قويت لغتها وزادت انتشاراً.

الباحث نبيل العطية قد تصدى لهذه المهمة الشائكة التي باتت تؤرق الكثيرين وتصاحب بل وتميز البعض من الذين يتعاطون مع اللغة، لأنها سلاحهم الوحيد في مخاطبة الرأي العام لاسيما الجيل الجديد من الإعلاميين بكتاب انصرف فيه "إلى تصحيح ما يخطيء فيه المخطئون في تلفظ أسماء بعض القارات والدول والمدن والمحلات، وليس الى ما يرتكب في التعدية واللزوم، وتصريف الافعال، والمبني للمجهول، والمبني للمعلوم، والتراكيب، واستعمال الحروف، وغيرها".

وبلغ عدد المفردات التي تناولها الكتاب مئة وثلاثاً وأربعين مفردة رتبها المؤلف على وفق حروف المعجم، ابتداءً بالهمزة وانتهاء بالياء، باستثناء حرفي الثاء والضاد التي لم ترد في مسموعاته، كما أكد في منهج الكتاب، حيث يذكر المفردة الصحيحة أولاً تليها المسوعة خطأ وكلتاهما ترسم بالحرف كتابة توخياً للدقة، التي هي مطلب هذا الكتاب. عبد العليم البناء

إذا كان التصحيح اللغوي يعرف بأنه عمل علمي قائم على حماية اللغة من الأخطاء التي قد يقع فيها الباحث أو الكاتب، سواء أكانت هذه الأخطاء في التراكيب أم المفردات أم العبارات أم الأساليب، بهدف إزالة العيوب والأخطاء من الكلام حتى يكون سليماً لغوياً، وخالياً من أي خطأ قد يغير المعاني أو قد يضر بها، فإن الباحث نبيل العطية قد تصدى لهذه المهمة الشائكة التي باتت تؤرق الكثيرين وتصاحب بل وتميز البعض من الذين يتعاطون مع اللغة، لأنها سلاحهم الوحيد في مخاطبة الرأي العام لاسيما الجيل الجديد من الإعلاميين، بل وحتى من البعض من الذين يمارسون الخطابة بشتى أشكالها وأنواعها ويظهرون عبر الشاشات الفضية فيقعون في أخطاء لغوية، تحديداً في تلفظ أسماء بعض القارات والمدن وما الى ذلك، تخرج عن السياق ولاتليق بهم في إطار هذا المعترك الصعب.

ومن أجل تلافي هذه الأخطاء أصدر الباحث اللغوي نبيل العطية مؤلفه الجديد "تصحيحات لغوية وفوائد بلدانية" الذي إكتنز بكل ما هو نافع ومفيد لهؤلاء وغيرهم، وانصرف فيه " إلى تصحيح ما يخطيء فيه المخطئون في تلفظ أسماء بعض القارات والدول والمدن والمحلات، وليس الى ما يرتكب في التعدية واللزوم، وتصريف الافعال، والمبني للمجهول، والمبني للمعلوم، والتراكيب، واستعمال الحروف، وغيرها."

نبيل ابراهيم العطية الذي يعد الثالث من بين أربعة أخوة أدباء محققين من مدينة (الكوت) في محافظة واسط العراقية، أولهم الأستاذ الدكتور الراحل خليل ابراهيم العطية، والثاني الدكتور جليل ابراهيم العطية، والرابع عقيل ابراهيم العطية الذي كرس جهوده للتنقيب في المسرح العراقي، أكد في المقدمة "وكأنني وجدت فيما يلفظ في هذا الضرب من الأغلاط كثرة توجب التصحيح، إذ لم أجد للأخطاء السارية في تلفظ هذه (البلدانيات) نصيباً من الرعاية من المعنيين بالتصحيح اللغوي من المعاصرين.: مستطرداً " علامة هذا أنهم لم يؤلفوا كتاباً مستقلاً يعالج هذه الأخطاء، وإنما وردت تصحيحاتهم في سياق مصنفاتهم عرضاً".

هذا وغيره قد شجعه العطية ودفعه الى تأليف هذا الكتاب، وكانت سعة الوقت - كما يذكر - حافزاً الى "الاستماع الى أجهزة البث الإذاعي، ومشاهدة القنوات الفضائية وما يعرض فيها من برامج ثقافية، فضلاً عن حضور بعض الندوات وما يلقى فيها من أحاديث تذكر فيها هذه المفردات البلدانية على غير وجوهها."

بلغ عدد المفردات التي تناولها الكتاب مائة وثلاثاً وأربعين مفردة رتبها المؤلف على وفق حروف المعجم، ابتداءً بالهمزة وانتهاء بالياء، باستثناء حرفي الثاء والضاد التي لم ترد في مسموعاته، كما أكد في منهج الكتاب، حيث يذكر المفردة الصحيحة أولاً تليها المسوعة خطأ وكلتاهما ترسم بالحرف كتابة توخياً للدقة، التي هي مطلب هذا الكتاب.

مع أن الهدف الرئيس من الكتاب هو التصحيح اللغوي للأخطاء الواقعة في تلفظ المفردات البلدانية، فإن المؤلف يؤكد "إني وجدت أن من النافع تقديم نبذ وجيزات عن هذه المفردات، إذ ماقيمة أن يعرف ضبط اسم مدينة نصيبين مثلاً دون معرفة موقعها وفي أي بلد هي؟، وقد رمز الى هذه النبذ بالحرفين 'ف، ب'، أخذاً من كلمتي فوائد بلدانية، ليقدم هذه الفوائد بأسلوب سهل ومختصر وقريب من عامة القراء غير المتخصصين لتكون الاستفادة منها ممكنة.

وتشمل هذه البلدانيات في جانب منها على معانيها وأسماء مؤسسيها وأوصافها المستقاة من المصادر البلدانية الموثوقة، مع اعتماد نهج ياقوت الحموي في كتابه "معجم البلدان" بذكر أعلام المدن وأعيانهم، لكنه لم يقتصر على القدامى منهم بل ذكر بعض أسماء المحدثين من اللامعين وذوي المكانة الثقافية، تقديراً لجهودهم ومساهماتهم، بالاعتماد على كتب الطبقات وتراجم الأعلام وبعض المصادر البلدانية، مع الإشارة الى أن الباحث قد أكد أن بعض التصويبات تنطوي على "وجهات نظر مختلفة لفريق من المهتمين بالتصحيح اللغوي، رجحت ما رأيته صواباً، وخالفت ما لم أره كذلك، وهو اجتهاد قابل للنقاش."

لاحظ الباحث أن الأغلاط الواردة على ألسنة اللافظين في هذا الكتاب شملت : قصر الممدود وفتح ما حقه الكسر وكسر ما حقه الفتح، وتثبيت الياء فيما حقه حذفها، والتخلي عن قواعد التصغير، وإضافة أل التعريف إلى غير موضعه، والتحرر من قواعد النحو، وفتح ما ينبغي ضمه، وتخفيف المثقل، وضم مايستحق الفتح، وكانت شواهده في ذلك كله: القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، والشعر، ولم يقف فيه - حسب قوله - "عند عصر الاحتجاج اللغوي، المختوم بشعر ابراهيم بن هرمة - كما قيل – بل استشهدنا بشعراء بعده، بل وبالمحدثين أيضاً كالجواهري، ومصطفى جمال الدين لحيازة كل منهما شروط الفصاحة، ولمكانتهما في أدبنا الحديث."

اما المصادر الخاصة بالتصحيح اللغوي التي اعتمدها المؤلف فشملت : المعجمات اللغوية، وكتب اللغة والتصحيح اللغوي القديمة والحديثة، في حين شملت المصادر الخاصة بالفوائد البلدانية : معجمات البلدان قديمها وحديثها، والمعرب للجواليقي، وشفاء الغليل للخفاجي، ورسالة التعريب للمنشي، لمعرفة أصول بعض البلدانيات ..

كتاب الباحث نبيل العطية "تصحيحات لغوية وفوائد بلدانية" الذي صدر في (233) صفحة من القطع الكبير، اختتمه بالفهارس التي شملت: الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة، والشعر، والأمثال، فضلاً عن المصادر والمراجع والدوريات، يجيء بعد سلسلة من الإصدرات ابتدأها بـ"دفاع عن العربية" الذي صدر عام 1990 ضمن سلسلة الموسوعة الصغيرة لدار الشؤون الثقافية العامة، وعرض فيه جهود العرب في الدفاع عن سلامة العربية وفصاحتها، وكتاب "من معجم العامية المستمدة من الفصيحة" الصادر ضمن السلسلة ذاتها، وجاء ضمن جهوده لإثبات أن اللغة العربية متطورة، وتحقيقه لكتاب "ابن النديم" لأبي الفتح محمود بن الحسين الرملي المعروف ب"كشاجم" وجمع فيه مجموعة من الكلمات المتداولة التي ترجع الى الأصل العربي الفصيح، وكتاب "مما كتبت" الذي ضم مجموعة مقالات مستقلة تقع في دائرة التراث القديم والحديث، وكتاب "رؤى في كتب وكتاب" الذي جمع في جانب منه رؤى ومواقف أديب كطه حسين، ولغوي كمصطفى جواد، وشاعر كالرصافي، تجاه الشاعر أبي الطيب المتنبي، وكتاب "أوراق لغوية"، وغيرها.

كتاب "تصحيحات لغوية وفوائد بلدانية" يغني المكتبة العربية ويرفدها بما يحافظ على نطقها وسلامتها فكيف اذا ازدانت بمعلومات وفوائد بلدانية ربما غابت عن بال كثيرين، وقد صدق من قال إن قوة اللغة من قوة الأمة، وواقع الناس اليوم وكل يوم يشهد على ذلك، فالأمم القوية تشد من أزر لغتها وكلما قويت أمة قويت لغتها وزادت انتشاراً.