تونس تحيي الذكرى الأولى لوفاة سيدة الطرب نعمة

دار الثقافة بالسليمانية والمركز التونسي للتوثيق ومركز الاتصال الثقافي تنظم احتفالية لتكريم الراحلة عبر عرض شريط وثائقي عن مسيرتها الفنية وإقامة معرض لأهم صورها ورصد شهادات لاضاءة جوانب من حياتها الفنية.

في اطار الاستعدادات التنظيمية لاحياء الذكرى الاولى لوفاة الفنانة التونسية نعمة والذي سيقع في اطاره توقيع العدد الخاص من سلسلة ذاكرة وابداع حول فقيدة الفن التونسي تم تنظيم لقاء عمل ميداني في دار الثقافة السليمانية.
وستحتضن دار الثقافة التظاهرة يوم 16 أكتوبر 2021 وسيتم في هذا الإطار عرض شريط وثائقي وإقامة معرض لأهم صور السيدة نعمة، مع توقيع اتفاقيتي شراكة مع المركز الوطني للتوثيق ودار الثقافة السليمانية.
وبالتعاون والتنسيق بين دار الثقافة بالسليمانية والمركز الوطني للتوثيق والمركز الوطني للاتصال الثقافي يتم الاعداد للفعالية المعنية باحتفالية التكريم الخاصة بالفنانة الراحلة في الذكرى الأولى للاحتفاء برصيدها الغنائي والفني واسهاماتها في مجالات الفن الغنائي التونسي.
وتضم البرامج معرضا توثيقيا عن مسيرة وتجربة فقيدة الفن التونسي مع عرض موسيقي وفيلم وثائقي يبرز مسيرتها الى جانب مداخلات وشهادات لاضاءة جوانب من حياتها الفنية.
وتعتبر المبادرة لمسة وفاء تجاه الراحلة وأحباء فنها والمولعين بأغانيها.

تعبر بالموسيقى والوجدان عن روح الأغنية التونسية الأصيلة
تعبر بالموسيقى والوجدان عن روح الأغنية التونسية الأصيلة

وقد ولدت نعمة 27 فبراير 1934 ووافتها المنية في 18 أكتوبر 2020  وهي مغنية تونسية من أشهر المطربات التونسيات، شهدت مجدًا فنيًا واسمها الأصلي "حليمة الشيخ"، ولدت في قرية أزمور من معتمدية قليبية في محافظة نابل.
بدأت تغني وتتحسس خامات صوتها عبر أغنية "صالحة" و"مكحول نظارة" وغيرها من الأغاني الشعبية التي أدخلتها إلى أرشيف الأغنية التونسية، وكان ذلك وهي في الحادية عشر من عمرها
وبعد مسيرة طويلة من النجاحات أعلنت اعتزالها نظرًا لظروفها الصحية.
 ولدت لعائلة محافظة من ذرية الشيخ سيدي معاوية وعاشت طفولتها مع أمها بين قرية ازمور وتونس العاصمة في تنقل مستمر، وامها التي جعلتها تنمو وتكبر قبل الأوان، ومن نهج الباشا بمدينة تونس حيث كانت تسكن مع والدتها، كان بيت الرصايصي عبارة عن استوديو للفن حيث تخرج منه أكبر نجوم تونس تألقا ورسوخا في وجدان المجتمع التونسي.
في نهج الباشا كان الاستقرار، وكان الزواج وهي في السادسة عشرة من عمرها، وانجبت نعمة ابنها الأول هشام ثم ابنها الثاني طارق ثم ابنتها هندة. 
وفي أثناء ذلك كانت تغني في الأفراح العائلية، وبسرعة لمع اسمها وأصبح يتردد على افواه الاقارب والجيران، وغنت لأول مرة أمام الجمهور في حفلة خيرية لصالح جمعية المكفوفين، وفي هذه الحفلة وقفت إلى جانب المطربة علية التونسي التي كانت تعتبر المطربة الأولى في "فرقة العصر" التي كان يقودها الفنان "حسن الغربي".
 وأيضا إلى جانب بعض المطربات الشهيرات، غنت نعمة "حبيبي لعبتو" ولاقت هذه الأغنية استحسانا وقوبلت بترحاب كبير من قبل الجمهور الذي لم يسمع بنعمة من قبل.
وانخرطت نعمة في المعهد الرشيدي وأصبحت من مطربات فرقة الرشيدية ولقبها الفنان صالح المهدي بـ"نعمة" ولحن لها مجموعة من الأغاني العاطفية، من بينها "يا ناس ماكسح قلبو" و"الدنيا هانية" و"الليل اه ياليل" كما لحن لها الفنان خميس ترنان "ماحلاها كلمة في فمي" و"شرع الحب" و"غني يا عصفور".
 وكانت الإذاعة التونسية تنقل كل نصف شهر حفلات الفرقة الرشيدية وتقوم بتقديمها مباشرة على الهواء. 
ومن الإذاعة كان الانتشار، ومع الانتشار كانت الشهرة التي جعلتها تدخل الحفلات العمومية من الباب الكبير كفنانة مطلوبة من الجماهير، وفي بضعة أشهر كانت تجوب البلاد التونسية طولا وعرضا من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.
 وكان لهذا الانتشار السريع، وهذه الشهرة المجنحة الكثير من المتاعب..وفي سنة 1958 دخلت الفنانة إلى الإذاعة كمطربة رسمية ضمن المجموعة الصوتية التي كانت تضم أشهر الأسماء مثل "صليحة" و"علية" و"نادية حسن"، ووصلت شهرتها إلى الجزائر وليبيا والمغرب وفرنسا فأصبحت تقيم العديد من الحفلات في هذه البلدان. وغنت في مهرجان انتخاب ملكة جمال العرب ببيروت سنة 1966.
وفي مهرجان ألفية القاهرة سنة 1969، شاركت المطربة نعمة ضمن الوفد الفني التونسي في هذه الاحتفالات، وكتب عنها الأديب والشاعر صالح جودت في مجلة "الكواكب" المصرية فقال في انبهار كبير ما يلي: "الواقع أنني لم أكن أعرف في تونس هذه الثروة الفنية الكبيرة، وهذه الطاقة من الألوان الغنائية، ولا سيما صوت المطربة العظيمة (نعمة) التي تتميز فوق عذوبة الصوت بالحركة والحيوية على المسرح، وبالتعبير الثري على قسمات الوجه، وبالقدرة الفائقة على تحريك الجماهير، وعلى الكثير من مطرباتنا أن يتعلمن من نعمة هذه الخصائص، لأن الغناء ليس مجرد عذوبة في الصوت وإنما عذوبة الصوت لا بد لها من إطار فاخر كإطار نعمة، حيث يتلألأ منها الأداء الحي".

لمسة وفاء تجاه نعمة وعشاق فنها
لمسة وفاء تجاه نعمة وعشاق فنها

أما الأديب والروائي والمسرحي يوسف إدريس فقد خص المطربة نعمة في المناسبات القليلة التي التقى فيها بالوفد الفني التونسي في ألفية القاهرة بهالة غريبة من التبجيل والاحترام واصفا اياها بأنها تستحق عن جدارة لقب " فنانة تونس الأولى".
غنت المطربة نعمة كل الألوان الطربية ولم تكتف بلون واحد، فرصيدها الغنائي يتجاوز 360 أغنية بتلحين أشهر الفنانين العرب، فمن تونس  خميس ترنان، ومحمد التريكي، وصالح المهدي، والشادلي أنور، ومحمد رضا وسيد شطا،  وقدور الصرارفي، وعلي شلغم، وعبدالحميد ساسي، ومن ليبيا  حسن عريبي، وسلام قدري،  وكاظم نديم، ومن مصر  يوسف شوقي، وسيد مكاوي...
وتمثل التظاهرة في دار الثقافة بالسليمانية عربون وفاء وعرفان وتذكر تجاه تجربة فنية وغنائية لها من الأغنية الرصيد الكبير فضلا عن تمثلها الموسيقي والوجداني لروح الأغنية التونسية الأصيلة.