الذكاء الاصطناعي إلى أين؟

محمد حنفي: هناك عدة طفرات أحدثت الثورة الموجودة حاليا.

الذكاء الاصطناعي ليس حديثا، وإنما هو مجهود سنوات طويلة لكثير من العلماء على مستوى العالم منذ خمسينات القرن الماضي، وهناك عدة طفرات أحدثت الثورة الموجودة حاليا، وهناك تطبيقات مختلفة للذكاء الاصطناعي مثل تحويل الصوت المنطوق إلى مكتوب والعكس والتعرف على اللصوص، كما يستخدم في التسويق.

ويحدثنا المهندس محمد حنفي خبير البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات في هذا الحوار عن الذكاء الاصطناعي، ويجيب على بعض الأسئلة الشائعة عنه في عقول الشباب والمتحمسين لدراسته، ويؤكد أنه المستقبل، وسيتغير مستقبل الوظائف في الفترة القادمة نتيجة لهذا التطور السريع.

وأشار أنه هناك عدة أنواع للذكاء الاصطناعي منها:machine learning- deep learning، والتي تم تطويرها بأشكال مختلفة، وهناك شبكات عصبية كثيرة جدا قام العلماء بتطويرها إلى gun network، وتم استخدامها بعد ذلك في صناعة المحتوى باستخدام الذكاء الاصطناعي، وله عدة استخدامات مثل الصوتيات والصور والفيديوهات، ويمكنه أيضا أن يستلهم من المعطيات، ويستخدم أيضا جزء منه في توقع الأشياء، يتم ذلك عن طريق تدريبه على كمية كبيرة من المعلومات وعلى أساسها يستطيع توقع بعض الأشياء.

كما أكد أنه هناك نوع آخر يقوم بتقسيم بيانات العملاءNatural language processing وهي نتائج مجهودات علماء على مر السنين، وهو يقوم باستخلاص البيانات من المعلومات المعطى له، أو إعطاء الإجابات لبعض الأسئلة.

كم يوجد Large language model يتم تدريبه على كم كبير وهائل جدا من المعلومات، فتقوم بإنتاج نموذج مثلchat gpt3  وغيره من التطبيقات والتي يمكن استخدامها في كثير من المجالات مثل استخلاص الحقائق من المقالات والرد على الأسئلة، وبالطبع يكون هناك نسبة من الخطأ لأن المعلومات التي يتعلم منها يمكن أن تكون خاطئة.

ويعقب حنفي على تصريح إيلون ماسك بأن الذكاء الاصطناعي أصبح مخيف ويجب أن يوضع له حدود في المستقبل حتى لا يمثل خطورة على الإنسان، بقوله: "قام إيلون ماسك بتوجيه خطاب لحكومات العالم بعدم استخدام AI في مجال الأسلحة، وهي أن تكون الأسلحة لديها القدرة الذاتية في اتخاذ القرار والعمل آليا"، مضيفا أن ما يقوله "ماسك" صحيح لأننا حتى الآن لا نتصور حجم الإمكانيات التي يمكن يتم تطويرها، فهو يستخدم في المدارس، وفي الجامعات، وفي الأعمال المختلفة، ويمكن أن نضع عليه الكود الشخصي، فهل يمكن أن يعطيه لشخص آخر أم لا.

وأضاف حنفي أن آراء "إيلون ماسك" يمكن أن يكون بها جزء كبير من الصحة ويمكن أيضا،أن يكون لديه غرض خاص وهو إيقاف عملية التطور التي تحدث في هذا المجال؛ بسبب اختلافه مع مؤسسي شركة الAI وقيامه بتأسيس شركة جديدة، ولكن واقعيا لا يمكن أن يتم إيقاف هذا التطور الهائل الذي يحدث في مجال الذكاء الاصطناعي.

وشدد على أهمية أن يطور الشخص مهاراته وأن يعتمد على الإبداع الشخصي وإلا سوف يتم استبداله بالذكاء الاصطناعي، الذي أصبح يهدد الكثير من الوظائف.

وأضاف حنفي أن الذكاء الاصطناعي يتطور بسرعة كبيرة بالفعل، وتجدر الإشارة إلى هذا التطور يجاريه تطور آخر لحماية الإنسان من خطورته، مثال عملية سرقة الصور والصوتيات واستخدامها بشكل غير أخلاقي مثل deep fake ونشرها، ولعل السؤال الهام هنا كيف يقوم الأشخاص بتأمين أنفسهم من ذلك؟ وهل الشخصيات العامة والمشاهير مستهدفين بذلك؟

وهنا يؤكد حنفي على وجود جهود عالمية تتم لوضع أطر وقوانين للممارسات الخاصة باستخدام الذكاء الاصطناعي، ومن المفترض أن تقوم الدول بتطوير الأطر والقوانين الخاصة بها سواء لحمايه الملكية الفكرية أو لحماية الأشخاص، وأهم وسيلة يجب الاعتماد عليها هي، رفع وعي الأشخاص، فيجب على الفرد أن يتوقع احتمالية أن يتم تزييف فيديو له عن طريق الذكاء الاصطناعي، لذا يجب أن يكون الشخص لديه وعي لمعرفة الفيديو الحقيقي، وذلك الذي حدث في بداية استخدام الفوتوشوب، حيث كان الناس لا يستطيعون التمييز بين الصور الحقيقية والصور المعدلة بالفوتوشوب، أما الآن فأصبح الأشخاص لديهم القدرة على التمييز، وهناك أدوات تساعد في معرفة ذلك.

ولذلك من الأشياء الجيدة كما يرى حنفي هوالتطور المستمر لعدد من البرامج التي تستطيع كشف ذلك التزييف، وهناك شبه اتفاق على أن هذه البرمجيات لها بصمة للفيديوهات تؤكد أنه تم عن طريق الذكاء الاصطناعي، وهناك بعض الأقسام الموجودة في الكليات للأدلة الرقمية التي تستطيع معرفه الفيديو المزور من الحقيقي، وذلك ما يحدث في كشف التزوير في الأوراق والإمضاءات في أقسام الطب الشرعي في المحاكم، فسوف يتم تطوير معامل الأدلة الرقمية التي تستطيع كشف ذلك التزوير.

يتم تطوير برمجيات للأشخاص العاديين لاستخدامها في كشف هذا التزييف، بالنسبة إلى الشخصيات العامة فهم مضطرين لنشر الصور والفيديوهات الخاصة بهم أما الأشخاص العاديين فيجب بالضرورة التقليل على قدر الإمكان من استخدام صورهم الشخصية.

وعن رأيه في مقولة أن "الذكاء الاصطناعي يتسم بالغباء الشديد فمثلا عندما نسأله سؤال ونعيد تكرار السؤال بصيغة أخرى فيقوم بإعطاء إجابة مختلفة فبذلك نستطيع خداع الذكاء الاصطناعي لنصل إلى الإجابة المطلوبة، يرى حنفي أنه يجب على الفرد أن يكون هو المتحكم في استخدام الذكاء الاصطناعي، وليس العكس فيجب أن يكون الشخص على وعي ودراية بما يطلبه من الذكاء الاصطناعي  بالتحديد، وأن يستخدمه كمساعد له فقط، ويكون متفهم جيدا لنوعية البيانات التي يطلبها منه، ويراجع جميع العناصر التي يخرجها له، ولا يأخذ النتائج التي يخرجها كنتائج مسلم بها، لأن هذه النتائج يمكن أن يكون بها نسبة من الخطأ، ويمكن أن يخترق المراجع أو يعطي معلومات غير حقيقية أو موجودة بشكل خاطئ على الإنترنت، وذلك لأن الإنتاج العربي قليل جدا على الإنترنت، فإذا تم سؤاله عن شيء يخص التراث العربي فيمكن أن يعطي معلومات خاطئة.

وعن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في السينما والتليفزيون، أشار حنفي إلى استخدام ال Generative AI في التصوير وصناعة الفيديوهات وتغيير الأصوات والصور عن طريق إعطاء الأوامر والمعطيات فقط بدون مجهود من المصمم، وبدأ استخدامه في مجال الأزياء وفي غرف القياس بإنجلترا، كما يمكن من خلاله دمج كثير من الفنانين من جميع أنحاء العالم في عمل فني واحد، ويضاف عليه تعديلات بشكل يومي، كما أن تطبيق deep fake قد وصل لمرحلة متقدمة جدا ويوجد منه مستويات، سواء للأشخاص العاديين أو للشركات.

وفي ختام حواري معه، قدم حنفي النصيحة للشباب ولكافة أفراد المجتمع بضرورة فهم الذكاء الاصطناعي، ومعرفة مميزاته، وكيف يمكن استخدامه في عدة مجالات مثل الشركات، والفن، والموسيقى، والإبداع، والاستفادة منه في جميع المجالات للجميع طالب دراسات عليا، مذيع، معد، سيناريست، محامي، كاتب محتوى، في أي مجال، كما نصح الشباب بدراسة مجال البرمجيات بشكل عام بما فيها الذكاء الاصطناعي، وأشار للفرص التي تقدمها الجامعات، مثل منحة ITI، وغيرها كم هائل من المنح المتاحة عبر الإنترنت.

جدير بالذكر أن المهندس محمد حنفي حاصل على ماجستير في هندسة الحاسب من الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، كما حصل على تدريب في معهد دبلن للتكنولوجيا DIT أيرلندا، وهو مؤسس مركز التميز للتسويق الرقمي ITI التابع لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وله العديد من الأبحاث المنشورة في مجال التسويق الرقمي، ويشغل حاليا منصب مدير أكاديمية التسويق الرقمي.