ثقافة التبسيط

التبسيط مصطلح يعني التقليل، وهو حديث نسبياً ظهر في الستينيات من القرن الماضي لوصف أحد تيارات الفن المعاصر.
تبسيط الحياة يعني مجموعة من المبادئ التي تهدف إلى تقليل الأشياء والعلاقات إلى حدها الأدنى
التبسيط يساعد على التخلص من الأشياء غير الضرورية لتقليل التشويش

التبسيط (Minimalism): مصطلح يعني التقليل، وهو حديث نسبياً ظهر في الستينيات من القرن الماضي لوصف أحد تيارات الفن المعاصر، التي تميزت بالتجريد والبساطة في المواد والأدوات والتفاصيل، والتركيز على الجوهر، وما ينبغي أن يراه المشاهد فقط، وانتقل المصطلح بعدها لمجالات مختلفة كالهندسة المعمارية، والسينما والتصميم والديكور.. وغير ذلك، ليشمل كل جوانب الحياة.
حياتنا أصبحت كأنها حلبة سباق، نتسارع كل يوم لإنجاز أكبر عدد من المهام التي لا تنتهي، على عجلة من أمرنا طوال الوقت؛ مما يسبب  الكثير من التوتر والقلق، نعمل ونكد، نقترض لنسد، نشتري.. وهكذا!
أسلوب الحياة الحالي يدفعنا للاقتناء، وكأننا إذا اقتنينا المزيد سنصبح أكثر سعادة ورضا، لكن في الحقيقة الأمر على النقيض من ذلك؛ فما أن نتحرر من شغف ونهم الاقتناء والإكثار، سنشعر بالحرية والراحة. 
فتبسيط الحياة يعني مجموعة من المبادئ التي تهدف إلى تقليل الأشياء والعلاقات إلى حدها الأدنى، دونما إخلال؛ لنعيش بالقليل الذي يساعد على الإنجاز والنجاح والسعادة، وتحسين جودة الحياة. ومن أقوال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى"، فقوله المختصر - صلى الله عليه وسلم - قام بتأصيل وتوصيل هذه الحكمة بألفاظ موجزة ومعان كثيرة؛ فيميل الكثيرون لهذا التيار الفلسفي من الفكر في الأعمال والعلاقات.
فن تبسيط الحياة (المينيماليزم ) باختصار هو اقتناء الأساسيات من ضروريات الحياة والتخلي عن الأمور الثانوية التي تسبب ازدحام وتشتت الأفكار، ولكن الأمر أعمق من ذلك بكثير.
يكمن اتباع هذه المدرسة الحياتية في التخلي عن الكثير من الأشياء غير الأساسية والتركيز على الضروريات لنتمتع بحياة أقل تعقيداً وأكثر إثرائاً.
التبسيط في الفن
أميل لهذا المذهب في الفكر والفن وأقدره، وأسعى إليه في الحياة لأنه يعتمد على إيصال الفكرة والفهم العميق لجوهر الأشياء، فينبغي أن يكون العمل الفني مسبوقا بالتفكير كأحد المبادئ الأساسية للإبداع.
والتبسيط يساعد على التخلص من الأشياء غير الضرورية لتقليل التشويش؛ وهو يوضح الرؤية، ويسهّل اختيار المسار الصحيح وتحديده، والوصول إلى الأهداف مباشرة. 
فإذا كان اقتناء الأشياء في الحياة بهدف الكثرة والإعجاب والتفاخر، فسيختفي هذا الإعجاب خلال فترة قصيرة؛ بسبب التعود. 
الإنسان يكون أكثر سعادة عندما يشعر بالتطور في حياته، وهذا عكس الذي يبدأ حياته في حالة الكمال.

-    تجنب أي شيء ليس له قيمة أو أهمية.
-    حافظ على الفراغ خصوصا في عصرنا الحالي؛ حيث أصبحت المساحات والأوقات ضيقة، والعلاقات افتراضية متداخلة، فالفراغ المتاح أصبح قليلا؛ لا تقض على ما تبقى منه بأشياء لست في حاجه إليها، فالتخلص من الكراكيب خطوة مهمة لجودة الحياة فقيمة الأشياء ليست في ثمنها، بل في الفائدة والمنفعة التي نحصل عليها من استخدامها، وإن كان الشيء غير مستخدم فهو عديم القيمة والفائدة.
 منا من يعتقد أن تحقيق النجاح يتطلب الانشغال بكثير من المشاريع والسعي وراء كل الفرص، لكن هذه استراتيجية مجهدة وغير فعالة ؛ فالإنسان لديه قدر محدد من الوقت والطاقة، ولو وزعت على عدد كبير من المشاريع والمهام يعني ذلك أن الوقت والطاقة المبذولة في كل منهم سيكون غير كاف، وهذا التشتت سيقلل فرص النجاح والإنجاز.
معظمنا جرب الانشغال طوال اليوم، ورغم ذلك على آخر اليوم نجد كل شيء كما كان بدون إحراز أي تقدم! وربما نعيش ضغط العمل شهورا وسنينا، ورغم ذلك نجد في النهاية مسارنا المهني  طموحاتنا لم يحدث فيها تقدم! فسبب هذا هو الانشغال بأشياء غير مفيدة.
-    لا يحتاج الكثير منا  لكل هذه  العلاقات، فعلاقات قليلة حقيقية نافعة أفضل من علاقات كثيرة هشة لا يُعتمد عليها.
أصبحت أفكر قبل اقتناء شيء جديد، هل أنا فعلاً بحاجة إليه؟
 لقد قمت بتقليل قطع الأثاث، والكثير من الأشياء لحياة هادئة وأكثر راحة وعملية، التزم بشراء الضروريات، الألعاب والهدايا في المناسبات فقط مثل الأعياد، أسعى لتحقيق التوازن في حياتي من خلال ممارسة أنشطة جديدة متنوعة بعيداً عن التكرار والرتابة، والتبرع والتخلص من الأشياء الزائدة.
لو استطعنا التحكم في التسوق وتوقفنا عن اقتناء ما لسنا بحاجته، سنتعلم تقدير المشاعر أكثر ونشعر بالرضا عن أنفسنا وعن حياتنا، ستساعدنا البساطة على إعطاء قيمة أكبر للعلاقات الإنسانية وسنقدم العاطفةً والمحبة للآخرين.
الرأسمالية مسيطرة علينا منذ عقود ، بات كل شيء كأنه ضروري وأساسي ولا نستطيع التخلي عنه، فأصبحنا ضحايا خدع التسوق والإعلانات والجمعة البيضاء ومهرجانات التسوق، وخصومات، تنزيلات، أسعار عروض تنافسية، والكثير من الرسائل التي نتعرض لها طول الوقت على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، والنتيجة  مجتمع استهلاكي، علاقات هشّة لا يشعر أحد بالآخر.