طهران ومواجهة تميل الى الندرة

الأوضاع في إيران والمنطقة ليس كما يتمنى خامنئي.

يدري المرشد الاعلى للنظام الايراني قبل غيره بأن الايام القادمة لن تكون سهلة ولن تمر بردا وسلاما ولاسيما وإن هناك الكثير من التداخل بين الملفات الساخنة (وإيران من ضمنها)، وإن المصالح العليا لدول عظمى أو حتى ذات شأن على الصعيد الدولي، تجعلها على الاغلب أن تنصاع لما يملي عليها العقل والمنطق، والملفت للنظر هنا، بأن هناك في داخل الاوساط الحاكمة في طهران نفسها من يحذر من هذا الامر ولاسيما وإن تحالفات النظام مع الدول العظمى أو ذات الشأن كلها بين طرف قوي وآخر ضعيف والضعيف هو النظام الإيراني.

انتخابات الرئاسة الاميركية في نوفمبر 2024، تلقي بظلالها على النظام في إيران، ولئن كانت طهران تتمنى من أعماقها بأن لا يفوز ترامب فيها، ولكن حتى لو لم يفز فذلك لن يكون بمثابة العلاج الناجع له ويخرجه من دائرة النار التي تكاد أن تحيط به من كل جانب، إذ أن النظام أشبه ما يكون بذلك الملاكم المتعب وخائر القوى الذي لو واجه أي من متحديه فإن فوزه ليس صعب بل وحتى محال.

على الصعيد الداخلي الاوضاع تسير بإتجاه المزيد والمزيد من الاحتقان، أما على صعيد المنطقة، فإن الاوضاع المتأزمة فيها في ضوء الحرب المندلعة في غزة، ليس هناك ما يمكن أن يوحي بأن طهران ستخرج بحمص منها خصوصا وإن القناعات الدولية والاقليمية وحتى المعارضة الايرانية، تتفق جميعها على ضرورة أن يتم إستبعاد النظام الايراني من أي إتفاق أو محصلة نهائية للأحداث، أما على الصعيد الدولي، حيث إن النظام وبموجب الكثير من المعطيات، يواصل مساعيه السرية المحمومة من أجل حيازة السلاح النووي ونفس الشيء بالنسبة لمساعيه من أجل فرض نفوذه وهيمنته على بلدان في المنطقة كأمر واقع، والامران يثيران حفيظة المجتمع الدولي ويدفعانه للمزيد من التشدد حياله والإصرار ليس على إستمرار العقوبات بل وحتى التلويح بإستخدام القوة إن إقتضت الحاجة.

في إيران، وبعد أن فاز مسعود بزشكيان في الانتخابات والضجة التي أثيرت بشأنه ولاسيما مع عودة العزف على وتر الاعتدال والاصلاح الذي صار واضحا بأنه مجرد كلام ليس له من أي إنعكاس على أرض الواقع، فإن الذي يلفت النظر أكثر هو إن ما يجري في داخل أروقة النظام من شد وجذب بين أجنحة النظام، يدل على إن الاوضاع ليست كما سعى خامنئي للإيحاء بها، إذ يبدو بزشكيان أضعف من أن يقوم بحمل التركة الثقيلة لمشاكل وأزمات النظام من جهة ولما ورثه عن سلفه رئيسي من جهة ثانية، ولذلك تبدو أجواء طهران ملبدة وإن أكثر من عاصفة غير عادية بإنتظارها مع ملاحظة إن قدرة طهران على مواجهة العواصف ولاسيما إذا ما كانت أقوى من عاصفة 16 سبتمبر2022، ليست قليلة فقط بل وحتى تميل الى الندرة.