مقتدى الصدر عنوان التصفيات والفساد

الحديث عن اصلاح يتصدى له الصدريون نكتة.

كما يقال العنوان يدل على المعنون. مقتدى محمد صادق الصدر نشأ في بيئة ضحلة لم يحظ بأي تعليم ديني او رسمي انما عاش على هامش اسم ابيه. اما محيطه المقرب فجلهم من وكلاء شعبة مديرية امن النجف والمخابرات العامة وبقايا حاشية ايه الله السيد علي كاشف الغطاء الذي هو الاخر لم يسلم من الوقوع في فلك نظام صدام.

في فترة الثمانينات توجه النظام لتعريب المرجعية الا ان الخيارات كانت محدودة امامه، اذ لم يكن من علماء الدين ذوي الوزن العلمي والديني سوى اية الله علي كاشف الغطاء الذي توفي قبل اكمال مشروع النظام في تعريب المرجعية الدينية وسحب سلطات المراجع غير العربية على المعاهد الدينية والاوقاف في النجف وعموم العراق. ولم يكن البديل سوى السيد محمد صادق الصدر والد مقتدى. والسيد محمد صادق كما هو معروف لم يكن ذا وزن علمي معتبر ولم يتحصل على تحصيل مجزي في العلوم الفقهية تؤهله للقيام بالمهمة التي اولاها له النظام السابق الذي منح السيد محمد صادق صلاحيات كبيرة في ادارة الاوقاف والمعاهد الدينية والحوزة العلمية واعفاء طلابه وحاشيته من الخدمة الالزامية في الجيش العراقي، ما سمح له من تكوين جيوش من المريدين المتهربين من خدمة العلم باسم دراسة العلوم الدينية عند السيد محمد صادق الصدر.

ومن هنا بدأ السيد مقتدى يستخدم صلاحياته في الاستفادة ماديا عبر وضع مقابل مادي لاضافة اسم ما في قائمة الاعفاء من خدمة العلم، وبدأ نجم مقتدى بالسطوع في عالم الفساد والتنمر فاصبح يتصرف بسلطتين دينية واجتماعية اضافة الى سلطة مضافة منحها له صدام حسين انذاك وبدأ يتصرف كشقي من شقاوات شارع الكفاح. الا ان المنعطف الكبير وضعه امام تحديات كبيرة بعد اسقاط النظام العراقي الحليف له، ما جعله يتجه اتجاه اخر مباين لما هو سائد ومعروف عنه. فبدأ بتصفية منافسيه والظهور بمظهر الوطني المدافع عن الوطن* وقتل الخونة حلفاء الاحتلال اذ بدا باغتيال السيد عبدالمجيد الخوئي مع مرافقه حيدر الكليدار حين رجوعه للعراق الذي يعتبره مقتدى منافسا قويا له في زعامة الحوزة. واثر الاغتيال صدرت مذكرة اعتقال ضده من القضاء اوقفها بول بريمر الحاكم المدني حينها في عام 2003 لمصلحة الاميركيين لفتح صفحة جديدة مع مقتدى، اذ استمرت الحصانه الاميركية للصدر ليتوجه نحو الاستيلاء على اموال الدولة وتأسيس النفوذ لتكون حكومة اياد علاوي بداية الفساد بعد تواطؤ مقتدى مع عقيل الصفار مدير مكتب اياد علاوي اذ تم صرف 500 مليون دولار كتعويضات لضحايا الانتفاضة الصدرية ضد الاميركان سنة 2004. امر الصدر بعدها بتسليم اسلحة المنتفضين وعناصر جيش المهدي للقوات الاميركية مقابل اموال مجزية اعتبرت كاول صفقة خيانة لجيش المهدي.

توالت صفقات الفساد المالي لدى مقتدى لتشهد حكومة ابراهيم الجعفري تشكيل الهيئة الاقتصادية للتيار الصدري برئاسة زيدان جثير وعضوية عبعوب وكريم دشر وقاسم الشويلي. وعلى مدار عام واحد من عمر الحكومة استحوذت الهيئة على مبالغ فاقت 11 مليار دولار كتخصيصات مشاريع للاحياء الشعبية ببغداد والمحافظات الشيعية جنوبا. هنا استفحل الفساد عند السيد مقتدى الصدر في حكومة المالكي الاولى اذ حصل تيار الصدر على 6 وزارات 3 منها حيوية تمثلت في الصحة والنقل والسياحة والاثار لتتربع اقتصادية الصدر على عقود جميع وزارتها. بدأ العراق خلالها مرحلة جديدة من الفساد عبر استيراد ادوية فاسدة، هي أسوأ المستلزمات الطبية، واختفاء تأهيل المستشفيات والمراكز الطبية اذا شهد القطاع الطبي في تلك الفترة تدهورا كاملا واندثارا متعاقبا سببه تأسيس الفساد الصدري، وتحصنت حكومة المالكي بنفوذ الصدريين وحصلت حينها اكبر عمليات الابتزاز والتهريب في الموانئ العراقية منع خلالها مقتدى الحكومة من معالجة استشراء الفساد عبر عملية صولة الفرسان، وجابهها عسكريا لاكثر من عشرين يوما لتنتهي بعدها باستقالة وزراء التيار الصدري.

بالرشوة والابتزاز عاود المالكي ولاية ثانية بعد اعتراضات الصدر وتعطيل تشكيل الحكومة لسبعة اشهر انتهت بحصول مقتدى على 160 مليون دولار مقابل تولي المالكي ولاية اخرى، ليعاود الصدر فساده الاقتصادي برئاسة قاسم الميالي بالسيطرة على وزارات التيار والاستحواذ على الاخرى عبر طرق غير مشروعة تمثلت بابتزاز رئيس لجنة النزاهة البرلمانية الفاسد بهاء الاعرجي وتهديد مسؤولي الوزارات بالخطف والتصفية استنزافا للاقتصاد الذي شهدته حكومة حيدر العبادي الذي يعتبر اكبر استنزاف للاقتصاد العراقي على يد وزراء التيار الصدري عبر ثلاثة وزارات حيوية تمثلت في الاسكان والاعمار والبلديات ووزارتي الموارد المائية والصناعية اذ عجزت وزارة الصناعة عن توفير رواتب منتسبيها وفشلت جميع مشاريع وزارة الاسكان والاعمار والبلديات وتعرضت احياء بغداد والمحافظات للغرق نتيجة الامطار.

خلال ولاية العبادي استغل بهاء الاعرجي الفاسد منصبه كنائب لرئيس الوزراء لابتزاز الوزراء وتقاضي ملايين الدولارات مقابل عقود ومشاريع وهمية ليختتم الاعرجي مسلسل الاستنزاف الاقتصادي بسرقة اموال النازحين بشراكة مستشاره احمد مصطفى الصدر وتواطؤ صالح المطلك لتنتهي ولاية العبادي بجهود التيار الصدري بمشهد الافلاس المدقع ليلجأ الصدر مكرها لمواجهة الاصلاح ومحاربة الفساد كسبيل لحماية نفسه.

وفي اخر المطاف في ظل حكومة عادل عبدالمهدي تصاعد فساد التيار الصدري ليتربع على اهم الوزارات مستحوذا على وزارة النفط والصحة والكهرباء بسياسة ادارة جديدة تتسلم بها وزارة النفط ادارة الوزارات الثلاث عمل مقتدى على تمكين الحسناوي على وزارة النفط وتسليم مبلغ مليوني دولار شهريا للشيخ حسن العذاري يتم تسليمه للصدر بصورة مباشرة سلمت وزارة الصحة لعبدالحسين الكاظمي مقابل تقديم مبلغ مليون دولار شهريا لمصطفى اليعقوبي وعلي مؤمل الصدر لتسلم الكهرباء لعباس الكوفي المتحكم بجميع العقود مقابل تسليم مليون ونصف دولار شهريا بيد مصطفى اليعقوبي وعلي مؤمل الصدر.

اما مقتدى فكانت ميوله عسكرية. وبدراسة مسبقة وضعت مع بداية الاحتلال الاميركي للعراق، وجه الصدر اتباعه لاضعاف اجهزة امن الدولة وبناء قدرات عسكرية بأموال الفساد الاقتصادي عبر هيئات ووزارات التيار الصدري. تجاوزت قدرات الصدريين الدولة عسكريا وتمكن بعدها انصار مقتدى من تنفيذ سلسلة من الاغتيالات لمعارضيهم طالت عددا من المسؤولين والشخصيات السياسية لارهاب الخصوم كوسيلة ضغط لفرض النفوذ والحصول على الطاعة وتحقيق المطامع الشخصية اذ نفذت سرايا السلام بسامراء عملية اغتيال العميد اسماعيل امر لواء حيدر العبادي تبعها سلسلة إنجازات خلفت مئات القتلى وألاف الجرحى وانفجارات مدمرة كانفجار الحسينية في قطاع عشرة بمدينة الصدر.

وبهذه القدرات العسكرية استطاع الصدر مواصلة مسلسل فساده وتمويل نفسه ومجابهة الدولة للدفاع عن نفسه ومقربيه فكان مقتدى الصدر السبب الرئيسي بتأسيس قواعد الفساد وتدهور الاقتصاد العراقي وافلاس خزينة الدولة. ولم يزل كذلك الى ان يتم اقصاء هذا الدعي وامثاله على كثرتهم من قيادة الشأن السياسي والاقتصادي في العراق املنا في شباب العراق الناهض.