حقوق المرأة ترفع معدلات الطلاق

المرأة المتعلمة والمستقلة ماديا تراقب حياتها وتحسب الفوائد والخسائر في مجتمعات يولّد فيها الصراع بين ثقافة ذكورية سائدة وانفتاح أفق النساء أسبابا للانفصال بين الأزواج.
الطلاق لم يعد وصمة عار في مجتمعاتنا العربية
الاستقلال الاقتصادي للمرأة هو العامل الحاسم في قرار الطلاق
وعي المرأة بحقوقها الأسرية والقانونية يزداد مع ارتفاع نسبة التعليم بين الإناث

كشفت إحصائية صادرة مؤخرا عن دائرة قاضي القضاة في الأردن أن عدد المطلقات الأميات بلغ في العام 2018، 22 حالة فقط، بينما وصل عدد حالات الطلاق بين المتعلمات إلى 5313 حالة أي أن معدل طلاق المتعلمات بلغ 588 بالمئة.
وأشارت اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة التي تعدّ المرجعية الوطنية المعنية بالمرأة في المملكة بقرار من رئاسة الوزراء، أن "نسب الطلاق ترتفع بين المتعلمات مقارنة بغير المتعلمات؛ لكون غالبية الفتيات في المملكة متعلمات ولديهن وعي بحقوقهن الأسرية والقانونية بالتالي يكون لديهن القدرة على إدراك وجود خلل في العلاقة الزوجية، وعدم تقبل العنف الذي يؤثر حتما على تماسك الأسرة بأكملها، فيكون خيار الطلاق هو الحل الأخير في هذه الحالات".
وتدل بيانات إحصائية عن واقع المرأة في الأردن صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، أن المملكة شهدت تطوراً هائلاً في العقود القليلة الماضية في مجال تعليم الإناث، ويعد هذا التطور من أهم الحقوق الاجتماعية، وأحد أبرز مؤشرات المساواة بين الجنسين نحو تنمية مجتمعية مستدامة.
ويعد ارتفاع نسبة التعليم بين الإناث في السنوات الأخيرة أحد الاسباب التي ساهمت في انتشار وازدياد حالات الطلاق في المملكة من خلال ما تظهره الاحصائيات حيث أن العاصمة سجلت اعلى نسب الطلاق إضافة الى أعلى نسب التعليم بين الإناث وأكثر المحافظات التي تعمل بها المرأة بنسبة تجاوزت 54.2% من مجمل النساء العاملات في المملكة .
وبغض النظر عن المستوى التعليمي أو الثقافي أو الاجتماعي للمرأة، إلا أن الاستقلال الاقتصادي يعد العامل الحاسم في قرار الانفصال عن الزوج.
وتعد استقلالية المرأة المادية واحدة من أسباب الطلاق في بلداننا العربية، فالمرأة العاملة التي تعتمد على نفسها أقدر من غيرها على طلب الطلاق فهي لا تضطر إلى الصبر على زوج يؤذيها ويهينها.

الطلاق
خيار اضطراري للمرأة

وكانت المرأة المتزوجة تتحمل المنغصات، لكن كثيرا من النساء المستقلات اقتصاديا يقررن الآن الانفصال حين لا يكن سعيدات، ولم يعد الطلاق من المحظورات، كما أن الزواج لم يعد أولية لخريجات الجامعات، لأنهن قادرات على إيجاد فرص عمل، وإن تزوجن فإن الطلاق سيكون أيسر اذا واجهن مشاكل في زيجاتهن كما يمكنهن الاعتماد على أنفسهن ماليا بسهولة.
والمتتبع لتحولات المجتمعات العربية في العقدين الأخيرين على الأخص، يلاحظ أن صفة مطلقة لم تعد وصمة عار للنساء المنفصلات عن أزواجهن، على الرغم من تسجيل معدلات مرتفعة من حالات الطلاق سنويا، بسبب الوعي الذي تطور تجاه المرأة وقضاياها، فالنظرة السلبية للسيدة المطلقة أصبحت أخف حدة وسوءا من قبل، وهذا شجع المتضررات من زواج فاشل للإقدام على خطوة الطلاق.
وأصبحت المرأة المتعلمة أو العاملة تراقب حياتها وتحسب الفوائد والخسائر في مجتمعات نمت فيها النزعة الفردية وارتفع المستوى التعليمي والقدرة المالية بين النساء، وبات الصراع بين ثقافة ذكورية سائدة وانفتاح أفق المرأة من أهم أسباب الطلاق، حتى بين كبيرات السن بعد أعوام طويلة من الزواج. 
وبشكل عام لا تسعى المرأة سواء كانت المتعلمة أو العاملة أو الأمية إلى الانفصال عن الزوج، فهو قرار اضطراري بالنسبة إليها، خاصة أن كل امرأة تعي جيدا حقها في الحياة بكرامة لن تستمر مع رجل لا يمنحها هذا المناخ.