باحثة مصرية تحلل مواقف أميركا من الثورات العربية

جيهان عبدالسلام عوض تكشف في كتابها خفايا السياسة الأميركية في المنطقة العربية.
الباحثة المصرية تؤكد أن محاولات جماعة الأخوان الإرهابية لم تفلح في اختطاف ثورة يناير رغم الدعم الضخم الذي حصلت عليه من أطراف خارجية
التسلط الأميركي والتدخل عنوة واقتدارا في سياسة المنطقة بما يضمن مصالح إسرائيل

تعد السياسة الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط ثابتة لا تتغير ولا تتبدل مع الرؤساء الجدد سواء من الحزب الديمقراطي أو الجمهوري، فهي تدافع بالدرجة الأولى عن المصالح الأميركية، وعلى رأسها السيطرة على البترول وممراته، وهي تسعى في سبيل ذلك إلى تنشئة وحماية مصالحها عن طريق حراس يقومون على حكم المنطقة. هذا ما أكدته الكاتبة د.جيهان عبدالسلام عوض نائب رئيس تحرير جريدة "الأهرام" في كتابها "أمريكا والربيع العربي.. خفايا السياسة الأمريكية في المنطقة العربية" 
وأضافت أن الولايات المتحدة تسعى إلى الدفاع عن إسرائيل وأمنها وضمان قوتها وتفوقها على جيرانها، وهي بذلك تضرب بالقوانين والمنظمات الدولية عرض الحائط، وتكيل بمكيالين لمصلحة الكيان الصهيوني المتغلغل في أهم مراكز الحكم والإعلام والبورصة والبنوك ويملكون صوتاً انتخابيا لا يُستهان به. وكي تحقق واشنطن مصالحها نجدها تختلق الذرائع للتدخل في هذه الدولة أو أخرى من دول المنطقة وعلى رأس هذه الذرائع التدخل لحماية حقوق الإنسان، ومساندة الأقليات. واعتبر البعض أن من نتائج ذلك الاستفزاز الأميركي تجاه منطقة الشرق الأوسط، هجوم 11 سبتمبر/أيلول 2001، لعدم تدخلها في حل القضية الفلسطينية ومساندتها لتنظيم القاعدة الذي ساعدها في خروج الاتحاد السوفيتي من أفغانستان.
وقالت في الكتاب الصادر عن دار العربي: وجهت السياسة الأميركية بعد يوم الثلاثاء الأسود، إتهامها للمسلمين بالإرهاب، لتستغل الأمم المتحدة لتنفيذ ما تريده من قرارات وتحقيق مصالحها وأهدافها، وأمعنت الولايات المتحدة في سيطرتها الاقتصادية على دول منطقة الشرق الأوسط وزادت هيمنتها على حلف شمال الأطلنطي "الناتو". وظل التمادي في التدخل بعنف في سياسة المنطقة حتى وقع الغزو الأميركي للعراق في عهد جورج بوش الابن بحجة إحلال الديمقراطية والقضاء على صدام حسين الديكتاتور مدعية أنه يمتلك أسلحة دمار شامل، وكانت النتيجة دولة فاشلة، انهار جيشها واقتصادها وتشرد أهلها، ليصب كل ذلك في مصلحة إسرائيل وبإيعاز من المحافظين الجدد.

السيسي أكد أهمية تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على مصادر تمويل وتسليح التنظيمات الإرهابية

وذكرت عبدالسلام أنه عندما جاء باراك أوباما استبشرت الشعوب العربية والإسلامية خيراً إلا أنه عقب خطبته في جامعة القاهرة تأكد المتخصصون أن السياسة الأميركية تجاه المنطقة ستظل ثابتة تدافع عن مصالح إسرائيل بالدرجة الأولى. ومع قدوم دونالد ترامب ونقل السفارة الأميركية إلى القدس وهو ما أرجعه البعض لبدء تدشين "صفقة القرن" - في ظل انشغال العالم بانهيار سوريا والحرب في اليمن والصراعات في ليبيا - ضاعت أحلام المثقف العربي في بلاد يسودها الرخاء والأمان والاستقرار في ظل التسلط الأميركي والتدخل عنوة واقتدارا في سياسة المنطقة بما يضمن مصالح إسرائيل.
ورأت أنه مع كل هذه المعطيات، لا تخلو السياسة الأميركية ولا أعضاء الإدارة الأميركية من تهم الفساد وتسييس القضاء وتدخلات رأس المال اليهودي في الانتخابات الأميركية والقرصنة الإلكترونية لمصلحة مرشح دون آخر كما حدث في انتخابات الرئاسة الأخيرة التي فاز فيها ترامب إثر تدخلات روسية.
وتناولت عبدالسلام في فصلين السياسة الأميركية على المستوى الدولي، والموقف الأميركي من الثورات العربية في مصر وتونس وسوريا واليمن وليبيا والاحتجاجات في البحرين والكويت، حيث ذكرت أن محاولات جماعة الأخوان الإرهابية لم تفلح في اختطاف ثورة يناير في مصر، رغم الدعم الضخم الذي حصلت عليه من أطراف خارجية، ومن خلاياها في مصر، وخرجت جموع الشعب في 30 يونيو/حزيران عام 2013، لتفرض إرادتها مرة أخرى وتطيح بمخطط "التمكين" وبجماعة الإرهابيين.

وأشارت عبدالسلام إلى أن "الأهرام" فتحت ملفات ثورة 25 يناير، بين المكاسب والخسائر، حيث نجحت ـ بعد مرور ست سنوات ـ في أن تكون لمصر سياسة متوازنة تراعى الظروف التي تمر بها البلاد، وتحقق مصالح مصر العليا داخلياً وخارجياً، وأثبتت صحة الموقف المصري بدعم الدولة الوطنية، في ظل الأزمات التي تحاول ضرب مفهوم الدولة في سوريا، العراق، ليبيا، واليمن، وبدأت مصر تنفيذ خطط إصلاح حقيقية على جميع المستويات، وضرب معاقل الفساد في كل مكان. ومازالت ثورة 25 يناير تواجه تحديات كثيرة، أبرزها التركة الثقيلة التي يواجهها الرئيس عبدالفتاح السيسي في الداخل والخارج، جراء سياسات الحكم طوال العقود الأخيرة، إلى جانب المعركة ضد الإرهاب. 
ولفتت إلى أنه في مساء 23 يناير/كانون الثاني عام 2017، تلقى الرئيس عبدالفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أكد خلاله قوة العلاقات المصرية الأميركية وما تتسم به من طابع استراتيجي، وحرصه على الدفع قدماً بالتعاون الثنائي في مختلف المجالات خلال المرحلة المقبلة والإرتقاء به إلى آفاق أرحب. ومن جانبه، وجه الرئيس التهنئة مجدداً للرئيس ترامب على توليه رسمياً مهام منصبه، متمنياً له وللشعب الأميركي الصديق مزيداً من التقدم والازدهار. كما أعرب الرئيس عن تطلع مصر لأن تشهد العلاقات الثنائية الوثيقة دفعة جديدة في ظل إدارة ترامب. وقد تطرق الرئيسان خلال الاتصال إلى عدد من الموضوعات، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والتطرف، حيث أشاد الرئيس ترامب بالجهود المقدرة التي تبذلها مصر على هذا الصعيد. من جهته، أكد الرئيس السيسي في هذا الإطار أن مصر عازمة على مواصلة جهودها لمكافحة الإرهاب والتطرف واجتثاثه من جذوره والقضاء عليه، وذلك رغم الأعباء التي تكبدها الاقتصاد المصري على مدى السنوات الثلاث الماضية وما قدمه الشعب المصري من تضحيات غالية.

وأضافت أن الرئيس الأميركي أبدى تقديره لما تحملته مصر من صعاب خلال حربها ضد الإرهاب، مؤكداً حرص الإدارة الأميركية الجديدة على تقديم الدعم والمساندة اللازمة لمصر في جميع المجالات، فضلاً عن تطوير التعاون الثنائي على مختلف الأصعدة. وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض التزام أميركا بدعم مصر عسكرياً، وقال المتحدث: إن ترامب أشاد بجهود السيسي في مواجهة التحديات الاقتصادية وعرض دعم الإصلاحات التي تقوم بها مصر.
وتابعت أنه في تطور آخر، تفننت شبكة "سي. إن. إن" الأميركية في تغطيتها للشأن المصري في تضخيم أقزام، وصناعة أبطال من ورق، فلم تخجل الشبكة في الذكرى السادسة لـ 25 يناير 2011 من أن تنشر أخباراً عن شخصيات من أمثال باسم يوسف ووائل غنيم وليلى سويف وحمدين صباحي وعبدالمنعم أبو الفتوح وأيمن نور والبرادعي وعمرو حمزاوي وأحمد عبد ربه وعلاء الأسواني للحديث عن يناير وأيامه، على الرغم من تراجع شعبية هؤلاء إلى الصفر بين المصريين لأسباب لا علاقة للدولة أو الحكومة المصرية بها. 
وكانت "سي. إن. إن" سخية للغاية مع وائل غنيم الذي نشرت له تصريحاً يوم 25 يناير/كانون الثاني 2017 يحرض فيه "النشطاء" على مواصلة تحركاتهم مهما تعرضوا لاتهامات بالعمالة للغرب وخيانة الوطن وكراهية الجيش، وكأن هذه الاتهامات الثلاثة لا تكفي لتراجع شعبية هؤلاء النشطاء الذين يستغيث بهم غنيم. وكانت "سي. إن. إن" أكثر سخاء مع باسم يوسف وهي تنشر خبراً له عن صدور أول كتاب له يحمل عنوان "الثورة للمبتدئين" والمؤسف أن الخبر المنشور تضمن صوراً مسيئة للجيش المصري، ولكن الموقف الغريب للغاية هو ما نشرته الشبكة نفسها من تصريح للناشط المتحول إلى إعلامي خالد تليمة يقول فيه إن "النظام لم يتغير رغم تنحي مبارك".
وأوضحت أن وكالة "أسوشيتدبرس" للأنباء أيضا بثت تقريراً مطولاً للغاية بتاريخ 26 يناير/كانون الثاني 2017، بعنوان "مصر تمنع محامياً بارزاً في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان من السفر للخارج"، وذلك حول ما صرح به نجاد البرعي بشأن منعه من مغادرة البلاد، في إطار قضية يواجه فيها اتهامات قانونية تتعلق بتلقي تمويل أجنبي، والغريب أن الوكالة الأميركية نفسها هي التي لم يسبق في تاريخها أن قدمت أي تقرير ولو حتى خبراً من بضعة سطور عن حقوق الإنسان المصري الذي فقد أسرته أو ذراعه أو قدمه أو عينه في محاربة إرهابيين تصفهم الوكالة نفسها بالمتمردين أو مجرد "المتشددين"، وهذا إذا لم تعتبرهم معارضين سلميين. 
وفي عهد ترامب، سعت الإدارة الأميركية لفتح الباب على مصراعيه للجمعيات المشبوهة وعودة التمويل بجميع أشكاله دون رقيب أو حسيب، وأرادت أن تحرم مصر من ممارسة حقها في الرقابة والمتابعة على جميع الأنشطة التي تشكل تهديداً مباشراً، أو غير مباشر لمؤسسات الدولة. إلا أن الجانب الإيجابي الوحيد في هذا الأمر هو تأكيد مصداقية رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي، حينما وقف في مؤتمر الشباب بالإسكندرية في عام 2017 محذراً من محاولات هدم مؤسسات الدولة من الداخل والخارج ومحذراً من أن هناك البعض يريد تكرار سيناريوهات الفوضى والعبث بمؤسسات الدولة. وفي 19 فبراير/شباط 2017، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أهمية تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على مصادر تمويل وتسليح التنظيمات الإرهابية.