الانتخابات العراقية والضرب تحت الحزام!

التنافس بين الأنداد ينبغي ان يسلك طريق الحب والاحترام، وليس الحقد والامتهان.

اقترب موعد الانتخابات البرلمانية في العراق. ومع اقترابها، زادت المخاوف من اتساع ظاهرة الضرب تحت الحزام بين المتصارعين في حلبة التنافس على الفوز، والظفر بعدد اكثر في مقاعد البرلمان المقبل.

ان التنافس، حالة ايجابية، حين تخلو من الضغينة، والايذاء. فهو صورة للبذل المتواصل، وسبيل لتوجيه الأبصار إلى أعمال الخير للفرد والمجتمع، ومشاريع راقية لبناء دولة حديثة تنسجم مع موروثها ومكانتها في التاريخ، ومسايرة للأفق الحضاري الذي يلف عالم اليوم في الصناعة والزراعة والتعليم والثقافة. لكن ما نلمسه حاليا من حالة التنافس بين معظم الاشخاص والكتل والقوائم الانتخابية، لا ينسجم مع الشفافية وبعيد عن الاخوة والصفاء المفترض بشعب واحد، يسعى الى دخول مرحلة تأسيس دولة مكتملة الاركان بكل المعاني.

في المراحل الانتخابية السابقة، كنا نشاهد تمزيق صور المرشحين، والتمثيل بها، وتصريحات اعلامية نارية تقوم بها اطراف العملية السياسية، لاسيما بين الوان الطيف السياسي، فكل طيف يكيل الاتهامات الى الطيف الآخر، وكان من نتائج ذلك تمزيق وحدة المجتمع العراقي، آثارها باقية حتى اللحظة، بحث نرى جماعة هذا الطيف تنابز جماعة ذلك الطيف. وأخذنا نسمع اشكالا مقرفة من العبارات التي تشكل معاني البغضاء والتفرقة بين مكونات الشعب العراقي، المعروف بتواده ووحدة مشاعره تجاه الوطن بغض النظر عن الطائفة والعرق والمذهب.

نعم ان الوطن كلمة صغيرة، من خمسة أحرف لكنها تختصر معاني الدنيا كلها، فهو التاريخ والأمان والحضن رغم كل عيوبه التي رسمتها الجغرافية، هو الذي يسكننا، وكلما ابتعدنا عنه ازداد احساسنا به وزاد ارتباطنا به.

ان انتقال حالة المنافسة الحالية الى رموز الطيف الواحد، والبيئة الواحدة، وتطورها الى صراع مخيف يؤدي الى تشظي خطير، ينذر بخيبة أمل مجتمعية، فحين انظر الى ما يبثه الاعلام، وما تنقله وسائل الاتصال الجماهيري، وصور المرشحين التي تحمل عبارات تصل الى حد السذاجة، اشعر بالقلق، فنحن ازاء اجواء من عدم الثقة بين ممثلي الطيف الواحد، والمذهب الواحد، فكيف الحال اذا طال الاطياف الاخرى، وهنا لا استثني احدا، فالكل يريد اختزال الوطن في رؤيته. فأين روح المشاركة العامة؟

لا ابخس حق من يرى في ذاته انه اكثر تمثيلا، واعمق رؤية في بناء الوطن، لكني اقول ان هذا الشعور يجب ان لا يدفعنا ان نبخس حق الاخرين في فهم رؤاهم. فهم شركاء في محبة العراق. فالتنافس بين الأنداد ينبغي ان يسلك طريق الحب والاحترام، وليس الحقد والامتهان.

كلي أمل، ان يعي من يتصدى للعملية السياسية بمرحلتها المقبلة، ضرورة التمسك بضبط المشاعر، وتنقية القلب، وإخلاص القصد لئلا ينتقل هذا التنافس من زاوية الضرب من تحت الحزام الى فوقه!