قوة حماية طرابلس تدخل المعترك السياسي

ثروات ليبيا الكبيرة ترسم مستقبل تقاسم الميليشيات للثروات بحجة تقاسم السلطة.

مجموعة التشكيلات المسلحة المتواجدة بطرابلس والتي تقاتلت فيما بينها لتضارب مصالحها، ثم سرعان ما اتحدت وصدت "العدوان الخارجي" على العاصمة وحررت طرابلس الكبرى وأصبحت تحت سيطرتها، كان يفترض لهذه الميلشيات وفق اتفاق الصخيرات والمؤتمرات اللاحقة بالخصوص، ان تنضم الى قطاعي الجيش والشرطة وتذوب فيهما، وتساهم في استتباب الامن وتقديم الخدمات للمواطنين.

وزير الداخلية المفوض، الذي يفترض ان تتبعه هذه الميليشيات المنضوية في المجال الامني، كثيرا ما عبّر عن انزعاجه من تصرفاتها، وعدم طاعتها لأوامره، وأنها تحاول ان تجعل لنفسها ذمة مالية مستقلة. ليس هذا فحسب بل وصل الامر بها الى عدم الاعتراف بأي قرار يصدر عن رئيس المجلس الرئاسي منفردا دون اشراك بقية الأعضاء (امضاءاتهم اجمعين). ترى عن أي دولة مدنية نتحدث؟ وماذا ننتظر من المجلس الرئاسي وحكومته الرشيدة ان لم يستطع السيطرة على الميليشيات سواء بجلبها الى بيت الطاعة او حلّها؟

مجلس الرئاسة لم ينبس ببنت شفة بالخصوص، لأنه يدرك ان لا شرعية قانونية له، فهو منصّب من الخارج، مغتصب للسلطة التنفيذية كما الميليشيات، تغتصب المناطق التي تسيطر عليها بقوة السلاح، أي انهما وجهان لعملة واحدة تم صكها برعاية القوى الدولية والإقليمية. اما الرصيد الضامن فهو مقدرات الدولة الليبية السابقة (الأرصدة المجمدة بمختلف بنوك العالم، والشركات الاستثمارية بالخارج) واللاحقة (مبيعات النفط والغاز)، وبالتالي وجب عليهما التعايش سلميا والاستفادة قدر الإمكان من حالة الفوضى، وإهدار المال العام وكل ذلك بمقدار يحدده الاولياء على القصّر وفاقدي الاهلية.

يبدو ان "قوة حماية طرابلس" ترغب في دخول المعترك السياسي وإنشاء حزب، فكونت مكتبا سياسيا يتولى مقابلة سفراء الدول الأجنبية الذين يجوبون كافة انحاء البلاد بعد ان كانوا مقيدين بمسافة محددة، عشرون ميلا ولا يجرؤون على تجاوزها، ويتدخلون في كل شاردة وواردة، لم لا والبلاد لا تزال تحت الفصل السابع. تؤكد الاخبار ان أعضاء من المكتب السياسي للـ"قوة" ناقش مع مساعدة رئيس بعثة دعم الأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني ويليامز اخر المستجدات على الساحة الليبية، وأعربوا عن نيتهم في توسيع دائرة المشاركة لقوة حماية طرابلس لتصبح قوة لحماية المنطقة الغربية بالكامل أي السيطرة على اقليم طرابلس الغرب وما ينتج عنه من اقتتال داخلي، والهدف اقامة دولة جهوية داخل الدولة الليبية التي نسعى جميعا لتثبيت وحفظ حدودها وفق المصطلح السياسي، سفراء الدول الأجنبية ومندوبيها هم من يصدرون الأوامر الى من نصبوهم على الشعب عنوة، لتنفيذ مخططاتهم التي تدر عليهم الربح الوفير.

في غياب الدولة وانعدام الضمير وظهور مشعوذين بستار ديني ودار افتاء تختلق الفتن، اصبح كل شيء جائز. المجرمون يستولون على الأموال العامة والخاصة ويكونون ميليشيات يرهبون بها البشر، وعند الضرورة يسعون الى تكوين اجسام مدنية (احزاب سياسية) لدخول العمل السياسي يغيرون جلودهم كما تتغير الحرباء عند شعورها بالخطر، وآخرون سرقوا ونهبوا لكنهم لم يلطخوا اياديهم بدماء الشعب كونوا أحزابا سياسية فلم ينالوا إلا أصوات الاحباب والأقارب والمعازيم. انهم يسابقون الزمن، لأنهم (القوى الإقليمية وأذنابهم) يدركون ان دوام الحال من المحال، ان بقاء الاجسام المسلحة رهن بتحرك جماهيري غاضب بمختلف الساحات والميادين، اشبه بتلك المظاهرات التي عمت ميدان الحرير وبقية الميادين بالقاهرة، فأسقطت فرعون مصر الحديث، واستشاط السلطان العثماني غضبا، عندها وفقط لن نجد لهؤلاء المجرمين موطئ قدم بيننا، وسينالون جزاء ما اقترفت أياديهم من سلب ونهب وقتل وتدمير، وما ذلك ببعيد.