"اللسانيات العربية" تجمع اللسانيين العرب من الماء إلى الماء

مجلة "اللسانيات العربية" هي إحدى الثمار اليانعة التي طرحتها شجرة "مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية" بالرياض. 
المجلة تنشر المشاركات التي تتناول اللسانيات النظرية منها والتطبيقية
المجلة توفر لها نخبةٌ ممتازة من القائمين عليها

مجلة "اللسانيات العربية" هي إحدى الثمار اليانعة التي طرحتها تلك الشجرة المباركة العاملة في مجال اللغة العربية؛ وأعني بتلك الشجرة "مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية" بالرياض. 
فمن بين عطاءات متعددة في مجال رعاية اللغة العربية والعمل على نشرها وتعزيز مكانتها الدولية، وتنمية أدوارها في بيئاتها العربية، والسعي نحو تكريس الاهتمامات المعرفية الرصينة بمجالاتها ودراسات ظواهرها المختلفة، تأتي هذه المجلة إسهامًا مرموقًا ومتميزًا بوصفها عملًا رائدًا ومؤسِّسًا، في مجال دقيق ذي أهمية علمية، وله أبعاد ومقتضيات حضارية، وهو مجال اللسانيات العربية، أو ما يسمى بمصطلح أستاذنا الدكتور محمود فهمي حجازي (علم اللغة العربية). هذا ما صرح به عضو هيئة تحرير هذه المجلة، عالم اللسانيات الدكتور محيى الدين محسب تعليقًا على صدور العدد التاسع من هذه المجلة العلمية الرصينة. موضحًا أنها انطلقت نصف سنوية مع صدور عددها الأول في (ربيع الأول 1436هـ / يناير 2015). 
ولقد جاء في تعريف المجلة بنفسها أنها "مجلة تختص بالدراسات والبحوث التي تعنى باللسانيات العربية والمدارس اللسانية المختلفة وعلاقتها باللغة العربية، وتنشر المشاركات التي تتناول اللسانيات النظرية منها والتطبيقية، مثل الأصوات والتراكيب وتحليل النص وتحليل الخطاب والتداولية، وكذلك علم اللغة النفسي وعلم اللغة الاجتماعي بفروعهما المختلفة وجوانبهما النظرية والتطبيقية.
كما تهتم المجلة بتعليم اللغات لأهلها وللناطقين بها من غير أهلها، واكتساب اللغة الأولى والثانية والتخطيط اللغوي واختبارات اللغة ودراسات الترجمة والمدونات اللغوية".
ولعل الأمر الجدير بالتنويه أن هذه المجلة توفر لها نخبةٌ ممتازة من القائمين عليها. فعلى صعيد الإشراف العام يأتي دور العالم الكبير الأستاذ الدكتور عبدالله صالح الوشمي الأمين العام لمركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية الذي قال في تصريح صحفي عن المجلة "إن المركز يضيف إلى جهوده التي يبذلها في مسارات متعددة إصدار مجلة "اللسانيات العربية" التي تهتم بالدراسات العلمية الرصينة التي تتناول اللغة العربية من منظور لساني معاصر ومن زوايا لغوية مختلفة، إذ تعنى بالدراسات وبحوث علوم اللغة المقارنة والتقابلية والتطبيقية، والدراسات والبحوث التي توظف تطبيقات المدارس اللغوية الحديثة الاجتماعية والبنيوية والتوليدية التحويلية، والدراسات التداولية، ولسانيات النص وتحليل الخطاب". 
وعلى صعيد الكادر التحريري المسئول المباشر عن المجلة  يأتي في الطليعة اللساني السعودي المرموق الدكتور عبدالعزيز العصيلي  - رئيس تحرير المجلة، الذي قال في كتابه القيم "علم اللغة النفسي" إن دراسة اللغة "يجب ألا تقتصر على الأبنية الشكلية الظاهرة، وإنما تشمل بالإضافة إلى ذلك، الجوانب العقلية المعرفية، في فهم اللغة واستعمالها واكتسابها وتعلمها وتعليمها، وما يرتبط بذلك من مسائل ومشكلات". 

Magazines
د. محي الدين محسب

وهو قول يكشف عن آفاق العقل العلمي الذي يدير هذه المجلة، وذلك مع رفيقه مدير تحرير المجلة العالم اللساني الدكتور ناصر بن عبدالله الغالي.
فإذا جئنا إلى هيئة تحرير المجلة فإننا نجدها مكونة من ثلاثة لسانيين كبار هم اللساني السعودي الدكتور عبدالرحمن العارف صاحب الدكتوراه الشهيرة في البحث اللساني في مصر، ثم اللساني المصري المعروف الدكتور محيي الدين محسب أستاذ العلوم اللغوية في جامعة المنيا وعضو لجنة الدراسات الأدبية واللغوية بالمجلس الأعلى لللثقافة بالقاهرة، واللساني التونسي العالم الدكتور لطفي الزليطني، وهو أستاذ اللسانيات بجامعة الملك سعود بالرياض. 
ثم تأتي الهيئة الاستشارية للمجلة لتضم نخبةً علميةً من أكثر من قطر عربي من ذوي الأقدار اللسانية الرفيعة: فمن السعودية الدكتور محمود إسماعيل صالح. ومن مصر الدكتور محمود فهمي حجازي، والدكتور سعد مصلوح. ومن تونس الدكتور صلاح الدين الشريف والدكتور إبراهيم مراد. ومن المغرب الدكتور عبدالقادر الفاسي الفهري، والدكتور محمد غاليم. ومن العراق الدكتور علي القاسمي. ومن الأردن الدكتور نهاد الموسى، ومن السودان الدكتور يوسف الخليفة أبو بكر. ومن لبنان الدكتور بسام بركة.
ومن الواضح عبر الأعداد التي صدرت من المجلة حتى العدد التاسع الذي صدر خلال العام 2019 أن المجلة تستقطب الدراسات اللسانية الجادة المتعمقة في أحدث ما يمكن استثماره من موارد اللسانيات المعاصرة في دراسة العربية ومعالجة قضاياها وظواهرها.
 فإذا نوهنا ببعض موضوعات العدد التاسع مثلًا فإننا نجد من بينها: بحثًا عن الوسم النحوي الآلي للعربية، وآخر عن التحول الدلالي في المعجم بين الاستعارة والمجاز، وثالثًا عن إشكالات التأويل الدلالي في بعض الأبنية التركيبية العربية، ورابعًا بعنوان الفضاء اللغوي وآليات بناء المعنى، وخامسًا عن الأصلية في تعليم اللغة الثانية. وهي جميعًا قضايا بالغة الدقة في مجالها.
وهكذا تكون هذه المجلة عملًا ذا قيمة واعدة في مجال خدمة اللغة العربية التي نعرف جميعًا كم تتطلب خدمتها من جهود وأعمال وتخطيط وسياسات، والأهم كم تتطلب للنهوض بذلك كله من الرجال المخلصين الأكفاء.