اعادة تصدير النفط مسلسل دولي لإذلال الشعب الليبي

يدعمون ما يسمونها حكومة الوفاق و"جيشها" ثم يطلبون منها حل الميليشيات.
تدفق النفط الهم الوحيد للغرب الاستعماري بغض النظر عن مصير الليبيين
حكومة الوفاق لن تتخلى عن ورقة الميليشيات بل ستعمل على التخلص من بعض الرموز
لا حل لليبيا سوى بانتفاضة ضد حكومة الوفاق الموالية للمستعمر التركي

توقف انتاج وتصدير النفط جاء عقب التدخل التركي المباشر في ليبيا وجلبه لآلاف المرتزقة السوريين، بينما الليبيون يفتقرون الى ابسط سبل العيش. ولكن هل تحققت الشروط التي من اجلها تم وقف الانتاج والتصدير والمتمثلة في اقالة محافظ البنك المركزي ورئيس مؤسسة النفط؟ وعدم استخدام الايرادات في جلب المزيد من المرتزقة؟ كلنا يعلم ان كلا المسئولين تمت اقالتهما من البرلمان وتكليف بديلين عنهما، لكنهما لم يمتثلا لذلك والسبب الوحيد هو ان العالم الغربي اصر على بقائهما في منصبيهما ويتعامل معهما دون سواهما، بل يستقبلان على مستويات عليا بالدول المعنية. الغرب يعترفون بمجلس النواب لكنهم يسلبونه حقه الاصيل في تعيين او تكليف مسئولين رفيعين بالدولة، أهذه هي الديمقراطية التي يريدون منا تطبيقها؟

الضغوطات الدولية اجبرت الجيش على الانسحاب من المنطقة الغربية بالكامل وما صاحب ذلك من اعمال تخريب يندى لها جبين البشرية من قبل عصابات المجلس الرئاسي وهذه الفئة الضالة توثق بنفسها ما تقوم به بالصوت والصورة ما يعد دليل اثبات بحقهم ولكنهم يدركون بأنهم في مأمن من العقاب، فهم يتحركون بأوامر اسيادهم الاستعماريين.

أصبح المرتزقة السوريون والأتراك يزحفون شرقا باتجاه الموانئ والحقول النفطية لإعادة فتحها والعالم الاستعماري يراقب وعن كثب تواصل التدخل التركي بحرا وجوا جهارا نهارا وتارة متخفيا بغطاء الناتو، يتحدثون عن ضرورة عودة تصدير النفط والغاز وإلا فان البلد ذاهب الى التقسيم. الشرفاء من ابناء الوطن بالتأكيد لا يرغبون في تفتيت الدولة ويسعون جاهدين الى لم الشمل وتضميد الجراح، وافقوا على اعادة تصدير النفط ولكن مع عدالة التوزيع بين الاقاليم الثلاثة التي طويناها العام 1963 وللأسف اليوم يعيد البعض احيائها لئلا يذهب الجمل بما حمل. وفي حال تخصيص صندوق سيادي لإيرادات النفط والغاز وفق تفاهم اممي قد يفضي ذلك الى معادلة النفط مقابل الغذاء لأمد طويل كما هو الحال بالعراق ويستفيد الغرب من تلك الايرادات.

الغرب الاستعماري يعلم ان لا وجود لقوات نظامية للمجلس الرئاسي، بل مجموعة عصابات مسلحة جهوية وإيديولوجية وآخرون اضطرتهم الظروف الاقتصادية القاسية الى الالتحاق بالميليشيات وقد كانت العاصمة على وشك السقوط لولا تدخل تركيا ومباركة الناتو، اثناء المعارك التي استمرت لأكثر من عام يقول (الغرب) عن هؤلاء قوات الوفاق، واليوم وبعد الاستحواذ على اقليم طرابلس يطلبون من الحكومة التي نصبوها بان تقوم بتفكيك الميليشات! هل ستقوم الحكومة بتفكيك الميليشيات حقا التي كانت سندا قويا لها وسببا في بقائها ام انها ستكتفي بالتضحية ببعض الرموز التي استخدمت كافة اساليب القتل والتدمير، وتعمد الحكومة الى صرف ارقام عسكرية (بأثر رجعي) وتطلق عليهم قوات نظامية ومن ثم تمرر دوليا. فالغرب وأذنابه لا يريدون جيوشا نظامية ذات عقيد وطنية بل مجموعات يمكن التحكم بها وفق ارادتهم، وبخصوص المرتزقة السوريين فهؤلاء تربوا على العنف وإراقة الدماء، لن يقبل النظام السوري بعودتهم وان عادوا فمصيرهم السجن ومن ثم الإعدام، نكالا بما فعلوه بحق ابناء عمومتهم، من الصعب لجوئهم الى تركيا او اي من دول اوروبا لأنهم يشكلون خطرا على المجتمعات هناك، قد تبقيهم حكومة الوفاق للاستفادة من خبراتهم والاستعانة بهم في تدريب كوادرها (البشمركة) وتمنحهم الجنسية الليبية، ويضافون الى المليون الذي تحدث عنه السلطان اردوغان، وتحسين النسل وإحداث تغيير ديمرغرافي.  

اي لعبة قذرة يمارسها الغرب المتشدق بالحرية والعدالة الاجتماعية، انه قانون القوة فمن لم يمتلكها يعش ابد الدهر مستغيثا متسولا، فهل تستفيق الشعوب من سباتها العميق، لم يعد لديها ما تخسره، بعد ان طاول العبث كافة الممتلكات العامة والخاصة ونبش القبور وهتك الاعراض.

بالأمس القريب خرج بعض الشبان بأحد احياء العاصمة في مظاهرة مطالبين بتحسين خدمات قطاع الكهرباء. ورغم سلميتها، إلا ان المسئولين بقطاع الكهرباء شعروا بأنها شعارات من رصاص، فعمدوا الى تفريقها باستخدام السلاح ما ادى الى وفاة احد المتظاهرين. المؤكد انهم اخطئوا الوجهة، لقد كان عليهم التوجه الى الوكر الذي يحمي كل (مافيات) الفساد المالي والأخلاقي ونعني به مقر حكومة الوفاق.

الحديث عن انعقاد مؤتمر دولي بشان ليبيا لن يكون ذا جدوى، لأنه سيضم نفس الاطراف التي التقت بالصخيرات وستكون النتائج كارثية، حيث سيعاد تدوير نفس الوجوه وربما تكون اكثر عنفا لوقوف المجتمع الدولي معها.

المجاهدون الابطال تصدوا للمستعمر التركي ومن قبله فرسان القديس يوحنا والأسبان وبعدهم الطليان بأسلحة بدائية وانتصروا وحرروا الارض وضمنوا عبارات "اننا يا ليبيا لن نخذلك.. قد تحررنا وحررنا الوطن" النشيد الوطني الليبي. واليوم يستخدم احفاد الخونة والعملاء والمرتزقة نفس النشيد زورا وبهتانا، هل يوجد خذلان بعد الذي نحن فيه؟ اما عن التحرر فيكفي ان كافة اشرار الارض يسرحون ويمرحون على ترابنا ونستأذن منهم الدخول الى بيوتنا "عادي انخش لداري" ويتقاضون رواتبهم بالعملة الصعبة. من يهن يسهل الهوان عليه. ما لجرح بميّت ايلام. لقد كانت بداية السقوط مع برنار هنري ليفي. فالتاريخ رغم مرارته لن يرحم.

ما يجري في ليبيا (والدول التي على شاكلتها) مسلسل غربي بامتياز يهدف الى تنصيب الخونة والعملاء والاستحواذ على ثروة البلاد ما ينتج عنه قهر وإذلال الشعب وتمزيق نسيجه الاجتماعي. وعندما يترحم غالبية ابناء الوطن على نظام سابق ساهموا في اسقاطه، فذاك يعني انهم قد يئسوا من التغيير الذي كانوا يتوقون اليه. فالحاضر جد سيء والمستقبل قاتم حالك السواد، ما لم تحدث انتفاضة كبرى تطيح بكل الرؤوس التي اينعت.ليبيا الجديدة حضّانة تفرخ عند كل مطلع شمس مليونيرا جديدا، انه الاستثمار (اموال منهوبة) في ابشع صوره، برعاية ومباركة اممية.