لوبيات في فيسبوك تشوش على امتحان البكالوريا التونسية

وزارة التربية التونسية ترفع 30 قضية ضد ناشطين على فيسبوك نشروا مقاطع من الاختبارات الكتابية للباكالوريا، وتنفي تسريب امتحان الفلسفة وتعتبر انه يندرج في اطار الغش الالكتروني.

ما تزال البكالوريا في تونس شهادة وطنية تحافظ على قيمتها العلمية والأكاديمية و"قداستها" من المنظور الاجتماعي وداخل العائلات التونسية رغم تراجع جودة التعليم وفقدان الأمل في المستقبل من بوابة التحصيل العلمي  لا سيما في ظل معاناة أغلب أصحاب الشهادات العليا من البطالة وانسداد افاق العمل في البلاد.
ويعكر صفو سير امتحان البكالوريا كل سنة تقريبا الاعلان عن حالات تسريب لامتحانات وطنية او عمليات غش.
وشهدت تونس عدة وقائع تسريب كانت هي الأوسع في تاريخ اختبارات البكالوريا في البلاد، ما أدى  الى ظهور حملة تشكيك واسعة في الشهادة الوطنية التي تعتبر بوابة للتعليم العالي وبروز موجة نقاش واسع بين وزارة التربية ونقابة التعليم الثانوي وصلت الى حد تبادل الاتهامات بينهما بالتقصير في حماية المنظومة التعليمية وعدم القدرة على الحفاظ على مصداقية المدرسة العمومية.
وقد قفز الغش الالكتروني الى الواجهة في السنوات الاخيرة مع انفتاح تونس على العالم الرقمي والافتراضي والاقبال المكثف على مواقع التواصل الاجتماعي وتطور البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وفي ظل ظهور زمن الغش الإلكتروني  والتحيّل الأكاديمي الرقمي اتخذت وزارة  التربية والتعليم في تونس اجراءات صارمة لاجتثاث ظاهرة تشوه التعليم وتطعن في نزاهته وذلك عبر قطع الطريق أمام حمل او استخدام الأجهزة الإلكترونية من هواتف وساعات واكسسورات ذكية وأقلام الكترونية وحتى ساعات يدوية داخل مراكز الاختبارات الكتابية.
الا ان مجهودات وزارة التربية لم تكن كفيلة بقطع دابر الغش واستئصال جذوره لا سيما في ظل انتشار عقلية تستسهل النجاح وتبحث عن أقصر الطرق للقفز في سلم التعليم.
ورفعت وزارة التربية التونسية 30 قضية ضد أشخاص يمتلكون صفحات على شبكة التواصل فيسبوك بعد أن تفطنت إلى نشرهم مقاطع من الاختبارات الكتابية لليوم الأول من امتحان الباكالوريا دورة 2021.
واعتبر المدير العام للامتحانات عمر الولباني أن وزارة التربية قامت بالتنسيق مع المصالح المختصة لوزارتي الداخلية والعدل بتتبع أصحاب تلك الصفحات المتورطة في عمليات الغش من خلال تقديم قضايا ضدهم في المحكمة الابتدائية بتونس .
وقال "إن هذه الصفحات المعتدية على المنظومة الوطنية للامتحانات جنّدت شبكات متواطئة معها داخل قاعات الامتحان تتكون من مترشحين مأجورين قاموا بتصوير الاختبارات الكتابية بعد توزيعها بأجهزة تصوير صغيرة الحجم قبل أن يقوموا بإرسالها بوسائل الكترونية إلى المشرفين على تلك الصفحات".
وبعد استقبال مقاطع من الاختبارات الكتابية يقوم فريق مشارك في عملية الغش بالإجابة على الأسئلة ثم نشرها على تلك الصفحات المغلقة على فيسبوك أو إرسالها إلى التلاميذ المترشحين لامتحان الباكالوريا المنخرطين في تلك الصفحات أو المجموعات المغلقة بمقابل مادي.
وأفاد أن هناك "لوبيات" تقوم قبل انطلاق الاختبارات الكتابية المبرمجة بنشر مقاطع وهمية من الاختبارات لدفع الطلبة إلى القيام بدروس تدارك خصوصية قبل يوم من موعد إجراء الامتحان.
وأفاد متابعون للشأن التونسي ان هناك شبكات رقمية فيسبوكية تنشط بين الجهات أثناء امتحانات البكالوريا وتشوش على سيرها الطبيعي، وطالبوا بالتصدي لظاهرة خطيرة تنخر المنظومة التربوية وتفقدها هيبتها.
وافاد خبراء أن التطور الذي عرفته شبكات الاتصال والتواصل في السنوات الاخيرة قد ألقى بضلاله على اختبارات الطلبة في المعاهد الثانوية، اذ أتاح تسهيلات كبيرة للتلاميذ الممتحنين، معقدا في المقابل مهمة الرقابة والمراقبة التي يؤمنها الأساتذة داخل مراكز الاختبار في كافة انحاء البلاد التونسية.
وندّد مدير عام الامتحانات بوزارة التربية عمر الولباني بنشر صورة ورقة امتحان فلسفة على مواقع التواصل الاجتماعي موضّحا أنّ العملية لا تتعلق بعملية تسريب، بل هي محاولة غش .
وقال إنّ عملية الغش وقعت في محافظة القصرين، حسب ما كشفته خلية اليقظة والمتابعة التابعة لوزارة التربية.
وأكد بدوره المكلف بالاعلام بوزارة التربية محمد الحاج طيب ان العملية لا تعد تسريبا لامتحان الفلسفة بل تندرج في اطار الغش باعتبار ان ذلك حصل بعد فتح ظروف الامتحانات. 
وافاد ان وثيقة امتحان الفلسفة المتداولة تم تصويرها بالهاتف الجوال.
كما تعهدت الفرقة التونسية لمقاومة الإجرام بالقرجاني بالنظر في قضية مترشحين لامتحان الباكالوريا من محافظة بنزرت اسندت لهما تهمة الغش في اختبار الباكالوريا باستعمال سماعات الكترونية.
وأفادت وزارة التربية أنه تم الكشف عن شبكة غش في الامتحانات بصدد استعمال تقنية النانو في عملية الغش في الباكالوريا.
وبلغ عدد الحالات المتعلقة بمحاولات الغش اجمالا في اليوم الأول والثاني من الاختبارات الكتابية لامتحان البكالوريا 275 حالة، وتتواصل امتحانات الدورة الرئيسية لامتحانات البكالوريا الى حدود يوم الاربعاء الموافق لـ23 يونيو/حزيران.  
وصرحت وزارة التربية انه تم تسجيل 196 حالة غش في اليوم الثاني لامتحانات الباكالوريا، كما تم رصد 79 حالة غش خلال اليوم الأول من الامتحانات.
بعد قرابة عامين من التعليم عن بعد بسبب الإجراءات الوقائية للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد، ازدادت ظاهرة الغش الإلكتروني في العالم بين الطلاب من المرحلة الابتدائية إلى الجامعية، وفقا لمتخصصين في مجال التعليم.
ويخشى خبراء من أن الجيل الجديد من الطلاب لن يتوقف عن ممارسة الغش حتى بعد انحسار الوباء والعودة للدراسة الحضورية في المدارس والكليات الجامعية.
وتمر الامتحانات الوطنية في تونس بمرحلة دقيقة واستثنائية مع انتشار وباء كورونا في البلاد.
واشارت وزارة التربية الى ان هناك برتوكول صحي خاص بالامتحانات تم وضعه مع وزارة الصحة.
واكدت رئاسة الحكومة أن الامتحانات الوطنية ستتواصل بصورة طبيعية في كل محافظات الجمهورية بما في ذلك المحافظات التي يشملها الحجر الصحي، وذلك بالتنسيق مع وزارة التربية واللجنة العلمية لمكافحة فبروس كورونا.
وأفادت وزارة التربية ان عدد المترشحين لامتحان البكالوريا لهذه السنة بلغ 146.129 بزيادة تفوق 12 الف مقارنة بدورة 2020 التي ترشح خلالها 133.443 وهو الرقم القياسي الثاني للمترشحين على مستوى الامتحانات الوطنية منذ سنة 1957 وبعد تسجيل اعلى رقم قياسي سنة 2008.