عرفة صبري يتحدث عن الفيزياء في زمن كورونا

أستاذ فيزياء علوم المواد وعميد كلية العلوم جامعة الفيوم السابق يؤكد أن العلم يبقى هو السلاح الآمن الذي ينبغي على الشعوب الاهتمام به وتشجيع البحث العلمي.
تفشِّي الفيروس أوجد حالةً من الفوضى داخل المجتمع العلمي نظرا لزيادة حالات الإصابة المؤكدة بمرض «كوفيد–19» في العالم
صبري يوضح كيفية تعايش باحثين الفيزياء في زمن كورونا
تم إلغاء وتأجيل المؤتمرات العلمية، التي عادةً ما تكون أرضًا خصبة للأفكار الجديدة والتعاون البناء بين المشاركين 

الأستاذ الدكتور عرفة صبرى أستاذ فيزياء علوم المواد وعميد كلية العلوم - جامعة الفيوم سابقا واحد من أهم الباحثين في مجال فيزياء العلوم وله العديد من الأبحاث في مجلات علمية مرموقة علاوة على أنه مثقف جاد ويقدر العلم والعلماء، وفي هذا الحوار نناقش معه علاقة الفيزياء وكورونا وتأثيرها على البحث العلمي وكيفية تعايش باحثين الفيزياء في زمن كورونا وغيرها من الملفات يوضحها دكتور عرفة صبري وإلى نص الحوار.  
 أكد الدكتور عرفة صبري أنه في الوقت الذي يسعى فيه العلماء لفهم فيروس كورونا المستجد والوصول إلى العلاج المناسب من اجل احتواء الوضع الراهن، أوجد تفشِّي الفيروس حالةً من الفوضى داخل المجتمع العلمي نظرا لزيادة حالات الإصابة المؤكدة بمرض «كوفيد–19» في العالم، حيث تم إلغاء وتأجيل جميع التجمعات بجميع أنواعها منها المؤتمرات العلمية، التي عادةً ما تكون أرضًا خصبة للأفكار الجديدة والتعاون البناء بين المشاركين. 
في الوقت ذاته بدأت المؤسسات البحثية والجامعات تفرض قيودًا تتزايد صرامةً مع الوقت تمثلت في منع العلماء من السفر محليا ودوليا. لذا لجأ العديد من الباحثين إلى الاجتماعات الإلكترونية والتدريس عن بعد كما يحدث في جامعاتنا الآن. ومع ذلك لا يمكن لمثل هذه البدائل أن تعوض ما خسره الباحثون والطلاب بالكامل؛ لأنَّ التجمعات الشخصية بالغة الأهمية للمشروعات التعاونية، بالإضافة إلى المشروعات واسعة النطاق. 

الشيء العقلاني الواجب القيام به هو التباعد الاجتماعي واتباع طرق الوقاية السليمة مما يعني القيام بالأعمال بالطريقة الصحيحة، لا المبالغة فيها أو التقصير في القيام بها

ونبّه صبري أن الاستمرار في إلغاء المؤتمرات لفترةٍ طويلة قد يكون له أثرٌ ضار، وبالأخص على الطلاب، والباحثين الذين ما زالوا في بداية حياتهم المهنية، إذ تعتمد كلتا الفئتين على المؤتمرات للعثور على الوظائف، والإعلان عن أعمالهم وفتح قنوات تواصل بين الكليات والمعاهد والمراكز البحثية للتعاون في البحث العلمي. وبينما كان العلماء في المعتاد يسافرون كثيرًا لعرض أعمالهم، وإلقاء المحاضرات العامة، ومراجعة المقترحات، وحضور المؤتمرات، التي يشهدها عدد كبير من الحاضرين من دولٍ مختلفة، فإنَّ الوضع قد تغير الآن، حيث بات من الصعب معرفة كيفية التخطيط لأي شيء في الوقت الحالي، نظرًا إلى عدم معرفة  القيود التي قد تُفرض في المستقبل، ورغبتنا في أن نكون بشرًا أصحاء، وليس ناقلين للمرض.
وقال دكتور عرفة صبري إنَّ قرار إلغاء أو تأجيل مؤتمرٍ ما ليس بالقرار السهل على الإطلاق، وخاصةً في مع  انتشار مرض (كوفيد–19)، فقد كان من المقرر عقد المؤتمر الدولي الثالث لكلية العلوم جامعة الفيوم في نهاية مارس/آذار 2020 بعد أن تم دعوة أساتذة متخصصين في العلوم الأساسية من مختلف الدول حيث تم إلغاء تذاكر السفر وحجوزات الفنادق الخاصة بهم علما أنه المؤتمر الذي ننتظره (أساتذة – هيئة معاونة- عاملين وطلابا) كل عامين. 
لقد قررنا أنَّ من أفضل ما يمكننا فعله لمجتمعنا وضيوفنا هو تأجيل المؤتمر لأجل غير مسمى حفاظا على صحة المشاركين. تم أيضا إلغاء الاجتماع المهم والموسّع للجمعية الفيزيائية الأميركيةAPS  قبل يومٍ من الموعد المقرر لبدايته (شهر مارس/آذار 2020) وكان كثيرٌ من العلماء قد وصلوا إلى مقر الاجتماع بالفعل، أو في طريقهم إليه، عندما علموا بهذا التغيير الذي جاء في اللحظات الأخيرة، وأغلبهم قَدِم من خارج البلاد، لذا أذهل قرار الإلغاء المجتمع العلمي.
وأشار عميد كلية العلوم السابق إلى أنه من الطريف أن باحث الفيزياء الفلكية دانييل ريردون Dr. Daniel Reardon  الاسترالي الجنسية - جامعة ملبورنThe University of Melbourne أنه أثناء محاولة منه لكسر حالة الملل أثناء العزل المنزلي فكر في اختراع قلادة تحذر الأشخاص عند إقدامهم على لمس وجهوهم وذلك منعا للإصابة بفيروس كورونا- كويفد -19 إلا أنه أدخل المستشفى بسبب قطع مغناطيسية علقت في أنفه اثناء تصميمه تلك القلادة التي تحتوى على قطع من مغناطيس النيوديميوم Neodymium magnet  الشديد القوة. وأضاف ريردون أنه اخترع عقداً يرن بشكل مستمر عند قيام الشخص بتحريك يديه تجاه وجهه. هكذا نرى أن العلم يسعى لخدمة البشرية كلا من زوايا مختلفة.

من المفيد هنا أن نُذيل حوارنا معه بما ذكره لنا دكتور عرفة صبري من نصائح عن فيروس "كورونا" منها: تم تقدير فترة حضانة الفيروس - أي الفترة من العدوى إلى ظهور الأعراض، والتي يستطيع الشخص خلالها نقل العدوى -  ما بين خمسة وسبعة أيام (على الرغم من أن التقديرات تتراوح من يومين إلى أربعة عشر يوما) وذلك مقارنة بالأنفلونزا الشائعة التي لها فترة حضانة من يومين إلى 3 أيام. هذا يعني أنه لا توجد طريقة لمعرفة ما إذا كنت قد أصبت بالفيروس لعدة أيام، حتى تظهر الأعراض. ولا توجد طريقة لتعرف ما إذا كنت قد اتصلت بالفعل بشخص مصاب ام لأ. لا يوجد لقاح أو مصل حتى الآن بل ربما يحتاج ذلك إلى شهور. لا يوجد علاج فعال بدرجة قاطعة في الوقت الحالي، على الرغم من أنه تُوجد أدوية يتم تجربتها ولها نتائج مُرضية. ولما أن الوقاية خير من العلاج لذا فمن أكثر الأشياء العملية التي يمكن للفرد القيام بها: (أ) اغسل اليدين بالصابون وبعناية لمدة 20 ثانية على الأقل، (ب) البقاء في المنزل، أي ممارسة "التباعد الاجتماعي" حتى وإن كنت بصحة جيدة، (ج) شرب الكثير من السوائل. (د) الاتصال بالطبيب إذا شعرت بالمرض مع اتباع التعليمات. وإذا أصبت بالفيروس، فهناك فرص جيدة للتعافي، خاصة إذا لم تكن تعاني من ظروف صحية شديدة.
يتعين علينا ألا نعرّض الآخرين للإصابة بالفيروس، لذا علينا واجب أخلاقي بعدم الذهاب إلى العمل، إذا كنا مرضى. إضافة إلى ذلك، لدينا التزام بمساعدة الآخرين على التفكير، وليس الذعر بشأن ما يحدث. تقديم كافة الأعمال الإيجابية للآخرين مثل التبرع بالمال للمنظمات التي تساعد في مكافحة الأوبئة أو للفئات المضارة من عدم عملها لكسب قوتها اليومي. كما يجب أن نتعامل مع المصابين بلطف، وكذلك الأطباء والممرضات وكل مقدمي الرعاية، لأنهم موجودون لمساعدتنا، وهم يقومون بعمل مرهق للغاية.
يبقى العلم هو السلاح الآمن الذي ينبغى على الشعوب الاهتمام به وتشجيع البحث العلمي مع إعلاء شأن كليات العلوم والمراكز البحثية ليس لنهضة الأمم فحسب بل في التصدى لمثل تلك الأوبئة التى كبدت البلاد خسائر فادحة في شتى المجالات. علينا أيضا إعلاء شأن القطاع الصحي للدور الحيوي الذي يقوم به هذه الأيام حيث بات خط الدفاع الأول لحماية المواطنين. كما وجب علينا الاستعداد الجيد للتعليم عن بعد تحسبا لتكرار مثل هذه الظروف لاقدر الله، كأن يتم تدريس جزء من المقررات الدراسية عن بعد أثناء العام الجامعي. بات أيضا ضرورة وجود قناة تعليمية بالكليات لكي يمكن من خلالها بث الدروس النظرية وإيضاح للطرق المعملية.
وختاما أكد عميد كلية العلوم السابق بجامعة الفيوم أن العقل يُملي علينا في هذه الظروف عدم المبالغة في الحديث عن خطر فيروس كورونا، وأنه لا يزال مقلقًا. أن الشيء العقلاني الواجب القيام به هو التباعد الاجتماعي واتباع طرق الوقاية السليمة مما يعني القيام بالأعمال بالطريقة الصحيحة، لا المبالغة فيها أو التقصير في القيام بها.