حرب عن طريق الخطأ

إنسَ التصريحات الأوروبية! عندما تأتي الحرب سيكونون إلى جانب الولايات المتحدة وضد إيران.

تبدو فكرة مضحكة. أن تقوم حرب عن طريق الخطأ.

أوروبا تضحك على نفسها وعلى العالم وهي تحذر من إمكانية أن تقوم تلك الحرب بسبب الحشود العسكرية التي اكتظ بها الخليج.

لا تريد أوروبا أن تعترف أنها لا تملك سوى أن تمشي وراء الولايات المتحدة إذا ما قررت أن تشن حربا على إيران.

إنها تتحدث اليوم عن تمسكها بالاتفاق النووي بالرغم من أن طرفي الصراع، الولايات المتحدة وإيران قد استسلما لخيار الحرب التي ستقف أوروبا فيها إلى جانب الولايات المتحدة من غير تردد.

واقعيا لم تكن لأوروبا أفكار لحل النزاع الذي نشب بين الطرفين يوم قرر الرئيس الأميركي ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي. لم تعرض أوروبا وساطتها حين قررت أنها لا تزال ملتزمة بالاتفاق النووي. أوروبا تعرف أنها لن تغير شيئا في موقف الولايات المتحدة. أما إيران فقد تُركت لما يمكن أن تقدمه أوروبا من علاج مؤقت. غير أن ذلك العلاج كان هو الآخر رهين الموقف الأميركي. لذلك أبطأت أوروبا من خيارها الانقاذي وهو ما استشعرته إيران فهددت بالإقدام على خطوات تنذر بالانسحاب من الاتفاق النووي. وهو اجراء يمكن أن يعفي أوروبا من التزاماتها بالرغم من أنها لا تزال تصرح بأنها لا تزال حريصة على ذلك الاتفاق.

أعتقد أن أوروبا قد فشلت في أداء دورها.

كان المطلوب منها أن تبقي إيران أسيرة للاتفاق النووي فيما العقوبات الأميركية تخنقها وكان وعدها باختراق تلك العقوبات مجرد وهم. وهو ما اكتشفته إيران وصارت تتعامل معه بيأس، بل وتستخف به.

أوروبا التي تتحدث اليوم عن حرب عن طريق الخطأ لا ترى أن الموقف الإيراني يمكن معالجته عن طريق الحوار. تلك حقيقة ينبغي الاعتراف بها بعد أن وضع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على المائدة الأوروبية الأسباب التي دعت الولايات المتحدة إلى تغليب خيار الحرب.

لقد وضعت أوروبا من جهتها شروطا على إيران من أجل أن تبدأ علاقة طبيعية بها. وهي شروط قريبة من الشروط من الشروط الأميركية. وكان في مقدمتها أن تنهي هيمنتها في المنطقة.    

حاولت إيران أن تتجاهل الشروط الأوروبية وتمنت أن تكون أوروبا مطيتها للانتقال إلى حوار مع الولايات من غير شروط.

لم يكن ذلك ممكنا طبعا.

فلم يكن متوقعا من أوروبا على سبيل المثال أن تقبل باستمرار الهيمنة الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط واستمرار إيران في تهديد عدد من الدول العربية المنتجة للنفط ناهيك عن أن أوروبا نفسها لا تملك في عدد من القضايا الحساسة مثل قضية تطوير الصواريخ البالستية من قبل إيران أن تقف موقف المتفرج الذي لا يرى خطرا داهما.

إن حساسية الموقف أملى على أوروبا أن تعرض على إيران عددا من الشروط التي إن نفذت من قبل الجانب الإيراني فإن موقفها في الحوار مع الولايات المتحدة سيكون سليما وقويا.

غير أن إيران اختارت أن تراوغ وتستمر في لعبة كان أساسها تفكير مراهق فيهدف إلى محاولة احداث شرخ في الجبهة الغربية. وهو تفكير أقل ما يُقال عنه إنه يكشف عن انفصال النظام الإيراني عن العالم وجهله بآليات عمله الداخلية.

صحيح أن أوروبا لا تريد أن تشهد المنطقة الأقل استقرارا في العالم حربا جديدة، غير أنها في الوقت نفسه لا ترى مستقبلا مستقرا في ظل السعي الإيراني المحموم لامتلاك أسلحة محرمة دوليا.  

تلك معادلة حاولت إيران القفز عليها.

ما تسيء إيران تقديره يكمن في الأهمية البالغة عالميا لمنطقة تسعى إلى زعزعة الاستقرار فيها. فهي بسبب تلك القيمة دخلت في نزاع مع العالم وليس مع جيرانها فقط.

لذلك فإن أية جهة عالمية تشعر بالمسؤولية عن السلم والاستقرار في العالم لا يمكنها ن تقف مع إيران، حتى لو كانت تلك الجهة قد تعهدت في وقت سابق أن تعينها في أوقاتها العصيبة.

الحرب التي يمكن أن تقع هي خطأ إيراني.