العالم لا ينصف مرضى المهق المنبوذين والمضطهدين

في اليوم العالمي للتوعية بمرض المهق، المصابون باضطراب خلقي نادر يعانون من شتى اشكال السخرية والتمييز والاهانات وصولا الى سفك دمائهم على ايدي مشعوذين.

واشنطن – يصادف 13 حزيران/يونيو من كل سنة اليوم العالمي للتوعية بالمهق الذي يعتبر من الأمراض النادرة لكن نظرات الاستهجان والسخرية ووصمات العار وحتى ممارسات التشفي والتعذيب ترافق في أحيان كثيرة المصاب به.
والمهق حالة مرضية غير معدية ووراثية تظهر على الرجال والنساء بغض النظر عن الأصل العرقي وهي ناتجة عن نقص في صبغة الميلانين في الشعر والجلد والعينين، وتتسبب في تعكر حالتهم الصحية عند تعرضهم لأشعة الشمس والضوء الساطع، ويعرف المصاب به بـ"عدو" الشمس.
ويترافق المهق او "البرص" مع خلل في الرؤية ونقص في النظر، ويكون بعض المرضى به فريسة سهلة لرُهابُ الضَّوء.
ويؤدي نقص تصبغ الجلد لدى المصاب بالمهق الى تعرضه بسهولة الى حروق الشمس وسرطان الجلد وهو من السرطانات الخطيرة والمستعصية عن العلاج. 
ويؤثر المهق على الحبيبات الأساسية الموجودة في الخلايا المناعية التي تؤدي إلى زيادة التعرض للإصابة بالامراض المعدية.
ولا يوجد أي علاج لغياب الميلانين المسبب الأساسي للمهق.
في جميع أشكال المَهَق تقريباً، لا بد أن يكون أحد الوالدين حاملاً للجين لكي ينتقل المهق إلى الأبناء، حتى وإن لم تظهر علاماته على الوالدين.
وتختلف ارقام المصابين بالمهق بين الدول، وتقدر الأمم المتحدة أنه في أميركا الشمالية وأوروبا يعاني واحد من كل 17 ألفا إلى 20 ألف شخص من شكل من أشكال المهق، ولكن في أفريقيا يعتبر الرقم أعلى بكثير إذ يعاني واحد من كل 1400 تنزاني من هذه الحالة. 
وفي مجموعات عرقية محددة أخرى في جنوب أفريقيا، يرتفع معدل الانتشار إلى واحد من كل 1000 شخص.
تصعّب الندرة الجينيّة فهم حالة المصابين بالمهق على المستويَيْن الاجتماعيّ والطبيّ. وفي بعض البلدان، يبقى شكلهم الخارجي رهن المعتقدات والأساطير الخاطئة التي قد تؤدّي إلى ممارسة العنف الجسديّ ضدّهم.
ويتعرض اغلب المصابين بالمهق الى أشكال متعددة من التمييز في جميع أنحاء العالم، ويكونون فريسة للخرافات المنتشرة بين المحيطين بهم حيث يمكن تأويل الاضطراب الخلقي لديهم في البلدان العربية الى وقوعهم ضحية لأعمال السحر والشعوذة على سبيل المثال.
اما في الدول الافريقية، يبحث العديد من المعالجين المشعوذين عن المصابين بالمهق من أجل الحصول على أجزاء من أجسامهم واستخدامها كوصفات لجلب الحظ والثراء.
ويمكن أن يختطف الضحايا وتقطع أوصالهم عن طريق قتلة مستأجرين، أو حتى يباعوا عن طريق أفراد من عائلاتهم، إذ يصل سعر أعضاء المصاب بالمهق إلى 75 ألف دولار. 
وقد أشارت إكبونوسا إيرو الخبيرة الأمميّة المستقلّة المعنيّة بتمتّع المصابين بالمهق بحقوق الإنسان في تقرير سابق لها إلى أنّه خلال سنوات قليلة تمّ التبليغ عن أكثر من 600 حادث اعتداء مميت أحيانًا ضدّ أطفال وراشدين مصابين بالمهق في 26 دولة.
وقد أنشأت الأمم المتحدة لأطفال المهق في دول افريقية ملاجئ خاصّة لإبعادهم عن مخاطر قطع أطرافهم او قتلهم وفقا لما تنص عليه الطقوس الدينية.
أمّا في العالم الغربي بما في ذلك أميركا الشمالية وأوروبا وأستراليا، ينطوي التمييز ضدهم في كثير من الأحيان على اشكال عديدة من التنمر والسخرية منهم.
ويعيش اغلب المصابين بالمهق وضعية نفسية صعبة ومعاناة مضاعفة لانه يتم فهمهم بطريقة خاطئة ولايتم تقبل مرضهم او تنتشر مخاوف لا أساس لها من الصحة من تسببهم في اصابة غيرهم بالعدوى وهو ما يجعل منهم فئة مهمشة ومنبوذة تتعرض لأشكال مختلفة من التمييز والوصم والعنف في انتظار ان ينصفهم العالم يوما ما.
ويؤثر المناخ أيضا على طريقة عيش المصابين بالمهق وحتى انه يمكن ان يتسبب في انهاء حياتهم حيث انهم يتعرضون في المناطق الحارة وذات اشعة الشمس الحارقة والتي تفتقد الى الامكانيات الطبية والتجهيزات المتطورة الى الموت البطيء حيث يتربص بهم سرطان الجلد في كل لحظة.
وفي اغلب الاحيان يجهل الأطفال المصابين بالمهق لا سيما في المناطق الفقيرة والمهمشة والمعزولة أهمية ارتداء القبعات والنظارات الشمسية والملابس ذات الأكمام الطويلة ومراهم الوقاية من الشمس.
ووفقا لاحصائيات غير رسمية فإن أكثر من 90 في المئة من المصابين بالمهق في أفريقيا يموتون قبل أن بلوغهم سن الأربعين.
في اليوم العالمي للتوعية بالمهق، الذي تحييه الأمم المتحدة في 13 من حزيران/يونيو، جدد الأمين العام للأمم المتحدة "تضامنه مع الأشخاص المصابين بالمهق".
وأوضح أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن موضوع هذا العام، وهو إبداء العزيمة في مواجهة كل الصعاب، يعكس مرونة ومثابرة وإنجازات الأشخاص المصابين بالمهق في مواجهة المفاهيم الخاطئة المتفشية والتمييز والعنف.
وتطلق جمعيات متخصّصة في قضايا المهق حملات تحسيسية لنبذ كافّة أشكال العنف والتعدّيات الجسدية على المصابين بالمهق وتعتبر أنّهم ليسوا أشباحا أو أنصاف بشر كما ينظر اليهم في كثير من الاحيان، لكن خبراء يعتبرون انه لا يكفي يوم واحد للتوعية بمرض المهق وبمعاناة المصابين به.