الأحزاب الكردية بين السلطة والمعارضة

لا أحد ينكر أن الفساد موجود في كردستان. لكن معالجة مواطنه لا تتم على حساب الأمن والاستقرار.
استقرار كردستان خط احمر ولا يمكن المساومة عليه بأي حال
الحرية تلازم المسؤولية ليس من حيث المفهوم النظري فحسب، وإنما الهوية والممارسة ايضا

ان غالبية أبناء الشعب الكردي لهم رؤاهم الخاصة عن السياسة في اقليم كردستان وكلهم يعلم ان هناك فسادا اداريا وماليا ويأملون جميعا ان يتخلصوا منه بأسرع وقت ممكن، وان يتمكن السياسيون الذين ينتخبونهم ويختارونهم من ممارسة دورهم داخل قبة البرلمان على أساس وطنيتهم وإخلاصهم وإيمانهم بمبادئهم. وتتوقع الغالبية العظمى من الشعب ان تكون هذه القيادة رشيدة ومتفاعلة معهم تتطلع وتتلمس آمالهم المشروعة في غدٍ افضل.

لا شك ان اغلب الكرد في الاقليم يطالبون بالتحسين المستمر بمعنى التغيير الى الافضل وليس التغيير من اجل تشكيل حزب يدفع الاقليم الى الفوضى ويعطي صورة غير واقعية ولا تمت للواقع الكردي بصلة، حزب يقنع المواطن الكردي البسيط بانه لا يسعى للسلطة من أجل السلطة بل لأنه يطمح بتغيير واقعه نحو الاحسن، حزب لا يتغير بمجرد استلام أعضائه لبعض الحقائب الوزارية مبررين ذلك بانهم سيقدمون الافضل من خلال مناصبهم الجديدة، واليوم وبعد مشاركتهم في الحكم أصبحوا مسؤولين من قبل ناخبيهم الذين انتخبوهم واصبحوا مجبرين على تبرير فشلهم في الإيفاء بعهودهم. وهذا الامر ليس بجديد فكلنا يعلم تاريخ الاحزاب الكردية وكيف أنها جاءت من رحم واحد وحزبٍ واحد وهو الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتأتي النتائج دائما لتلجم التكهنات والمتربصين حول مستقبل كردستان وقيادتها.

ليس ثمة خلاف على ان اغلب المثقفين ان لم نقل جميعهم لا يعارضون اصل مشروع المعارضة باعتباره يعزز التجربة الديمقراطية الفتية في كردستان، طالما بقيت رسالتهم واضحة وغير قابلة للمساومة وهي ان استقرار كردستان خط احمر ولا يمكن باي حال من الأحوال المساومة عليه. فالاتفاق بين الاحزاب الكردية واسلوب التوافق هي رؤية او استراتيجية لديمومة الاستقرار السياسي وكذلك هو الاتفاق على تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. فلا شيء فوق كردستان. لذلك يتطلب الموقف الشفافية في حيثيات القرار والأخذ برأي الغالبية وهذا بدوره يجسد ان هناك حرصاً من السياسيين على استقرار وامن كردستان وراحة مواطنيه. فالقرارات الكردستانية والتي من المفترض انه ليس فيها غالب او مغلوب، بل إن المستفيد منها يجب أن يكون الشعب الكردستاني أولا وأخيرا.

عندما تقوم اي جهة كردية مسؤولة لتسبح عكس التيار في محاولة لبث عدم الطمأنينة لدى الشعب الكردستاني ومتجاهلة أيضاً مدى تأثير ذلك على البناء والاستثمار والاستقرار الاقتصادي والسياسي في الإقليم، فأي هزة سياسية تتعرض لها كردستان ستنعكس سلبا على الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، بمعنى ان أي تهديد لأمن واستقرار الاقليم سينعكس بشكل سلبي على كل مفاصل الحياة التي تتعلق بحياة الناس. وعليه يجب ان تكون القرارات التي يتم اتخاذها تراعي جملة من القضايا.

ان المواقف المتشنجة او الكيدية او المتحيزة لقوى اقليمية معينة هي أمر مرفوض من قبل الشعب الكردي الذي يطمح لتحقيق آماله في مشروع الدولة. واذا كانت الديمقراطية او الحرية تسمح بتكوين احزاب او تيارات او وجود معارضة بمعنى إذا كانت غاية الحرية تمكين الفرد او الجماعات من ممارسة حقوقه المشروعة في المجتمع دون عوائق، وفي الوقت نفسه يجب ان يشعر بالمسؤولية تجاه مجتمعه والتضحية في سبيله. وهذا ما يؤكد تلازم الحرية والمسؤولية، ليس من حيث المفهوم النظري فحسب، وإنما من حيث الهوية والممارسة ايضا فالهدف هو مراعاة مصلحة المجتمع ودفع الحياة الاجتماعية قدماً إلى الأمام.