جمعيات خيرية مشبوهة تعبث بأمن وكرامة التونسيين

الحكومة تشل حركة جمعيات تتستر وراء أهداف انسانية وخيرية لدعم وتمويل الإرهاب، ومنظمة قطرية خيرية تستفز مشاعر التونسيين بحملة 'تحت الصفر'.

تونس - أعاد قيام منظمة قطرية خيرية يشتبه في تورطها في تمويل الارهاب بنشر ملصق دعائي مستفز ومهين لكرامة الشعب التونسي الى الواجهة الحديث عن ضرورة تقنين عمل الجمعيات ومنع المخالفة منها للقانون من العمل وشل حركتها لما تمثله من خطر على أمن ووحدة الشعوب.
وفي غياب بيانات حكومية دقيقة يقدر الأخصائيون في العلوم الاجتماعية عدد الجمعيات الخيرية بنحو 5000 جمعية ينشط 45 بالمئة منها في الأحياء الشعبية فيما ينشط 47 بالمئة منها في الجهات الداخلية مثل محافظات سليانة وجندوبة وباجة والكاف والقصرين وقفصة توزر ومدنين وتطاوين وغيرها، وتركز نشاطها على مناطق ترتفع فيها نسب الفقر والأمية.
وأثار ملصق دعائي قطري بعنوان "تحت الصفر" سخط وغضب مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في تونس.
وجاء في اعلان منظمة قطر الخيرية عبارة "بمائة ريال قطري تمنح الدفء لتونس".
وحثت المعلقات الدعائية التي تخص تونس التبرع لفائدة المتضرّرين من موجات البرد.
وسارعت المنظمة القطرية إلى سحب الإعلان ومحاولة تهدئة مشاعر التونسيين ضد الدوحة ومنظماتها الخيرية.
وأكد تونسيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن مثل هذه الإعلانات تسيء إلى بلادهم التي لا تحتاج إلى ريالات قطر.
وطالب رواد مواقع التواصل الاجتماعي الحكومة التونسية بالتدخل العاجل من أجل إزاحة هذه اللافتة.
ووصف مغردون الحملة بـ"المسيئة والمهينة التي تتاجر بتونس وتعبث بشعبها"، وطالبوا بضرورة محاسبة الجمعيات والمؤسسات التونسية التي تتعامل مع مؤسسات الدوحة.
وشكّك البعض الآخر في مصداقية أهداف هذه الحملة، واعتبروا ان العديد من الجمعيات تتستر وراء أهداف انسانية وخيرية لدعم وتمويل الإرهاب وتجنيد الشباب التونسي وإلحاقهم بالأنظمة المتطرفة في الخارج.
وكشفت الأجهزة الأمنية التونسية خلال السنوات الخمس الماضية أن العشرات من الجمعيات الخيرية تحولت إلى نقاب تتخفى وراءه الخلايا الجهادية مستفيدة لا فقط من التمويلات، وإنما أيضا من دعم تنظيمي ولوجستي خطير ساعدها على التمويه وتجنيد الشباب والفتيات وترحيلهم إلى معاقل التطرف.
وقال فاضل بالضيافي، نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إن تونس صاحبة التاريخ والحضارة والثورة ترفض الإساءة لشعبها بهذا الشكل المهين.
وأضاف: "نموت جوعًا ولا نمد أيدينا لداعمي الإرهاب الذين يحاولون غسل سمعتهم عن طريق التستر وراء شعارات الخير والعطاء"، لافتا إلى أن منظمة قطر الخيرية التي أساءت لشعب تونس هي مؤسسة "تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية".
وتابع: "ابحث عن الموت والخراب والدمار في الأقطار العربية كافة، ستجد حكام قطر هم من يمولونها، وأن ما يقع من عمليات إرهابية في مصر وليبيا وسوريا وكل الوطن العربي هو من صنع وتمويل ودعم الدوحة".
وقالت المحامية التونسية ليلى حداد، إن هذه اللافتة تمثل إهانة كبيرة للشعب التونسي لما فيها من "مس لكرامتنا".
وتابعت: "نحن شعب وإن كان يمر بمرحلة اقتصادية صعبة وفي فترة انتقالية فإننا نرفض هذه الطريقة التي تمس من تاريخ وحضارة الشعب التونسي الذي أزال الديكتاتورية وكرّس الحرية والديمقراطية، ولا يمكن أن تُسوق بأنها تستعطف المنظمات الخيرية".
وأكد ناشطون ان العديد من الجمعيات الاجنبية الناشطة في تونس والعاملة تحت غطاء العمل الخيري ثبت تورطها في أعمال مخالفة للقانون وتم منعها من مزاولة نشاطها.
واعتبر متابعون أنه في حين تساهم دول أخرى في الترويج لتونس كوجهة سياحية لمساعدتها على تخطي الازمة الاقتصادية التي تمر بها تقوم جمعية قطرية بالترويج للفقر الموجود فيها.
واتهم الناشط أنس الشابي حزب حركة النهضة المقربة من النظام القطري، بالوقوف وراء هذه الحملة، معبّرا في تدوينته عن استيائه من استخدام هذا الحزب لاسم تونس من أجل التسول، بينما رأى المدون أبوريان أن "مضمون اللافتة الإشهارية أساء كثيرا إلى الشعب التونسي وصورته كأنه في مجاعة وفقر مدقع وفي حاجة للتبرع".
ودعا المفكر والأكاديمي حمادي بن جاب الله إلى مقاطعة جميع الجمعيات الخيرية المشبوهة وأولها جمعية قطر الخيرية.
وكانت أربع دول عربية، هي الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، قد أدرجت في 17 يونيو من العام الماضي، "مؤسسة قطر الخيرية" ضمن قائمة المؤسسات والكيانات القطرية التي تُشكل خطرا على الأمن والسلم في المنطقة بسبب نشاطها الداعم للمنظمات الإرهابية.
وأعلنت تونس تصنيف 157 جمعية تنشط تحت غطاء "العمل الخيري" تشرف عليها جماعات متشددة تنظيما إرهابيا، وتعليق نشاط 77 جمعية أخرى في خطوة اعتبرها المراقبون "بداية حرب" على الجمعيات التي لها علاقات بالخلايا الجهادية وذات النشاط والتمويل المشبوهين.

وكشفت الحكومة التونسية أن الوزارت المعنية تجري مشاورات بشأن مشروع يهدف لوضع قانون "يضمن آليات رقابة من قبل مؤسسات الدولة تزيد من شفافية الجمعيات من جهة وتحد من التعقيدات التي تعطل إحداث الجمعيات".
يقول مراقبون إن تصنيف الجمعيات الخيرية المشبوهة كتنظيمات إرهابية تعد رسالة موجهة أساسا إلى الإسلام السياسي ولاسيما إلى حركة النهضة التي تقف وراء جمعيات خيرية، واعتبروا أن أي عمل خيري يجب أن يكون بعيدا عن كل أشكال التوظيف السياسي والديني.
وسارع مدير فرع "جمعية قطر الخيرية" في تونس عبد النببي العبودي الى الاعتذار من الشعب التونسي ومحاولة امتصاص غضب التونسيين على ملصقات اعتبروها مهينة  وجارحة.
وأفاد المسؤول في تصريح لـإذاعة "شمس أف أم" بأن الجمعية أصدرت بيانا تعتذر فيه عن هذه الملصقات، موضحا أن الحملة سميت بـ"تحت الصفر" والمقصود بها انخفاض درجات الحرارة.
وأفاد المتحدث بأنه لم يكن المقصود من هذه الحملة "المساس بمشاعر التونسيين".
وكانت مؤسسة قطر الخيرية أكدت في بلاغ لها أنها "أعطت توجيهاتها لوقف الإعلانات الخاصة بهذه الحملة واعتبرت أن ما ورد في الإعلان لم يكن أبداً الهدف منه الإساءة لجمهورية تونس أو شعبها الكريم".
وعبرت عن "تفهمها لكلّ الانتقادات والملاحظات التي وردت من الأشقاء في تونس، وأنّ إدارة جمعية قطر الخيرية تحرص وبشكل دائم على الاحترام الكامل لجمهورية تونس وشعبها وأن ما تقدمه من مشاريع تنموية أو إنسانية هو للتعبير عن التضامن والتلاحم بين المجتمعين القطري والتونسي وتعزيزا لروابط الأخوة بين الشعبين".
وأكد وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن ال ثاني، أن مؤسسة "قطر الخيرية" تعتذر عن معلقة دعائية تخص تونس ووصفها بالخطأ، مشددا على عمق العلاقات التونسية القطرية والاحترام المتبادل الذي يميزها.
كما أكد الوزير القطري في اتصال هاتفي مع وزير الشؤون الخارجية التونسية خميس الجهيناوي، انه تم الشروع في إزالة هذه المعلقات.