الانتخابات العراقية واحتمالات التغيير

الانتخاب اليَّة ديمقراطية يناط بها عملية التمثيل الحقيقي بين الناخب والمرشح التي تتوفر فيه شروط ومقوِمات اساسية وثابتة يكون بموجبها الترشيح صحيحا وناجزا في ادماج دينامية التناوب والتغيير، في اطر محددة تخضع لنوع واسلوب البرنامج الانتخابي الذي يطرحهُ هذا الحزب او ذاك. يضاف لها عامل تناسب الوعي السياسي، والثقافي، والاداري بين الناخب، والمرشح. وهنا غالبا ما يكون التناسب طرديا اذا ما اخذنا في الاعتبار العوامل الأساسية، والاعلام الذي تناط به صناعة رأي عام ينسجم مع المصلحة العامة ويقدم صورة حقيقية لواقع المنافسة والتقييم المستقل لكل اطراف السباق الانتخابي. والدول الاوربية تقدم نموذجا حيا لهذه الدينامية.

من هنا يمكن قراءة السياق الانتخابي المزمع في العراق وما يمكن مقارنته بين ما هو متاح من تطابق الشروط الصحيحة في عملية تمثيل متوازن ومنافسة حقيقية ونزيهة بين الاطراف العراقية السياسية، وكما هو حاصل في الدول الديمقراطية. نؤكد ان المقارنة بين دول مستقرة، ومتقدمة، ومستقلة، تعكس نتائج متباينة شكلا ومضمونا، قياسا لما حاصل في العراق وما سيحصل في المستقبل، ذلك لتأثير عوامل داخلية وخارجية متداخلة.

العوامل الداخلية تمثل بنية الكيانات السياسية ونوعية القواعد الجماهيرية ومستوياتها المعرفية، اضافة الى اعتماد الاحزاب على الفعاليات الدينية، والاجتماعية، والقبلية الموزعة بين الكيانات والكتل التي بدأت باستقطاب شيوخ القبائل وشراء اصواتها مقدما. وما رشح في وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي يعتبر دليلا واضحا على استشراء الفساد السياسي في احزاب تعتبر مخضرمة وتحمل عمقا تاريخيا في معارضة النظام السابق، والذي نقصدهُ في موضع مقالنا هو حزب الدعوة بزعامة السيد المالكي قائمة دولة القانون الذي شكل تحالفا مع السيد العبادي قائمة النصر والسيد هادي العامري قائمة الفتح، لتكوين كتله تكاملية حسب تعبير هادي العامري بعيدة عن التسقيط والتشهير والتنافس غير النزيه؟ وهذا اعتراف صريح من طرف زعيم كتلة مهمة لمستوى التنافس الانتخابي في العراق. عندما نقرأ ان ثمن الرقم الاول في تسلسل القوائم الانتخابية يصل الى مليون دولار فهذه يعني بقاء الحال على الحال.

اما اذا اخذنا التنافس الاقليمي في الاعتبار في دعم هذا الطرف على حساب الاطراف الاخرى ستكون النتائج محسومة سلفا كما حصل في الانتخابات السابقة التي فاز فيها السيد اياد علاوي على السيد المالكي، لكن ايران فرضت المالكي وتم ازاحة السيد علاوي بحجج دستورية واهية، ولا يمكن اغفال دور مفوضية الانتخابات ونظام القوائم المغلقة الذي يسمح لنفوذ الاحزاب الحاكمة كي تبقي على ثبات وضعها القائم الى امد بعيد.