بزشكيان مجرد رقم باهت

رسم المرشد الأعلى علي خامنئي للرئيس الجديد بزشكيان الإطار المسموح له الحركة فيه.

بعد كل ذلك الضجيج الذي أثير على خلفية فوز مسعود بزشكيان في إنتخابات الرئاسة الايرانية، وكل ذلك الامل والتعويل الذي عقد على فوزه هذا، فإن الامور جرت تماما وفق القول الدارج: تمخض الجبل فولد فأرا.

في المراسيم التي تمت إقامتها يوم الاحد المصادف 28 يوليو2024، من أجل تقليد مسعود بزشكيان كرئيس للجمهورية، فقد جاء في مرسوم خامنئي بهذا الصدد "تكريسا لإرادة الشعب العظيم، أنفذ أصواتهم في اختيار الشخصية الحكيمة، الصادقة، الشعبية والعالمة، جناب السيد الدكتور مسعود بزشكيان، وأقلده منصب رئاسة جمهورية إيران الإسلامية". لكن الملفت للنظر كثيرا إن خامنئي إستدرك ليشدد على جملة إعتراضية ترسم لبزشكيان خطا أحمرا لا يمكنه تجاوزه لأن ذلك سيكلفه أكثر مما يتصوره. وهذه الجملة كانت "ألفت إلى أن رأي الشعب وتنفيذي يستمران ما دام نهج جنابه هو الصراط المستقيم للإسلام والثورة"!  ولو دققنا في هذه الجملة المريبة حقا فإنها تجعل من رأي الشعب مهما كان لا يمكن أن يتناقض مع خط ونهج النظام الذي على بزشكيان التقيد به.

المثير هنا، ولاسيما وإن عددا لايستهان به من المراقبين والمحللين السياسين قد طبلوا وزمروا كثيرا لبزشكيان بإعتباره محسوبا على ما يسمى بالمعتدلين والاصلاحيين، فقد أكد بكل وضوح في رده على ما جاء في كلام خامنئي، على إخلاصه وتفانيه لأطر النظام وحتى شدد على إشادته برموزه بعد أن سبق ذلك بذكر الخميني عندما قال "أحيي ذكرى الإمام خميني والفريق قاسم سليماني، وأحيي رجائي وباهونار ورئيسي، وجميع خدام النظام، وأنا ممتن لفضل وحكمة المرشد الأعلى." ولم يقف عند هذا الحد بل إنه أضاف وبصريح العبارة "مهمتي وحكومتنا المستقبلية هي الالتزام بالرؤية التي حددها القائد المعظم والسياسات العامة التي أعلنها."

بزشكيان في مراسم تقليده كرئيس للجمهورية، يبدو جليا بأنه قد حدد موقفه وموقعه من خامنئي وفي النظام، وهو بذلك قد بين بما لا يقبل الشك والجدل كونه مجرد رقم من أرقام النظام وحلقة من الحلقات التي تشده الى بعضه وتضمن بقائه وإستمراره، والذي يجب ملاحظته وأخذه بنظر الاعتبار والاهمية، إن مرسوم خامنئي قد أكد على ضرورة "الاستفادة من القدرة الهائلة للشعب"، وهو مايعني بالضرورة ثقافة النظام لأن خامنئي وما سردنا ذكره أعلاه قد جعل من رأي وتصويت الشعب ونهج النظام أمرا وخطا واحدا، وهو ما يعني وبكل وضوح رفض نهج التوسل بالولايات المتحدة والغرب و"العمل الجهادي" على نمط وغرار ما كان يقوم به ابراهيم رئيسي ولاسيما وإنه أكد بأن "رئيسي كان جهاديا ولم يكن يعرف ليلا أو نهارا". وهو يعني فيما يعني التشدد والصرامة في التعامل مع الشعب خصوصا إذا ما تذكرنا بأنه وخلال فترة ولاية رئيسي قد وصل وصل عدد الإعدامات إلى رقم قياسي بلغ 834 في عام واحد. وشدد خامنئي إضافة الى ذلك على أن "مواجهة مؤامرات العدو المعقدة والمتنوعة على مدار السنوات الثلاثين الماضية أحبطها العمل الجهادي لمدة 40 عاما".

فهل هناك من حاجة للتأكيد على إن بزشكيان مجرد رقم باهت أم لازال هناك من يصر على التعويل عليه؟