حلم أم رهان غربي بائس

لا يوجد شيء اسمه رئيس إيراني معتدل. لو كان موجودا كما توهم الغرب، لكنا رأيناه في روحاني أو خاتمي من قبل.

لأكثر من ثلاثة عقود والبلدان الغربية تحبس أنفاسها مع قدوم رئيس إيراني جديد والتصور بأنه سيأتي بما لم يأت به أسلافه وهذا ما يجري منذ عهد محمد خاتمي ومرورا بعهد حسن روحاني وأخيرا وليس آخرا عهد مسعود بزشكيان. لكن الملاحظة المهمة والملفتة للنظر، إن أي من هؤلاء لم يتمكن من تخطي العتبة الاساسية في النظام والتمكن من التعرض، مجرد التعرض لأي من أساسيات نهج النظام أو برامجه التسليحية المثيرة للهواجس والشكوك.

اللبنات الاساسية للبرنامج النووي الايراني وكذلك مخططات الحرس الثوري من أجل التوسع في التدخلات في بلدان المنطقة، وهما أكثر القضايا إثارة للشبهات والشكوك والمخاوف لدى البلدان الغربية، قد تم التأسيس لهما خلال عهد خاتمي وتفعيلهما بصورة ملموسة خلال عهد روحاني وكلاهما كما هو سائد ومعروف محسوبان على تيار الاعتدال المزعوم!

المثير للسخرية إن التعويل والرهان الغربي على روحاني بأن يحقق الحلم الغربي بالتدشين للتخفيف من غلواء التشدد والتطرف، لكن الذي يجب أخذه بنظر الاعتبار والاهمية إنه وخلال عهد روحاني قد قام مجلس الشورى الايراني بالتصويت على قوانين تنص على حظر دخول النساء الى كليات وكذلك حظر ممارستهن لأعمال بسبب جنسهن، في وقت كان روحاني قد وعد بأن يخفف من الضغوطات التي تعانيها المرأة الايرانية وينزع عنها العديد من القيود التي تكبل حريتها بسبب عامل الجنس.

اليوم، ومع وصول بزشكيان لمنصب الرئاسة وما أثير ويثار بشأن كونه محسوبا على تيار الاعتدال المزعوم وإنه قد وعد ما وعد من أجل رفع العقوبات والتفاوض مع الغرب من أجل ذلك، لكن ليس هناك في ماضي هذا الرجل ما يمكن أن يعول عليه. فعلى سبيل المثال لا الحصر فقد صدرت تصريحات نوعية عنه من قبيل "إيماني هو أن أكون مخلصا للقائد"، كما إنه أعلن لمرات عديدة بأن قاسم سليماني "بطل قومي" مثلما شدد وهو يشير الى نهج النظام "ليس من المفروض أن نغير المسار"، وتعهد بأنه يريد "تحقيق الأهداف التي ينصب عليها الولي الفقيه". إذن، ما الذي يمكن أن يفعله ويقوم به رئيس مشبع بمثل هذه الأفكار والرؤى للبلدان الغربية؟

من المفيد جدا هنا الإشارة الى ما كتبه كان كوغلين، محرر شؤون الدفاع الخارجية في صحيفة التلغراف اللندنية، حيث قال بالحرف الواحد من إنه "لا يوجد رئيس إيراني معتدل، فمن السذاجة الى حد كبير أن نصدق بان الاعتقاد بأن انتخاب مسعود بزشكيان رئيسا جديدا لإيران من شأنه أن يدفع طهران إلى تبني نهج أقل مواجهة تجاه الغرب." وأضاف "وعلى العكس من ذلك، مع اقتراب النظام الإيراني من إنتاج أسلحته النووية واستمرار الحركات الإرهابية المدعومة من إيران مثل حماس وحزب الله في زعزعة استقرار الشرق الأوسط، ينبغي النظر إلى انتصار بزشكيان على أنه ليس أكثر من بادرة خارجية لملايين الإيرانيين العاديين الذين يتوقون إلى وضع حد للقمع الوحشي لحكامهم."

لكن، من المفيد هنا أن نلفت الظر الى أن خامنئي يشعر بالكثير من السعادة عندما يرى بأن الغرب لا يزال يراهن على حصان الاعتدال الذي لا وجود له، لأن هذا الحصان الذي ترقص له قلوب البلدان الغربية طربا ساهم ويساهم في تحقيق العديد من المكاسب لهذا النظام. ويبدو إن خامنئي قد أعد العدة لبزشكيان كي يدلي بدلوه وينتزع من الغرب ما يتمكن على وقع الطبول الفارغة للاعتدال المزعوم!