أحياء شعبية 'مسلحة' في تونس عصية على رجال الأمن

حي التضامن والكبارية وسيدي حسين والسيدة تغيب فيها سلطة القانون مقابل سطوة العنف والبلطجة والانحلال الاخلاقي، ورجال الامن في مهمة محفوفة بالمخاطر قد تكلفهم حياتهم.

تونس - في تقرير صادم حمل عنوان "أحياء تونسية ممنوعة على الأمن" بثته قناة الحوار التونسي الخاصة، يتبادر الى الذهن مدى حجم تردي الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية في تونس وغياب سلطة القانون مقابل سطوة العنف والبلطجة والانحلال الاخلاقي في مناطق تضم كثافة سكانية عالية ويغلب عليها الشباب والأطفال.
وبدت أحياء المدن التونسية وكأنها تضللها مسحة من الكآبة تستبطن إحباطا كثيرا ما تغذى من أزمة حادة على مختلف المستويات.
وانتقل التقرير المصور الى حياة الليل في احياء فقيرة وخطيرة بالعاصمة التونسية يكون فيها السلاح الابيض والساككين والعصي سيد الموقف حيث لا يتوانى شباب تعودوا على ارتياد السجون عشرات المرات عن  اقتناص فريستهم من المارة ولا سيما الطلبة لسرقة ما بحوزتهم ومجرد عدم الانصياع لاوامرهم يكلفهم حياتهم.
ويتباهى الشباب في هذه الاحياء بالسرقة والعنف والاتجار في المخدرات.
وقد صرحوا انهم لا يخشون الأمن وان الاعتداء على غيرهم بأدوات حادة هي بمثابة "عمل" لهم يوفر لهم القوت.
وبطش هؤلاء الشباب يتعدى الاعتداء على المواطنين العاديين لينتقل الى اشتباكات حادة مع رجال الأمن عند محاولتهم الاقتراب منهم والقبض عليهم، بل أن مجرد  محاولة محاصرة شاب مفتش عنه يدخل العناصر الأمنية في مواجهة حادة مع أبناء حيه.
وتصبح مهمة رجل الأمن في هذه المناطق محفوفة بالمخاطر حتى انهم قد يضطرون الى الانسحاب ولو مؤقتا وفقا لما بثه التقرير.
ويرى متابعون ان العديد من الاحياء الشعبية في تونس أصبحت مسلحة خصوصا في الليل حيث ان االأدوات الحادة لا تفارق أبنائها سواء في المنزال او عند تنقلهم الى مكان اخر، وهو ما يجعلها عصية عن الأمن. 
وتوصف الأحياء الشعبية المتاخمة للعاصمة بالخصوص على غرار الملاسين والسيجومي وسيدي حسين والكبارية وحي التضامن وحي هلال بأنها جيوب للفقر والبطالة ويقطنها آلاف السكان معظمهم من محدودي الدخل، حيث لا يتجاوز معدل دخل الفرد 50 دولارا شهريا.
وحي التضامن، واحد من أكبر أحياء العاصمة التونسية وأكثرها فقرا. نسبة البطالة فيه أكثر من 60 بالمئة، وظاهرة الجريمة منتشرة فيه على نطاق واسع.

والحي معروف بتفاعله مع ما يحدث في باقي أنحاء البلاد من حراك اجتماعي وكان له دور محوري في نقل الثورة التي أطاحت بالرئيس الأسبق بن علي من محيط العاصمة إلى قصر قرطاج.
والحي يبعد نحو 15 كلم عن وسط العاصمة، وتشكل على وقع موجات الهجرة الداخلية التي عرفتها تونس في بداية السبعينيات من القرن الماضي، في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، حيث انتقلت مئات العائلات من قرى فقيرة إلى مشارف العاصمة.
وبالإضافة إلى مظاهر البؤس والبطالة والمخدرات والإجرام، تتميز  العديد من الأحياء الشعبية كونها أحد معاقل الفكر الإسلامي المتشدد، ما جعل وسائل الإعلام التونسية تصفها بأنه "قنبلة اجتماعية موقوتة" من شأنها أن تتفجر في أي وقت.  
وتنتشر في الأحياء الشعبية دوريات الأمن بكثافة في أوقات كثيرة، كما تزداد الحواجز الأمنية بسبب تنامي الفكر الإسلامي المتشدد في وسط الشباب، وظهور بعض خلايا الفكر الجهادي في الأماكن المحيطة بها.
 وفي السنوات الأخيرة زاد عدد الجرائم في تونس لا سيما في الاحياء الشعبية الفقيرة وتنوعت ما بين قتل وسلب واغتصاب واحتيال، وهو ما يدفع مسؤولين أمنيين وخبراء اجتماعيين إلى التحذير من أزمة تمرّ بها البلاد وتتسبب في غضب شعبي عارم مع كلّ كشف عن جريمة جديدة.
فيومياً تسجل جرائم قتل واغتصاب وعنف وسلب ما جعل المواطنين التونسيين وحتى النواب يحذرون من ارتفاع منسوب الجريمة في تونس.
ويحذر خبراء من تنامي الجريمة وتأثير ذلك على المستويات التربوية والاجتماعية في البلاد، خصوصاً أنّ تلك الزيادة في عدد الجرائم تساهم في تغيير النظرة إلى الجريمة في المجتمع إلى نظرة متساهلة تستخف بالجريمة وتعتاد على تكرارها، وهو ما يؤدي إلى استفحال الجريمة واختراقها ثقافة المجتمع في حدّ ذاتها.

وأكد الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للأمن الوطني وليد حكيمة أنّ "الحرب على الجريمة والعنف تتواصل، وهي حرب بلا هوادة ولن تتوقف تماماً مثل الحرب على الإرهاب".
ويعتبر خبراء انه ورغم دقة الظروف الحالية التي تمر بها تونس فأن النجاحات الأمنية ساهمت في القبض على الجناة والمعتدين في غالب الاحيان وان العديد من رجال الأمن ضحوا بأرواحهم من اجل فرض الأمن.