السبل المثلى للتكيف مع شيخوخة الجسد

محاضرة للطبيب مصعب قاسم عزاوي توصي كبار السن بوضع طبقة رقيقة من زيت الزيتون للحفاظ على بشرة رطبة، وممارسة المشي أو السباحة لتأخير أمراض المفاصل وهشاشة العظام الى جانب اتباع النظام الغذائي الصحي والحفاظ على الوزن الطبيعي، والنوم الجيد، والتعامل الرشيد مع الإجهاد العقلي والنفسي.

فقدان الغدد الدهنية يتسبب في هشاشة الجلد وسهولة التعرض للعدوى
نقص السائل الزليلي يؤدي الى أمراض المفاصل وهشاشة العظام
ضعف جهاز المناعة يفتح الباب أمام الفيروسات والجراثيم والأورام الخبيثة

قام فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع بتعريب لملخص محاضرة باللغة الإنكليزية في مركز التثقيف الصحي المستمر في لندن.
ومما جاء فيها كان كلود برنارد عالماً فيزيولوجياً فرنسياً من القرن التاسع عشر، عُرف بقوله "ثبات البيئة الداخلية هو شرط لحياة حرة ومستقلة" وما كان يقصده هو أن جميع الكائنات الحية، بما في ذلك البشر، تحتاج حقاً إلى الحفاظ على كيمياء وبيولوجيا خلاياها وأعضائها، ثابتة ضمن حدود ضيقة جداً. ويُعرف المصطلح الفسيولوجي المعاصر للوصف الأخير في القرن التاسع عشر بـ"التوازن الداخلي" homeostasis، والذي يعني تقنياً التوازن المستمر في تكوين الجسم ووظائفه.
وفيما يلي سنلقي نظرة على الضغوط الخارجية التي تسبب الشيخوخة وما يمكننا القيام به لحماية أنفسنا منها.
هناك العديد من الأفكار الأساسية حول ما يجعلنا نفقد ألق ومرونة الشباب، بما في ذلك البلى البسيط لكل أجهزة البدن جراء عملها الذي لا ينقطع، والطفرات المورثية الجسدية التي تنتج تغييرات داخل الحمض النووي في خلايانا، ورد فعل المناعة الذاتية المفرط على بعض المؤثرات الخارجية أو الداخلية أو كليهما معاً في بعض الحالات.
 وقد يكون من أهم الزنادات القادحة لتطور الشيخوخة هو تفاعل آثار الجذور الحرة في خلايا البدن، إذ عادة ما تشكل ذرتان جزيئاً عن طريق ربط أزواج من الإلكترونات في الغلاف الخارجي للجزيء.
 إذا فقد الجزيء الكتروناً واحداً من زوج الإلكترونات في محيطه الخارجي، فإنه يصبح جذراً حراً، والذي سيسعى بعد ذلك إلى الارتباط بإلكترون من جزيء قريب لاستعادة حالته الطبيعية. 
وقد يتحد هذا الجزيء، على سبيل المثال، مع جزيء من الحمض النووي الذي يمثل الشيفرة الوراثية في داخل كل خلية حية، مما قد يؤدي إلى تداخل سلبي مع الوظيفة الطبيعية للحمض النووي عن طريق تعطيل العملية الطبيعية لتصنيع البروتينات التي تنتجها تلك الخلية نتيجة لحدوث خلل في بنية الشيفرة المورثية الناظمة لعملية تخليق ذلك البروتين، وذلك الخلل يعرف علمياً بالطفرة المورثية. 
في الوقت نفسه، تعتبر الجذور الحرة أيضاً جزءاً من آلية دفاع طبيعية في الجسم تسمى موت الخلايا المبرمج Apoptosis ، والتي تعني انتحاراً مبرمجاً لخلايا غير طبيعية أو خطيرة.
 وهناك دائماً توازن طبيعي مستمر بين الجذور الحرة اللازمة لوظيفة وحماية موت الخلايا المبرمج، والجذور الحرة المفرطة التي تسبب تلف الخلايا والأنسجة، واختلال ذلك التوازن لمصلحة غلبة الجذور الحرة يؤدي إلى تسارع تطور الشيخوخة ومظاهرها في البدن.
دعونا ننتقل إلى الآثار المترتبة على شيخوخة الغلوكوز، السكر الأكثر شيوعاً في الجسم.
 يلعب الغلوكوز الزائد في الجسم دوراً مهماً في العديد من الأمراض وفي عملية الشيخوخة. 
في عملية تسمى الغلوزة ‏glycation، يتم إدخال جزيئات الغلوكوز الزائدة في البروتينات أو الحمض النووي أو الدهون، وهي تشكل مركباً مقيداً في هذه الجزيئات، مما قد يؤدي إلى سلسلة مرضية من الأعطاب الوظيفية في الجسم. على سبيل المثال، يمكن أن يتسبب هذا التشابك الذي لا رجعة فيه في فقدان المرونة في الأنسجة، والذي يمكن أن يظهر في الجلد كزيادة مستوى التجاعيد. 
كما أنه يسبب العديد من المشاكل التي يعاني منها مرضى السكري مثل مرض الشريان التاجي وارتفاع ضغط الدم وكذلك إعتام عدسة العين، وقد يساهم في العملية التي تكمن وراء مرض ألزهايمر.
بشكل عام، يشفى الجسم الأصغر سناً بشكل أسرع ويكون أكثر تكيفاً للدفاع ضد المواد الكيميائية الغازية. 
إذ يتمتع الجسم الأصغر سناً بكفاءة أكبر للتغذية الخلوية وتدفق الغذيات من خلال الأوعية الدموية لديه، والتي تتمثل بكمية تدفق الدم إلى الأنسجة والأعضاء.
 ويتمتع الشباب بفاعلية أكبر في التمثيل الغذائي الخلوي وإنتاج الطاقة، وأنظمة إزالة السموم مقارنةً بكبار السن.
مع تقدمنا في العمر، تبدأ التغييرات الدراماتيكية في الحدوث في أعماق طبقات الأدمة والتعبير عن نفسها على سطح الجلد. 
على سبيل المثال، نفقد الغدد الدهنية، والتي يمكن أن تسبب هشاشة الجلد وسهولة التعرض للعدوى. لهذا السبب يوصى بالحفاظ على بشرة كبار السن رطبة بشكل صحيح عن طريق وضع طبقة رقيقة واقية من زيت طبيعي غير دهني مثل زيت الزيتون. 
وكذلك يتناقص أيضاً عند كبار السن إنتاج السائل الزليلي، الذي يعمل على تليين المفاصل، وتصبح الغضاريف بين العظام المفصلية أكثر جفافاً وأرق. هذه هي بوادر الأمراض الشائعة لأمراض المفاصل وهشاشة العظام لدى كبار السن، والتي يمكن تخفيفها وتأخيرها إلى حد ما عن طريق الحفاظ على النشاط البدني الجيد مثل المشي أو السباحة بانتظام.
ونتيجة لضعف تنظيم جهاز المناعة، يكون كبار السن أكثر عرضة لجميع أنواع الغزو، من العدوى بالفيروسات والجراثيم إلى الأورام الخبيثة. ومع ذلك، يمكن لمعظمنا اتخاذ خطوات لإبطاء هذه التغييرات والحفاظ على الوظيفة الفاعلة لأبداننا. على قمة قائمة هذه الخطوات، توجد خمسة أركان أساسية، وهي ممارسة الرياضة البدنية المنتظمة، والنظام الغذائي الصحي، والحفاظ على الوزن الطبيعي، والنوم الجيد، والتعامل المتعقل الرشيد مع الإجهاد العقلي والنفسي.