عن ضوابط وقواعد وأسقف نصرالله

حزب حسن نصرالله سيدافع عن نفسه حتى الموت بمعنى إنه يعلم بأن المواجهة في التحصيل الحاصل لن تنتهي لصالحه.

على أثر التصعيد الحاصل بين حزب الله واسرائيل، وتزايد المخاوف من إحتمالات إندلاع المواجهة ونشوب حرب على الجبهة اللبنانية، فقد بدأت حرب التصريحات المتبادلة بين الطرفين، وكل منهما يهدد الآخر بالويل والثبور. لكن الذي لفت النظر كثيرا في حرب التصريحات المتبادلة، هو ما جاء في خطاب للسيد حسن نصرالله ألقاه في تأبين القيادي في حزبه سامي طالب عبدالله (أبو طالب)، إذ ظهر واضحا بأن رفع كثيرا من عيار التهديدات بحيث أوصله الى مستوى يمكن وصفه بالتهديد الشمشوني ولاسيما إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار والملاحظة توسيع دائرة تهديداته بحيث شملت قبرص أيضا بل وحتى لمح بالتهديد للولايات المتحدة ذاتها!

نصرالله شدد في خطابه الطويل هذا على كثير من الامور لكنه جمع ولخص كل ما ذكره في جملة مفيدة واضحة المعالم وهي: "إذا فرضت الحرب على لبنان فإن المقاومة ستقاتل بلا قواعد أو ضوابط أو أسقف." وهذه الجملة يمكن أن نستسقي العديد من المقاصد والاهداف، ولعل أهمها الخوف الواضح من حجم المواجهة مع إسرائيل والذي لم تخف أوساط سياسية لبنانية مخاوفها من هول هذه المواجهة ومن إنها ستدمر لبنان تماما. كما إن هذه الجملة تدل أيضا على إن حزب حسن نصرالله سيدافع عن نفسه حتى الموت بمعنى إنه يعلم بأن المواجهة في التحصيل الحاصل لن تنتهي لصالحه!

جملة القتال بلا قواعد ولا ضوابط ولا أسقف، تلفت النظر كثيرا لأن قائلها سبق وإن تصرف في لبنان وحتى في المنطقة تصرفات لم تكن مبنية على قواعد وضوابط وأسقف، ولاسيما وإن الحزب يتصرف في لبنان وبعلم ومرئى من الجميع كدولة داخل دولة، في وقت لم يعد خافيا على أحد التبعية وليس الارتباط الوثيق جدا للنظام الإيراني فقط وكونه أحد أذرعه الاساسية في المنطقة، إذ أن تبعية هذا الحزب وشذوذه منذ بداية تأسيسه عن الخط والسياق السياسي العام السائد في لبنان، يدل على إنه كان ولازال يشكل حالة سلبية ليس في لبنان فقط بل وفي المنطقة والعالم.

جعل الاعتبارات الدينية ذات الصبغة العقائدية ميزة لحزب الله، وإظهار نفسه كمدافع هصور عن القضية الفلسطينية، وحتى غلبة ذلك على الاعتبارات الطائفية التي صار الحزب يرى بأنها سترتد عليه سلبا في منطقة أغلبيتها من أهل السنة، إنما كان ولا زال من أجل المزايدة وإستغفال العقول والضرب على أوتار حساسة وحتى إنه ووفق حسابات الربح والخسارة فإن لبنان بصورة خاصة جدا أكبر متضررة منه من جميع النواحي دونما إستثناء. وبهذا السياق لا يمكن أبدا نسيان ما قد حل بلبنان في حرب صيف 2006، والتي يمكن أن تكون مجرد نزهة في مقابل ما سيحدث للبنان في الحرب القادمة.