جدل محتدم حول منع الصلاة في مدارس الجزائر

وزيرة التعليم الجزائرية تؤيد إقصاء تلميذة من الفصل بسبب أدائها الصلاة داخل المؤسسة التربوية، ومواقع التواصل بين مناصر لاصلاحها وتعصيرها التعليم ومعارض لتدخلها في حرية ممارسة الشعائر الدينية.

الجزائر - أثارت تصريحات وزيرة التعليم الجزائرية نورية بن غبريط بشأن رفضها السماح بأداء الصلاة في المدارس جدلا واسعا، خاصة وأنها تمكث في قفص اتهام معاداة العربية والإسلام والاقتداء بالغرب. 
وتسبب تصريح الوزيرة بجدل واسع في الأوساط السياسية والشعبية الجزائرية، وهو ما استدعى رداً رسمياً من وزير الشؤون الإسلامية في الجزائر.
قامت مديرة مدرسة الجزائر الدولية بباريس، نادية مساسي بإقصاء تلميذة بسبب أدائها الصلاة داخل المؤسسة، قبل أن تصدر قرارا يمنع أداء الصلوات الخمس داخلها.
وأيدت نورية بن غبريط قرار معاقبة التلميذة وقالت في تصريح لها "المدرسة قامت بواجبها فقط، وهو معاقبة التلميذة.. الصلاة مكانها المنزل وليس المؤسسات التعليمية".
وتابعت "التلاميذ يذهبون إلى المؤسسات التربوية من أجل التعلم.. وأظن أن هذه الممارسات (الصلاة) تقام في المنزل، ودور المدرسة هو التعليم والتعلم فقط".
وجاء هذا التصريح، أثناء ردها على أسئلة الصحفيين، خلال زيارتها  منطقة برج بوعريريج الجزائرية، الاثنين.

وسبق لوزارة التربية في الجزائر أن أصدرت، مؤخرا، قرارا يمنع فتح غرف جديدة للصلاة داخل المؤسسات التربوية إلا بترخيص من مصالح مديريات التربية للولايات "بحجة أنها لا تدخل ضمن مرافق المؤسسة التعليمية".
وكانت الوزيرة والباحثة والأستاذة في علم الاجتماع، تعرضت إلى هجوم بسبب حذف البسملة من كتب مدرسية، وكانت في كل مرة تضطر إلى التوضيح والتبرير.
وكانت بن غبريط أيدت قرار منع النقاب في الوظائف العمومية، والمدارس، الذي شمل المعلمات والموظفات والتلميذات، معتبرة أنه يجب أن تكون هوية الموظف داخل قطاع التربية وداخل المؤسسة واضحة.
ونالت بن غبريط عام 1982 شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع التربوي من جامعة ديكارت بباريسغرد، وكرست نفسها بعد ذلك للبحث في مجالات دراسات التنمية والتعليم والشباب والمرأة والأسرة وشغلت طيلة مشوارها المهني عدة مناصب في مجالات البحث العلمي والتطوير التقني والمعرفة، علاوة على تنسيق مشاريع البحث في المدرسة والتربية.
وطالبت الوزيرة أكثر من مرة بـ"ترك المدرسة الجزائرية هادئة"، وعدم اقحامها في السجالات الدينية.
وجادلت الوزيرة منتقديها بأنها تطبق برنامجا اصلاحيا بموافقة الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة من أجل تحسين المستوى التعليمي بعيدا عن التأثيرات الأيديولوجية.
وتثير الوزيرة جدلا واسعا في الجزائر بسبب سياستها التعليمية التي تميل إلى الغرب وفرنسا بشكل خاص.
ودافعت بعض الأسماء الثقافية والسياسية والوطنية عن بن غبريط وإصلاحاتها من منطلق أنها تعمل على" تحديث" المدرسة الجزائرية، وأن الوزيرة تواجه حملة لاذعة من طرف دعاة حماة اللغة العربية والإسلام.
في حين يصفها خصومها بأنها ذات توجه فرانكفوني، أي أنها تنتمي إلى التيار الذي يعمل على تكريس اللغة الفرنسية على حساب اللغة العربية في الجزائر، وقد تعرضت بسبب هذا التوجه إلى انتقادات حادة منذ توليها منصب وزارة التربية الوطنية.
وظلت الوزيرة هدفا لانتقادات عدة أحزاب ومنظمات، بدعوى تبنيها لمخطط يهدف إلى فصل المدرسة عن هويتها العربية والاسلامية.
واختلفت الاراء وتباينت بين مؤيد ومناصر لتصريحات الوزيرة صاحبة مؤلفات "نظام أل.أم.دي (ليسانس ماستر دكتوراه) في الجزائر.. من وهم الضرورة إلى خيار الفرصة"، و"الجزائر بعد 50 عاما.. حالة المعرفة في العلوم الاجتماعية 1954-2004"، و"المدرسة الجزائرية.. تحولات وآثار اجتماعية".
وناصر جزائريون موقف الوزيرة وسط خشيتهم من انتشار موجات التشدد والتطرف والتلاعب بعقول الناشئة والتغرير بهم باسم الدين.
واعتبر رواد مواقع التواصل أن الوزيرة كانت على حق في فصلها بين أماكن التعليم والاماكن المخصصة لممارسة الشعائر الدينية.
واعتبروا ان الأجدر بالحكومة أن تنهض بالتعليم الجزائري الذي سجل سمعة سيئة في السنوات الاخيرة على غرار فضائح تتعلق بعمليات غش وتزوير واخطاء كارثية في الامتحانات المصيرية، وان تنظر بجدية الى ملفات حارقة على غرار تحول العديد من المساجد الى بؤر للتطرف.
ويعتقد مراقبون أن الجزائر تشهد عودة إلى مظاهر التطرف وأن السلفية تحن إلى السيطرة على البلاد، أمام انشغال الشارع السياسي بغلاء المعيشة والأزمة الاقتصادية الخانقة.
في حين اعتبر البعض الاخر أن اقامة الصلاة جائزة في كل الأماكن ولا تقتصر على المساجد أو المنازل فقط.
وذهب البعض الاخر الى انتقاد الوزيرة واتهامها بانتهاك المعتقدات الدينية والتعدي عليها.
ذكرت إعلامية جزائرية في تغريدة: "ما المانع من الصلاة يا سيدتي في أوقات الاستراحة و تخصيص قاعة لها؟.. الصلاة هي صلة بين العبد وربه فكيف يحق لكم قطعها؟".
وقال أحد المغردين : "سيدتي الوزيرة الصلاة مكانها في المنزل جيد جداً.. إذن النشيد الوطني مكانه الثكنة وليس حرم المدرسة، الانتخابات مكانها البلدية وليس أقسام المدارس، الاحتفال بيناير مكانه المطبخ و ليس المدارس".
في حين علّق آخر: "يا سيادة الوزيرة التعليم والتوجيه الديني السليم من أهم أدوار المؤسسات التعليمية"
وسارع وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية محمد عيسى الى توضيح موقفه في مؤتمر صحفي قائلاً: "وزارة الشؤون الدينية قامت بالتنسيق والتعاون مع وزارة التربية لمراجعة المناهج التربوية، وتقوية قيم الإسلام والوسطية والانتماء الحضاري للجزائر".
وأضاف الوزير الجزائري: "لا أعلم أن هناك موقفاً ضد هذه المبادئ ولا ضد الصلاة ولا ضد الآية الكريمة، وعندما يحصل ذلك فإن أول من يعرف هو مجلس الحكومة الذي تنتمي إليه الوزارة، وينتمي في مجموعه الى حكومة رئيس الجمهورية الذي نعرفه ونعرف مبادئه ودفاعه على الإسلام".