الأردن يكافح عمل الأطفال بحملة 'ما بدي أشتغل بدي أتعلم'

الإحصائيات تكشف عن وجود 76 ألف طفل عامل في المملكة، بينهم 9 آلاف طفلة، ويعمل 45 ألفا منهم في أعمال خطرة.
الأطفال العاملون يعانون من سوء التغذية مما يؤدي إلى حالات صحية وعقلية خطيرة لاحقة
الفقر هو السبب الرئيسي الذي يدفع الأطفال إلى العمل
القانون الأردني يمنع تشغيل الحدث إذا لم يكمل السادسة عشرة من عمره
الأردن يحظر تشغيل الحدث في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة قبل بلوغه الثامنة عشرة
تفكك الأسرة الناتج عن الطلاق يدفع الأطفال إلى العمل

يحتفل العالم السبت 12 يونيو/حزيران باليوم الدولي لمكافحة عمالة الأطفال بهدف نشر الوعي حول هذه الممارسة غير القانونية التي لا تزال سائدة في غالبية الدول.
وترفع هذه المناسبة التي أقرتها لأول مرة منظمة العمل الدولية في العام 2002، شعار "بادروا بالتحرك الآن: ضعوا حدا لعمالة الأطفال"، لا سيما وأن الأزمة الصحية العالمية الناتجة عن وباء كورونا ساهمت بشكل كبير في ارتفاع عدد الأطفال العاملين في كافة دول العالم.
وتشير التقارير إلى أن التقدم الذي تم إحرازه في السنوات السابقة لليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال قبل كوفيد-19 قد تراجع الآن، لذا، فإن المسؤولية تقع على عاتق الحكومات والمسؤولين الذين يملكون السلطة لإنهاء هذه الآفة بتوفير بيئة تسهل على الفقراء إبقاء أطفالهم في المدرسة وخلق الوعي في المجتمعات حول عمالة الأطفال ونتائجها، لمنح هؤلاء الأطفال مستقبلا مشرقا. 
وضمن هذه الإطار، أطلق وزير العمل الأردني يوسف الشمالي السبت، حملة تتبنى شعار "ما بدي أشتغل بدي أتعلم" لمشاركة العالم في مناهضة عمل الأطفال وبذل الجهود اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة، ودعم الأطفال ومساندتهم من قبل أطراف الانتاج الثلاثة: الحكومات وأصحاب العمل والعمال بالتعاون مع جميع اطياف المجتمع المحلي ومؤسسات المجتمع المدني.

لا تقل الآثار النفسية لعمالة الأطفال خطورة عن الآثار البدنية لكنها للأسف لم تحظ بالاهتمام إلا في نهاية القرن العشرين

وينسجم قانون العمل الأردني وفقا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) نقلا عن الوزير، مع أهم الاتفاقيات الدولية في مجال مكافحة عمل الأطفال، ومنها اتفاقية حقوق الطفل التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، واتفاقيتا العمل الدوليتان الأولى رقم 138 الخاصة بـ"الحد الأدنى لسن الاستخدام" والثانية رقم 182 الخاصة بـ"حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال".
ويمنع قانون العمل الأردني تشغيل الحدث إذا لم يكمل السادسة عشرة من عمره، ويحظر تشغيله في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة قبل بلوغه الثامنة عشرة من عمره، على أن لا تزيد ساعات عمله عن 6 ساعات، وأن لا يتم تشغيله ليلا وفي الأعياد والعطل الرسمية والأسبوعية.
وستقوم وزارة العمل الأردنية بزيارات تفتيشية للقطاعات الأكثر تشغيلا للأطفال للكشف عن المنشآت المخالفة للقوانين وتحرير مخالفات بحقها.
وتتضمن مبادرة "ما بدي أشتغل بدي أتعلم" حملة توعوية تنفذها الوزارة في جميع محافظات الأردن خلال الفترة 13- 17يونيو/حزيران الجاري، ترمي إلى نشر الوعي بين أرباب العمل والأطفال حول التشريعات القانونية والمخاطر المهنية التي قد يتعرض لها الطفل في بيئة العمل.
وتنفذ الوزارة عددا من الأنشطة بهذه المناسبة بالشراكة مع عدد من المؤسسات المحلية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وتمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، وتشمل هذه الأنشطة إعداد فيديوهات توعوية تسلط الضوء على مخاطر عمالة الأطفال.
وسيوزع مفتشو العمل بحسب (بترا) مطويات وملصقات توعوية في أماكن العمل تتضمن البنود القانونية الناظمة لعمل الأطفال في قانون العمل الأردني وتوضح اسباب عمل الأطفال والفرق بين العمل والتسول، إضافة إلى توزيع دفاتر تلوين للأطفال تتضمن رسومات تعكس واقع الطفل العامل وتسلط الضوء على المخاطر المهنية التي يتعرض لها الاطفال في بيئة العمل.
وتكشف الإحصائيات عن وجود 76 ألف طفل عامل في الأردن، بينهم 9 آلاف طفلة عاملة، يعمل 45 ألفا منهم في أعمال خطرة ويشكلون 59% من عمالة الأطفال في الأردن.

عمالة الاطفال في الاردن
مكان غير آمن للأطفال

أمراض نفسية واستغلال جسدي
تعاني دول عديدة من هذه الظاهرة المسيئة، حيث ويُجبر الأطفال ومعظمهم من الأسر الفقيرة  على العمل في ظروف خطرة، وإضافة إلى تعرضهم للاستغلال الجسدي والعقلي والاجتماعي من قبل أصحاب العمل، يُحرم هؤلاء الصغار من عيش طفولتهم بينما يفوت الكثيرون منهم أيضا فرصة الالتحاق بالمدارس أو التسرب منها أو تحقيق أداء تحصيلي ضعيف.
ويؤثر العمل على التطور الاجتماعي للطفل فهو يقضي وقتا في العمل بدلا عن قضائه مع أصدقائه ومحيطه الاجتماعي، ما يجعله بعيدا عن التفاعل الايجابي مع الآخرين وأكثر عرضة لسلوكيات اجتماعية إشكالية مثل تدخين السجائر وتعاطي المخدرات والعدوانية واكتساب الألفاظ البذيئة والتعابير السوقية.
وأثبتت دراسات عديدة أن العمل يمنع الأطفال غالبا من الاستمرار في تطوير مشاعر صحية أثناء نموهم، إضافة إلى تعرضهم للتأخر في النمو بسبب المخاطر الصحية العالية سواء من ظروف العمل الجسيمة أو من القيام بمهام بدنية لا تتناسب مع بنيتهم الجسدية وعمرهم الصغير.
ويواجه الأطفال العاملون احتمالية الإصابة بمشاكل صحية عديدة مثل أمراض الجهاز التنفسي، فهم قد يتعرضون لمواد كيميائية ضارة يمكن أن تؤثر أيضا على نموهم البدني، وفي كثير من الأحيان يعانون من سوء التغذية مما يؤدي إلى حالات صحية وعقلية خطيرة أخرى في وقت لاحق من الحياة.
ولا تقل الآثار النفسية لعمالة الأطفال كالاكتئاب والعزلة واليأس والقلق وفقدان الثقة، خطورة عن الآثار البدنية، لكنها للأسف لم تحظ بالاهتمام إلا في نهاية القرن العشرين، فحتى عام 1998، ركزت معظم الدراسات اهتمامها على الآثار الجسدية لعمالة الأطفال، رغم أنهم أكثر عرضة للمخاطر النفسية والاجتماعية مقارنة بالمخاطر البدنية.

قانون العمل الأردني ينسجم مع أهم الاتفاقيات الدولية في مجال مكافحة عمل الأطفال

ملايين الأيادي الصغيرة في وحل العمل
على الرغم من أن الفقر هو السبب الرئيسي الذي يدفع الأطفال إلى العمل، إلا أن هناك أسبابا عديدة وراء عوز عائلاتهم، تتعلق بالتقاليد والثقافة والتاريخ.
وتشمل الأسباب الأخرى لعمالة الأطفال تفكك الأسرة الناتج عن الطلاق، أو الوصمة الاجتماعية تجاه الفتيات، إذ لا يتم تشجيعن على ارتياد المدرسة ويتم دفعهن إلى العمل أو الزواج المبكر.
وارتفع عدد الأطفال العاملين في العالم ارتفع للمرة الأولى منذ عقدين، حيث حذرت الأمم المتحدة في تقرير صدر الخميس 10 يونيو/حزيران الجاري من أنّ ملايين آخرين معرّضين لخطر العمل بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19.
وقالت منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتّحدة للطفولة في تقرير مشترك إنّه حتى مطلع العام 2020 ارتفع عدد الأطفال العاملين في العالم إلى 160 مليون طفل، بزيادة 8.4 مليون طفل في السنوات الأربع الماضية.
وحذّر التقرير من أنّ تسعة ملايين طفل إضافي في العالم معرّضون لخطر الاضطرار إلى العمل بحلول نهاية عام 2022 بسبب الجائحة، في حين قد يرتفع هذا الرقم إلى 46 مليوناً إذا لم تتوفّر لهم إمكانية الحصول على الحماية الاجتماعية الضرورية.
ولفت التقرير إلى أنّ الصدمات الاقتصادية الإضافية وإغلاق المدارس بسبب كوفيد-19 يعنيان أنّ الأطفال العاملين أصلاً قد يعملون ساعات أطول أو في ظروف تزداد سوءاً، في حين سيضطر كثيرون غيرهم إلى مزاولة أسوأ أشكال عمل الأطفال بسبب خسارة وظائف ودخل أفراد الأسر الضعيفة.
ولاحظ التقرير ارتفاعاً كبيراً في عدد الأطفال العاملين ضمن الفئة العمرية 5-11 عاماً، والذين يمثّلون اليوم أكثر من نصف الرقم العالمي الإجمالي، مشيراً إلى أنّه ضمن هذه الفئة العمرية ارتفع عدد الأطفال الذين يزاولون أعمالاً خطرة، أي أعمالاً يحتمل أن تضرّ بصحتهم أو سلامتهم أو أخلاقهم، بمقدار 6.5 مليون منذ عام 2016 ليصل إلى 79 مليونا.
ومن الأمثلة على قطاعات العمل الخطرة على الأطفال المناجم وصيد الأسماك، فضلاً عن واقع أنّ عمل هذه الأيادي الصغيرة لأكثر من 43 ساعة في الأسبوع يجعل ارتيادهم المدرسة أمراً شبه مستحيل.