آفة الغش في امتحانات البكالوريا بتونس تقود الى القضاء

مع اقتراب اجراء امتحان البكالوريا في تونس، وزارة التربية تتعهد بتشديد إجراءات المراقبة داخل قاعات الإمتحانات ومحاربة الغش بكافة انواعه لا سيما الالكتروني وخبراء يروجون لثقافة التربية الرقمية طوال السنة الدراسية.

تمثل شهادة البكالوريا الوطنية البوابة الرئيسية للدخول إلى فضاء التعليم العالي الرحب والمتعدد الاختصاصات الا ان انتشار ظاهرة الغش يقلل من قيمتها العلمية ويتلاعب بصورتها في الداخل والخارج ويرج مكانة التعليم التي تمهد الطريق الى اقتحام سوق العمل عبر التسلح بالزاد المعرفي والعلمي والأكاديمي.
ويبلغ عدد المترشحين للدورة الرئيسية للبكالوريا لسنة 2021 في تونس 146 ألفًا و43 مترشحًا، وهو ثاني رقم قياسي يتم تسجيله منذ سنة 1957.
وتعهدت وزارة التربية والتعليم باتخاذ جميع التدابير والإجراءات الاستثنائية للحالات الخاصة مثل السجناء وأطفال القمر والمرضى المقيمين بالمستشفيات، لضمان تكافؤ الفرص بين جميع المترشحين لاجتياز الامتحانات الوطنية.
وشهدت بكالوريا 2020 حوالي 1580 حالة غش وهو عدد قياسي وفقا لاحصائيات وزارة التربية والتعليم التونسية.
  وتراجع المستوى التعليمي في تونس وفق تصنيفات عالمية يعزوه العديد من المراقبين الى اصلاحات سطحية وغير مثمرة عرفها النظام التعليمي في تونس خلال العشريتين الاخيرتين وانتشار ظاهرة الاضرابات في قطاع التعليم والغيابات والغش وتكرار حوادث تسريب مواد في الامتحانات الوطنية الى جانب انفلات في الوسط المدرسي وصل حتى الاعتداء جسديا على المدرسين.
وكان البرنامج الدولي لمتابعة مكتسبات التلاميذ  وجودة التعليم قد صنف تونس ضمن البلدان الخمسة الأخيرة من مجموع 65 دولة شملها التصنيف.
وافاد وزير التربية التونسية فتحي السلاوتي إثر جلسة عامة بمجلس النواب أنه تم تنقيح القرار المؤرخ في 29 مارس/ آذار 2021 المتعلق بتنظيم امتحان البكالوريا بهدف مراجعة سلم العقوبات بالنسبة للمترشحين الذين يرتكبون محاولات غش أو سوء سلوك، مشيرًا إلى أنه سيتم تمرير ومضات توعوية بخصوص كيفية الاستعداد للامتحان  والتصدي لحالات الغش بكل أشكاله وخاصة الإلكترونية.
وأشار الوزير الى إمكانية مقاضاة مرتكبي عمليات الغش في امتحانات البكالوريا بالنسبة للمترشحين بصفة فردية.
كما اعلن أنه سيتم الاقتصار على 12 مترشحًا بقاعات الامتحان التي تضم عددًا من المترشحين بصفة فردية خلال إجراء امتحان البكالوريا المقرر تنظيمه في شهر يونيو/حزيران.
وبين الوزير أنه سيتم تشديد إجراءات المراقبة داخل قاعات الإمتحانات ومنع استعمال الهواتف الجوالة واستعمال آلات للتشويش داخل المعاهد، مشيرا إلى أنه سيتم تطبيق القانون على المترشحين عن المعاهد العمومية والخاصة الذين يحاولون الغش والقاضية بحرمانهم من اجتياز المناظرة الوطنية لمدة 3 أو 5 سنوات. 
يشير مصطلح الغش إلى الخيانة الأكاديمية والتلاعب بالقانون ويعبر عن فقدان الطالب ثقته بنفسه كما انه يحيل الى استخفافه وتواكله واعتماده على الغير من اجل تحقيق نجاح زائف.
ويكسر الغش جسور التواصل والثقة بين الطالب وزملائه وأساتذته ومحيطه التربوي .
وانتشرت في السنوات الاخيرة ثقافة الغش والتفنن في ابتكار وسائل حديثة ومتطورة وغير مسبوقة لتتحول هذه الآفة التي تنخر المنظومة التربوية والتعليمية الى جزء من عادات العديد من الطلبة.
واصبح كل ما يشغل الطالب الكسول والمتكل على غيره ابتداع طرق متقنة في الغش حتى انه يمكن ان يقضي ساعات طويلة في التفكير والتنظير لعادة تهدم نبراس العلم وتهوي بقداسته الى القاع.
وتعمل وزارة التربية التونسية في كل سنة على القيام باجراءات صارمة لضمان نجاح دورة امتحانات البكالوريا وقطع الطريق أمام محاولات تسريب الامتحانات او الغش، الا انها تفشل في تحقيق هدفها المتمحور حول تنظيف وتطهير الوسط المدرسي من الشوائب العالقة به. 
ويتشبث بعض الطلبة في تونس باساليب تقليدية و"بدائية" في الغش منها اعتماد ورقة صغيرة جدا لنقل الدروس والكتابة على الطاولة والجدران، كما ابتكر البعض الاخر وسائل غير مألوفة في الغش مستغلين تطور شبكات الاتصال والتواصل خلال السنوات الاخيرة.
وتشدد وزارة التربية والتعليم في كل مرة على منع المترشحين لاجتياز امتحان الباكالوريا من اصطحاب الاجهزة الالكترونية على غرار الهاتف الجوال واللوحة الرقمية والكمبيوتر والقلم الالكتروني والساعات اليدوية والسماعات ليس فقط داخل قاعة الامتحان بل الى مراكز الامتحان ومراكز الاختبارات التطبيقية والشفاهية.
 وتتكفل مراكز الامتحانات بتعليق لافتات تذكر بهذا الإجراء بالمداخل الرئيسية.
وتشغل الظروف التي يجرى فيها هذا الامتحان الوطني  اهتمام عدد كبير من التونسيين وسط تشديد الاحتياطات التي تلجأ اليها وزارة التربية بالتنسيق مع وزارتي الدفاع والداخلية من أجل تأمين مراكز الاختبار وحسن سير الامتحانات.
وتنطلق كل سنة بمقر الإدارة العامة للامتحانات في تونس عملية توزيع الاختبارات الكتابية لامتحان الباكالوريا في دورته الرئيسية على المراكز الجهوية وذلك تحت حراسة أمنية وعسكرية مشددة.
ويتم نقل الاختبارات عبر الجو، انطلاقا من الإدارة العامة للامتحانات مباشرة إلى المطار العسكري بالعوينة في اتجاه مطارات محافظات المنستير وصفاقس وقابس وتوزر.
وافاد خبراء في علم النفس ان ظاهرة الغش في الامتحانات تشكل خطرًا على الحياة المدرسية وتضرب مصداقيتها وشفافيتها، واعتبروا ان وزارة التربية تحاول التصدي لها بطريقة زجرية وصارمة  ورادعة وطالبوا من المشرفين على الهياكل التربوية تأطير الطلبة بخصوص خطورة هذه الظاهرة طيلة السنة الدراسية عبر حصص حوار وإنصات وإرشاد وغرس ثقافة التربية الرقمية في نفوسهم.
وناشد العديد من رواد مواقع التواصل السلطات التونسية بقطع خدمة الإنترنت خلال امتحانات البكالوريا لمنع محاولات الغش عبر تسريب مواضيع الامتحانات وهو اجراء معمول به في الدولة المجاورة الجزائر التي تسعى للحفاظ على مصداقية الامتحان الوطني بقطع شبكات الانترنت خلال فترة الامتحانات.
وطالبت وزارة التربية الجزائرية التكيف مع قرارها الذي يصب في اطار مصلحة جيل المستقبل وعماده لكن خطتها اصطدمت بوجهات نظر معارضة عديدة اعتبرت ان قطع الانترنت يضر بالاقتصاد ويعطل مصالح المواطنين والشركات.