تونس هدف ميليشيا المجلس الرئاسي الليبي

ميليشيا عابثة تهدد الاستقرار في بلد لم يقدم إلى حسن الجيرة.

ما كان مفاجئا هذا التهديد المنفلت من ميليشيا إسلاموية منفلتة تأخذ شرعيتها من المجلس الرئاسي الليبي تحت مسمى "جهاز دعم الاستقرار" بغزو مدن تونسية كبرى. ميليشيات عابثة تنفذ أجندات خارجية في غياب مؤسسة عسكرية وطنية موحدة في بلد تتقاذفه نزاعات قوى غيرمنضبطة تخضع لإرادة حاضنات إقليمية تخترق الأمن الوطني في ظل الفوضى والتشتت الداخلي، وتهدد الأمن الإقليمي برمته.

غياب سيادة وطنية موحدة مجردة من تصنيفات سياسية عقائدية محصنة من تبعية قوة إقلمية فرضت وجودها داخليا، بسط الأرض لتمدد هذه الميليشيات المتمردة على مبادئ النظام العام، طالما تخضع لأهوائها وما يملى عليها في تعليمات مسطرة بأجندات خارجية.

المجلس الرئاسي الليبي سلطة سيادية معترف بها دوليا، ملزمة باحترام القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، والحفاظ على الأمن والإستقرار العالمي والإقليمي، والامتناع عن تهديد أمن دول الجوار.بيان جهاز دعم الاستقرار

لكن المجلس الرئاسي الليبي التزم الصمت إزاء تهديد الميليشيات المسلحة التابعة له باجتياح مدن تونسية جنوبية ولاية قابس ومدينة بن قردان الحدودية، ولم يتحمل عناء إصدار بيان سيادي رسمي باسمه يستنكر فيه السلوك الميليشياوي غير المسؤول ومعاقبة عناصره المتأهبه لإشعال حرب إقليمية، وترك المهمة لـ "جهاز دعم الاستقرار" بإصدار بيان تبرأت فيه من هذا التهديد ونسبته إلى شخص ادعى الانتماء إليها، متوعدة بفرض العقاب عليه وفق "الأحكام الوطنية".

ولا أحد يعتقد أن السلطات التونسية ستقبل بهذا التبرير غير المقتع من قبل ميليشيات منفلتة مازالت قواتها محتشدة على الحدود التونسية بمختلف الأسلحة والآليات الحربية، أرتال من المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة والعتاد والموؤن، تحمل المئات من المسلحين بأزياء عسكرية رسمية تحمل شعار "جهاز دعم الاستقرار".

بيان "جهاز دعم الاستقرار" المعبر عن أسفه لتصريحات عنصر تبرأ منه يرتدي زيه العسكري الرسمي ويتواجد ضمن قطعاته المتأهبة، معتبرا إياها "ممارسة شائنة تتنافى مع الدين الحنيف ومنظومة الأخلاق الحميدة" لم يشر إلى أسباب هذا الحشد العسكري الكبير على الحدود مع تونس، ولم يتعهد بسحبه إذا كان صادقا فيما أعلنه ببيانه الرسمي.

ديباجة "إنشائية" تتناقض مع الواقع الميداني، في بيان إعلامي لا يحمل صفة سيادية في مخاطبة دولة جارة معتدى عليها، ترى حشدا عسكريا يهدد أمنها القومي ينتسب إلى المجلس الرئاسي الليبي المحافظ على صمته حد اللحظة، ولم يبد أية نية لإزالة مظاهر التهديد التي لا تخفي مخاطرها لا على تونس فحسب بل على منطقة المغرب العربي برمتها في ظرف إستثنائي يشهده الشرق الأوسط.

تونس لا تهدد أحدا في أمنه، لكنها تتخذ مواقع الدفاع عن أمنها القومي، ولا تتدخل في شؤون الغير، ولا تسمح بأي اختراق لحدودها مهما كان شكله "عسكري او ميليشياوي مؤدلج أو موجات هجرة غير شرعية"، والتزامها بمبادئها السيادية المدنية المطلقة جعلها بمنأى عن الانخراط في مشاريع إقليمية بأطماع توسعية تحت غطاء حكم "الإسلام السياسي" الذي تطهرت من مساوئه.