اليونسكو يصون الأراغوز والفقارة ومسرح الظل

معالم تراثية غير مادية جديدة من مصر والجزائر وسوريا مهددة بخطر الاندثار تنضم الى قائمة اليونسكو، وسط مطالبة بالحفاظ على الموروثات الشعبية وحماية الهوية.
عروض الأراغوز مهددة اليوم بالاندثار
'الفقارة' أهم عامل استقرار في الصحراء
الفقاقير أقدم مصدر مائي للسقي
مسارح خيال الظل تضررت من التكنولوجيا الحديثة والنزوح
أدارج موسيقى الريغي على قامة التراث العالمي

القاهرة - أدرجت اللجنة الدولة الحكومية المشتركة لصون التراث الثقافي غير المادي سبعة عناصر جديدة ضمن قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) للتراث غير المادي الذي يحتاج إلى الصون العاجل.
وتضم قائمة التراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى الصون العاجل عناصر التراث الحي المعرض لخطر الاندثار. وتساعد على حشد ما يلزم من تعاون ودعم دوليين لتعزيز تناقل هذه الممارسات الثقافية بالاتفاق مع المجتمعات المحلية المعنية.
وفي اجتماعها السنوي الذي عقد في موريشيوس، أدرجت اللجنة الأربعاء الدمى اليدوية التقليدية (الأراغوز) من مصر. وقالت اللجنة إن "عروض الأراغوز مهددة اليوم بالاندثار بسبب تطور الظروف الاجتماعية والسياسية والقانونية والثقافية المحيطة بها".
وبدأ الأراغوز في العصر الفرعوني، وكان يسمى "إرغوس".
كان الأراغوز سبباً في ظهور مسرح العرائس الشعبي، الذي تأسس عام 1960 على يد الفنان المصري محمود شكوكو الذي كان يلقب بـ"شارلي شابلن العرب"، فكان يرتدي جلبابه وطرطوره الشهير ليقدم عروضا مبهرة ومتنوعة، وتفرغ في الأربعينيات ليصنع العرائس الخشبية، ومن بين هذه العروض "السندباد البلدي"، "الكونت دي مونت شكوكو"، حتى أفتتح مسرح العرائس الشعبي.
ويعتبر مصطفى عثمان المعروف فنيا باسم صابر المصري أكبر وأشهر لاعب أراغوز في مصر، وهو أحد تلاميذ الفنان القدير محمود شكوكو.
والدمية تصنع قديما من الخشب الخفيف والقماش، ويرتسم على وجهها تعابير ساخرة وطريفة، ويغطي جسمها فستان من القماش أحمر اللون مطرز باللون الأصفر. ويتحكم لاعب الأراغوز في رأس الدمية بأصبع السبابة.
وفيما يخص صوت الأراغوز المميز، فكان يستعين بوضع قطعة من "النحاس" في فمه، لكنها كانت قابلة للصدأ وتسبب له مشاكل صحية، لذلك استبدلها بقطعة من "الأستانلس".
وقالت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبدالدايم في بيان إن "تسجيل الأراغوز بقائمة الصون العاجل للتراث غير المادي يعد إنجازا جديدا للجهود الرامية إلى الحفاظ على الموروثات الشعبية الغير ملموسة، ويعد نصرا غاليا في ميدان حماية الهوية".
وأضافت "التراث المصري يزخر بالعديد من الملفات التي تسعى وزارة الثقافة لتسجيلها بقائمة اليونسكو خلال الفترة المقبلة".
كما أدرجت اللجنة قنوات الري والمعروفة باسم (الفقارة) في منطقة تيديكلت بإقليم توات في الجزائر.
ويتميز الجنوب الغربي الجزائري بتوفير المياه بواسطة طريقة تقليدية تسمى الفقاقير، وهي أقدم مصدر مائي للسقي ساهم ومنذ قرون في إنشاء الواحات في منطقة تيميمون عاصمة إقليم قورارة حيث يمارس تسعون بالمئة من سكان المنطقة النشاط الفلاحي داخل الواحات القديمة وأراضي الاستصلاح الجديدة.

ويبدو أن لفظ الفقارة حسب ما هو شائع، مشتق من الفقرة لأن المظهر السطحي للفقارة هو تسلسل الآبار على شكل العمود الفقري، تنساب من المناطق المرتفعة في اتجاه المنحدر الأرضي حيث نقطة البدء تكون البئر الرئيسية ذات العمق الأكبر والتدفق الأقوى، إلى أن تصل إلى سطح الأرض مستفيدة من قانون الجاذبية، وعندما يصل الماء إلى سطح الأرض يوزّع وفق نظام خاص.
ويرتبط هذا النظام أساسا بالمناطق ذات الطبيعة القاحلة والجافة مما يفسر ظهور الفقاقير في العالم القديم في  آسيا، وأفريقيا، إذ توجد أنظمة ري شبيهة بنظام الفقاقير في أفغانستان وتدعى الخيراص وفي إيران القناة، أما في اليمن الصهريج وفي جنوب تونس تحت اسم نقولة بينما في المغرب تعرف بالخطارة، زيادة على مصر والمدينة المنورة.
وتعد الفقارة بالنسبة للسياح إحدى "غرائب الصحراء الشاسعة".
اهتدى أهالي هذه المناطق إلى تقنية جذب المياه الجوفية وتصريفها إلى السطح عبر قنوات أفقية تحت سطح الأرض والمسماة بالفقارة وذلك لتوفر عوامل مثل المنخفضات الطبيعية والعوامل الهيدرولوجية المناسبة واليد العاملة المتمكنة.
ويعود تاريخ ظهورها بالصحراء حسب ما توصّل إليه الباحث حمادي أحمد الحاج، إلى القرن الثاني عشر الميلادي.
ويحدد أحمد جعفري أستاذ بجامعة أدرار أدوراها الاجتماعية في نقاط أساسية أهمها أنها أهم عامل استقرار في الصحراء الكبرى حيث كان الصحراويون يفكرون في امتلاك حصصهم من الماء قبل الحصول على ملكيتهم من الأرض.
وأدرجت لجنة اليونسكو أيضا مسرح خيال الظل في سوريا.
 وقالت اللجنة إن "التكنولوجيا الحديثة وحركات النزوح الجماعية التي تسببت فيها الحروب أدت إلى انخفاض الإقبال على مسارح خيال الظل خلال السنوات القليلة الماضية".
وتميز فنان خيال الظل بشخصية ذكية وقدرة على محاكاة اللهجات وحفظ أسماء المدن والأماكن بالإضافة إلى سرعة بديهته وخبرته الفنية في الارتجال السريع أثناء مخاطبة الجمهور بالحوار المتقن و موهبته الخاصة في صياغة الأحداث وروايتها من خلف الستارة بأصوات متعددة النبرة وتحريك الدمى.
وكان الكراكوزاتي ينصب خيمة الظلال في مقاهي دمشق الشعبية عارضا حكايات متعددة وحبكات درامية مرنة تتمدد وتتفاعل بالارتجال مع جمهور المشاهدين ولاسيما في أيام شهر رمضان مقاربةً بذلك أجواء موسم الدراما السورية في أيامنا هذه.
ويعتبر الكراكوزاتي ناقدا شعبيا وأديبا حاضر النكتة أعجب ما فيه قدرته على تغيير وتيرة صوته ولهجته ومن الكراكوزاتية المشهورين في دمشق علي حبيب الذي درب رائد المسرح السوري أبوخليل القباني.
ولعل عائلة الحبيب أشهر من مارس هذا الفن في دمشق واستمر هذا الفن فيهم أربعة أجيال بدأ بعد علي الحبيب بأولاده عبد اللطيف وعلي وخالد ثم أحفاده حبيب وخالد وصالح الحبيب.
ومن أبرز الفصول في خيال الظل "الطاحون" و"الحمام" و"آيا صوفيا" و"شمأرين" و"اليهودي"، حيث كانت هذه الفصول وغيرها من أبرز مسرحيات فن خيال الظل الذي اعتبره الدارسون أصلا من أصول المسرح العربي لما كان يعبر في شروط عرضه عن كمال في عناصر اللعبة المسرحية ولما امتاز به من انفتاح على الجمهور وقدرة استثنائية على إشراكه في العملية المسرحية عبر توريط المتفرج بالحكاية وإيهامه بواقعيتها من خلال الظلال المتحركة على طول فترة العرض وتعدد الأصوات.
وشملت العناصر الجديدة المدرجة بالقائمة طقوسا ورقصات من أذربيجان وكمبوديا وكينيا وباكستان.
وتواصل اللجنة اجتماعاتها الخميس للنظر في باقي طلبات ضم عناصر أخرى إلى قائمة التراث غير المادي الذي يحتاج إلى الصون العاجل.
أثرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) قائمتها للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، مدرجة فيها فنّ تحضير العطور في غراس الفرنسية وموسيقى الريغي الجامايكية، خلال اجتماع لجنتها المتخصصة في هذا الشأن في بورت لويس في جزر موريشيوس.
كذلك أدرجت اليونسكو الخميس على لائحتها للتراث الثقافي غير المادي موسيقى الريغي التي ذاع صيتها خصوصا بفضل الفنّان بوب مارلي.
وأشارت المنظمة في بيانها إلى مساهمة هذه الموسيقى التي يعود أصلها إلى جامايكا في رفع الوعي على الساحة الدولية إزاء "مسائل الظلم والمقاومة والمحبّة والإنسانية بطابعها الاحتفائي والاجتماعي-السياسي والروحاني في آن".
وأدرج العام الماضي في هذه القائمة فنّ صنع البيتزا في نابولي الإيطالية والنقش العسيري التقليدي الذي تنجزه النساء في المملكة العربية السعودية.