"المصرية اللبنانية" تفتتح مكتبتها رغم كورونا

دار نشر الجامعة الأميركية بالقاهرة تغلق مكتبتها بالزمالك، فتتلقفها الدار المصرية اللبنانية لتعيد إحياء المكان.
منة رشاد تراهن على بيع الكتاب الأجنبي الأحدث، والأكثر رواجًا في العالم
تصميم المكتبة تولته واحدة من أهم المصممات في مصر في مجال التصميم الداخلي

في الوقت الذي أغلقت فيه الكثير من مكتبات بيع الكتب العربية والأجنبية أبوابها في بعض مدن العالم، أو تحوَّلت إلى محال لبيع الأحذية أو المأكولات الجاهزة، جاء قرار "آل رشاد" لافتتاح أحدث مكتبة لبيع الكتب في حي الزمالك بالقاهرة في المكان ذاته الذي كانت تشغله مكتبة دار نشر الجامعة الأميركية بالقاهرة في شارع محمد ثاقب؛ وهي المكتبة التي أغلقت أبوابها قبل نحو خمس سنوات أو يزيد، تاركة هذا المكان الحيوي في حي الأرستقراطية الذي تقع فيه أغلب السفارات الأجنبية في مصر منذ نحو سبعين عامًا، والذي يغلب الدبلوماسيون الأجانب على قاطنيه، وهو الحي الذي يقع فيه مكتب وزير الثقافة في شارع شجرة الدرّ، ومقر اتحاد الكتاب في شارع حسن صبري، والقصر الذي تشغله مكتبة القاهرة الكبرى بشارع محمد مظهر، وتتوزع على شوارعه  الرئيسية والداخلية، عشرات الجاليريهات التي تستضيف معارض أحدث لوحات الفنانين التشكيليين، من مصريين وأجانب، كما تعرض للبيع لوحات الفن التشكيلي الأصلية، وأعمال من الفنون التطبيقية جنبًا إلى جنب مع التحف القديمة، وغيرها من محال الحلي والمشغولات الفضية والذهبية المرصَّعة بالأحجار الكريمة، أو تلك المستلهمة من بيئات مصر البدوية في صحاريها الشرقية والغربية في: سيناء ومطروح،  والريفية في: قرى الدلتا أو في نجوع صعيد مصر. 
أقول إنه في هذا الموقع الفريد على جزيرة الزمالك، الذي هو من ممتلكات كنيسة المرعشلي الشهيرة، والذي يحمل الآن اسم "مول ايكونيا" تقع هذه المكتبة الأحدث في مصر التي تابعت مراحل إنشائها منذ كانت فكرة في رأس الناشر المخضرم محمد رشاد، الرئيس الحالي للاتحاد العام للناشرين العرب، ورئيس اتحاد الناشرين المصريين الأسبق، الذي أسس قبل 38 عامًا مشروعه الخاص في مجال طبع الكتاب العربي ونشره وتوزيعه تحت مسمى: "الدار المصرية اللبنانية"، التي سرعان ما أصبحت واحدة من أهم دور النشر، لا في مصر وحدها، بل في وطننا العربي كله، بعد أن اهتمت بنشر إنتاج ألمع الأدباء والمفكرين العرب، فضلًا عن المصريين، وبعد أن جمعت بين نشر السلاسل والكتب المرجعية المتخصصة، بجانب عيون التراث العربي. فضلًا عن مجموعات القصص القصيرة وكتب الأطفال ودواوين الشعر ثم الروايات التي سرعان ما توجتها جوائز عربية ذات سمت عالمي. 

ومع منتصف هذا الشهر سبتمبر/ إيلول، يكون الافتتاح المبدئي لهذه المكتبة الأحدث في مصر، التي تتولى إدارتها منة رشاد، أصغر بنات الناشر محمد رشاد، وهي تعمل معيدة بالجامعة الأميركية بالقاهرة، وتعد حاليًا أطروحتها لنيل الماجستير تحت إشراف الدكتورة نللي حنا. 
 وتشير منة إلى أنها تراهن على بيع الكاتب الأجنبي الأحدث، والأكثر رواجًا في العالم، ذلك الصادر باللغتين: الإنجليزية، أو الفرنسية، على اعتبار أنهما اللغتان الأجنبيتان الأكثر انتشارًا على ألسنة المصريين، وفي المجتمع الثقافي المصري بشكل عام.
 وإن كان الكتاب العربي؛ سواء الصادر عن الدار المصرية اللبنانية أو شقيقتها مكتبة الدار العربية، أو عن أية دار نشر مصرية أو عربية سيعرض في هذه المكتبة ولكن شريطة أن يكون محققًا نجاحًا بين المهتمين بالكتاب، وموضع تقدير النقاد والكتاب المهتمين بهذا الشأن. 
ولكوني أعلم أن أحمد محمد رشاد، الرئيس التنفيذي للدار المصرية اللبنانية، المشرف على هذه الشركة التي تأسست في مصر تحت مسمى "مكتبة المصرية اللبنانية"، كان يقف ضد هذا المشروع منذ سنوات، على اعتبار أن نشاط والده المؤسس في الأصل انصب على طبع الكتب ونشرها، فقد حرصت على أن أتعرف على أسباب تحوّل موقفه من المعارضة أو الرفض إلى  مساندة هذه الفكرة بقوة، فقال لي أحمد رشاد، الذي رافقته في العديد من معارض الكتب العربية: كانت هذه الفكرة مُلِحة للغاية لدى الأسرة كلها، وقد كنت بالفعل أنا المعارض الأوحد لها من منطلق قناعتي بأن المكتبات في مصر مشروع لا يحقق ربحًا بل ينذر بالفشل، على الرغم من ذلك التطور الكبير الذي شهده سوق الكتاب في مصر خلال السنوات العشرين الأخيرة والذي انعكس على شكل المكتبات والهدف منها، ولم يغب عني لحظة واحدة أن إنشاء سلسلة من مكتبات بيع الكتب في مصر ليس هو أفضل مشوع تجاري يتحمس له إنسان. ومن هنا كانت معارضتي لهذه الفكرة طويلًا، ولا سيما أنني الرئيس التنفيذي للدار المصرية اللبنانية، ومكتبة الدار العربية، وربما أكون قد غيرت موقفي المعارض أو الرافض هذا بعدما حدث من متغيرات كبيرة في سوق توزيع الكتاب في مصر، بعد أن تسيدت الموقف شبكات التواصل الاجتماعي، وتغيرت أنماط ترويج الكتاب التي كانت تعتمد في السابق على نشر الأخبار في الصفحات الأدبية والملاحق الثقافية في الصحف والمجلات عن صدور كتاب جديد، فضلًا عن تناول كُتَّاب الأعمدة واليوميات نوعية يفضلونها من الكتب مما يسهم في تنبيه القارئ لصدور كتاب جديد فيشتريه. 

Libraries
باكورة مكتباتنا 

ويشير أحمد رشاد إلى أنه بعد عام 2011 ارتفع عدد دور النشر في مصر بشكل ملحوظ، بينما لم يتناسب مع ذلك ارتفاع عدد المكتبات التي تبيع الكتب وترغِّب القارئ في اقتناء الكتاب، بل إن بعض هذه المكتبات أغلقت أبوابها لسبب أو لآخر. ومع حلول عام 2017 جاء تغير موقفي الرافض؛ فوافقت على خروج هذا المشروع إلى النور الذي كانت شقيقاتي: نرمين، ونورهان، ومنة فضلًا عن والدي أكثر المؤمنين بجدواه وأهميته لنا كناشرين نتطلع إلى فتح نوافذ أوسع يطل الكتاب عبرها على مستهدفيه. 
وقد راعينا أن نعرض في باكورة مكتباتنا هذه ما ننشره نحن من كتب، جنبًا إلى جنب مع أفضل ما ينشره غيرنا، كما راعينا أن نبدأ بمكتبة في موقع تجاري حي، وفي مناخ ثقافي حيوي، ولكنها ليست على مساحة شاسعة فهي تتكون من طابقين مساحتهما الكلية 45 مترًا مربعًا فقط.  
ولا يجد أحمد رشاد أية غضاضة في أن يعترف لي بأنه بالفعل غيَّر أسلوب تفكيره، وهو ما يترجمه تصميم هذا "اللوجو" أو الشعار الجديد للدار المصرية اللبنانية، وتأسيس شركة جديدة بترخيص وسجل تجاري جديد مخصص لنشاط هذه الشركة التي مهمتها تأسيس سلسلة من مكتبات تحمل مسمى "مكتبة المصرية اللبنانية". 
ويذكر لي أحمد رشاد أن هذا المشروع الجديد وضع على محك التنفيذ مع منتصف عام 2019، وقد روعي فيه أن يهتم بالكتاب الأجنبي بشكل ملحوظ؛ لكون الكتاب الأجنبي هو الذي يحقق العائد الفعلي الذي يمكن أن يعد ضمانة لاستمرار المشروع كى لا يكون مصيره هو ما سبق وحدث مع مكتبات أخرى أغلقت أبوابها إلى الأبد. 
ويشير إلى أن تصميم المكتبة تولته واحدة من أهم المصممات في مصر في مجال التصميم الداخلي، وهي نورهان كانجو، أو "كانجو للتصميم والديكور". 
ويذكر أنه خلال عام واحد ستشهد أحياء أخرى مماثلة في القاهرة افتتاح حلقات جديدة من سلسلة مكتبات بيع الكتب هذه.